الانقلاب في وضع يرثى له

يوسف السندي
بعد نصف عام من الانقلاب ظهر على النظام الانقلابي التخبط الكبير في مساره السياسي، والتوه والضياع.

حاول الانقلاب في بداية عهده التقوى بمحاور إقليمية، ثم جاءه ارتماءه في حضن روسيا والحديث عن قاعدة روسية بالبحر الأحمر (بالساحق والماحق)، اذ شعرت المحاور الإقليمية بأن هذا النظام الانقلابي متمرد عليها.

ثم كانت ثاني ضربة لهذه المحاور هي قيام النظام بإطلاق سراح قادة التنظيم الإسلامي المناؤي لهذه المحاور، وهي رسالة مفادها أنه قادر على الأضرار بها اذا فكرت في التخلي عنه، وهي رسالة متخبطة وغير مدروسة وتقدم دليلا واضحا للمحاور على انه نظام لا يمكن الوثوق به ولا التعويل عليه.

باطلاق سراحه للاسلاميين اراد الانقلاب إرسال رسائل داخليه ايضا، الاولى للاسلاميين بأنه من يملك القدرة على السماح لهم بالعمل مجددا بعد ان اطاحت بهم الثورة، والثانية للثوار بانه يمكن ان يعيد النظام القديم الذي اسقطوه.

هذه الرسائل الداخلية متخبطة أيضا وفاشلة، فهي من جهة اثبت للجماهير والشارع الثوري بأن هذا الانقلاب لا علاقة له بالثورة وأن انحيازه في الماضي كان مجرد تمثيلية، وهذا سيزيد من تمسك الثوار بلاءتهم المعلنة ( لا تفاوض، لا حوار، لا شرعية).

ومن جهة اخرى يعلم الاسلاميون ان هذا النظام لن يستطيع أن يمضي معهم الشوط كاملا، لأنه سيفقد بذلك الجماهير والمحاور الاقليمية وإسرائيل والغرب، وبالتالي هو نظام مخادع ليس إلا.

فقد النظام الانقلابي المنظومة الدولية الديمقراطية (أمريكا والغرب والمؤسسات الاممية) منذ لحظة الانقلاب، وهذه المنظومة هي التي بيدها (بلف ) القبول العالمي، وقد ظن النظام الانقلابي أنه يستطيع تطويعها عبر مفتاح التطبيع مع إسرائيل، ولكنه فشل.

النظام الانقلابي فقد الداخل الشعبي بالانهيار الاقتصادي والامني، وحتى الذين كانوا ينادون ( عسكرية) في وقت مضي، أصبحوا الان يتوارون خجلا، فالعسكرية لم تأتي لهم بالخبز ولا الكهرباء بل جاءت لهم بتسعة طويلة والسلب والنهب والضرب من النظامين في وضح النهار.

الصورة التي يقدمها النظام الانقلابي للداخل والخارج هي انه في وضع يرثى له، متخبط ومهزوز وتائه، ولا أمل أمامه في الصمود طويلا.

يوسف السندي

صحيفة التحرير

Exit mobile version