على طريقة الملوك والأمراء والسلاطين الذين حصنوا أنفسهم من النقد، باصدار قانون عرف باسم (قانون العيب في الذات الملكية أو الذات الحاكمة)، يعتزم انقلابيونا في السودان اعادة بعث واحياء هذا القانون القراقوشي المعيب من بعد ما طواه النسيان، باصدار قانون مماثل بل مطابق له، ففي الأنباء أن السلطة الانقلابية بصدد اصدار قانون يجرِّم ما أسماه الإساءة لقيادات الدولة والمساس بهيبة الدولة، ويعاقب القانون المزمع بحسب ما رشح عنه، كل من ينشر أو يقوم بتوزيع مقاطع صوتية أو مصوّرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تستهدف النيل من هذه الذوات الحاكمة، وقال المصدر الذي كشف الملمح العام لهذا القانون التسلطي، ان القانون سيرى النور قريبا وأنه أي القانون يأتي لسد الثغرات ومنح صلاحيات لجهات لم يحددها (المؤكد أنها الأمن والشرطة والاستخبارات والدعم السريع وربما الحركات المسلحة)، لتقوم بدورها دون الرجوع لقيادات الدولة.. وهكذا كما ترون يريد ملوك السودان الجدد الارتداد بمستوى الحريات العامة القهقري الى أزمنة (قانون العيب في الذات الملكية)، هذا القانون التسلطي التحكمي المعيب والذي ترفع عنه حتى النظام المباد رغم بطشه وقهره لمعارضيه وكبته الحريات، فقانون العيب في الذات الملكية الذي يستهدي به الانقلابيون ويعيدون سيرته السيئة، ينص على أن العيب في الذات الملكية أو إهانة الذات الملكية أو العيب في الذات الحاكمة تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون وتعتبر من جرائم الخيانة العظمى، وبحسب هذا القانون الجائر تتحقق الإهانة بقول أو فعل أو كتابة أو رسم أو غيره من طرق التمثيل يكون فيه مساس تصريحا أو تلميحا مباشرة أو غير مباشرة من قريب أو من بعيد، بتلك الذات المصونة، ويعتبر القانون أن ذات الملك أو السـلطان أو رئيس الدولة كيفما كانت تسميته، مصونـة لاتمس، واحترامـه واجب، وأمره مطـاع.. ان صدور هذا القانون يشكل سبة في جبين الشعب ولابد من اجهاضه في مهده، حيث أنه يجعل لمن سيطروا على حكم البلاد بالقوة، حصانة تجعلهم فوق النقد، وبذلك يضع هذا القانون الجائر ذواتهم الفانية في مقام واحد مع الذات الالهية المنزهة عن الخطأ، كما أنه يحوي مواد هلامية فضفاضة وليس له ماهية واضحة، وسيكون خاضع لتأويلات عدة وفق أهواء السلطة، كما يعطي هؤلاء الملوك الجدد احساسا زائفا بالارتفاع عن عامة الناس والترفع عليهم، وهذه خصيصة ولك أن تقرأها خسيسة في الحكام الا من رحم ربي، فأيما حاكم لا يري الناس الا مايرى، ولا يحب ان يسمع منهم الا ما يريده ويطربه، ولا يسعده منهم الا من يزمر له ويصفق من أصحاب الكلمة و الرأي، فهو يدرك خطورتهم علي الرأي العام و استقرار ملكه و خضوع الرعية لسلطانه، وما يحير هو لجؤ السلطات الانقلابية لاستصدار هذا القانون، رغم أنها فرضت عمليا قانون الطوارئ، وما رست فعليا الإعتقال التعسفي، وقتل المحتجين السلميين وتعذيب المعتقلين، ثم أن القانون الجنائي الساري الآن في البلاد والذي يتحاكم بموجبه كل أفراد الشعب بلا استثناء، فيه من المواد ما يتعامل مع قضايا القذف واشانة السمعة بما لا يترك حاجة لهذا القانون، اللهم الا كما قلنا أن هؤلاء الحكام يعتبرون انفسهم فوق الشعب ولا يصح ان يلجأوا لقانون يلجأ اليه عامة الشعب..
صحيفة الجريدة