حيدر المكاشفي يكتب ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

ما من مصيبة وكارثة أفدح من أن يجد أفراد الشعب السوداني (الفضل) أنفسهم في دوامة من الضيق والعنت والمعاناة التي لا تنقضي.. يدورون داخل دائرة مغلقة في موضوع واحد..الازمات التي صنعها الانقلاب من حيث كان الانقلابيون يتوهمون أنهم يحسنون صنعا، فالازمات مازالت تتعقد وتتشابك ولا تلوح في الافق بوادر تقدم او فكاك من شيمة الدوامة القاتلة هذه، ومصيبة الانسان السوداني باختصار ان كل مشكلات المشكل السياسي تأتي داخل الدوامة بكل مكوناتها.. مع اتساع الفجوة بين الجماهير والانقلابيين.. إلا ان الانسان السوداني مازال يتسمك بحبال الاماني والاحلام في حياة هانئة ومستقرة وآمنة.. بل يجب عليه أن يتمسك بهذه الاحلام والاماني ويتحول من خانة السلب والزهج والحيرة الى خانة الفعل من أجل التغيير.. تغيير الحياة الى الافضل والخروج من دائرة الانقلاب اللعينة بعد ملاحم نضال وتضحيات كبيرة انتصرت ثورة ديسمبر المجيدة، ومر اليوم على هذا الحدث الوطني الكبير أكثر من ثلاثة أعوام، ولكن للأسف لم تتحقق من أهداف الثورة وأماني وأحلام الشعب السوداني وشبابه الثائر حبة خردل، بل على العكس ساءت الاحوال اكثر على سوئها بعد الانقلاب.. المراقبون والراصدون للأوضاع يقولون ان مشاوير الاماني والاحلام كانت متقطعة والطريق امتلأ بالمطبات والعثرات والمنعطفات و(الكلتشات).. وبعد الانقلاب بلغت ازمات الحياة في السودان أقصى مداها على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية..ورغم ذلك تظل الحاجة قائمة للتمسك بحبال الاماني في فسحة منقوصة ومهددة من السلام والاستقرار والرخاء والنماء.. وظل المشكل السوداني حاضرا في كل موائد النقاش، وفي الداخل ظل المواطن السوداني يلهث خلف لقمة العيش المرة وخلف مشاكسات الانقلابيين، وكثرت المفاوضات والاتفاقات والمبادرات واللقاءات والاجتماعات وما زال ضمير الانسان السوداني النبيل يتعلق بحبال الضوء وسط العتمة وكلما لاح ضوء من بعيد الا انه سريعا ما يخبو ويخمد.. ومتابعة اخبار السودان عبر الصحف الاجنبية والفضائيات كلها تصيب بالالم والحسرة وتضع المرء امام حقيقة بشاعة ما يدور.. بشاعة تزييف الحقائق ولي يد وكسر رقبة الحقيقة من أجل تحقيق المطامع والواقع يقول ان المشكل السوداني صار بحجم لا يحتمل التجاهل أو التساهل او التمادي في الاستسلام.. ذلك لأن الازمة السياسية تهدد الكيان الجغرافي والسيادي للبلاد.. وباختصار شديد مطلوب من الكل وأولهم الانقلابيين الذين كانوا سبب ذلك، استشعار هذا الخطر بلا تفاصيل حتى يبقى السودان.. وبعدها نعيد النظر في التفاصيل.. فالحل الامثل لمشاكل السودان لا يتوافر عند جهة واحدة من الداخل.. ولا عند الامريكان ولا الالمان ولا الفرنسيين ولا كل حركات دارفور المسلحة.. الحل يكمن في حركة الجماهير الفاعلة وفي القراءة المتجردة للواقع ولتاريخ حركة الشعب السوداني..فهل يا ترى يستبين القائمين على أمر البلا بوضع اليد النصح قبل ضحى الغد فتنفرج الأمور بعد استحكام حلقاتها، أم أنهم سيكنكشون ولا يستبينون فتضيق أكثر..

صحيفة الجريدة

Exit mobile version