(الانقاذيون هم الأحق بحكم السودان)…! ماذا تقول اذا سمعت هذه العبارة..؟! وهل تدري من قالها..؟! ربما تظن لأول وهلة أنها جملة من حوار عبثي في مسرحية من مسرحيات اللامعقول من لدن البير كامو وصمويل بيكيت وكافكا ويوجين يونسكو..! وربما ترى يا صديقي أنها نكتة سخيفة عابرة من شخص يحاول طرد الضجر في حافلة علي طريق البراري أو (الثورة بالشنقيطي)..أو ربما تخيّلت أن معتوهاً اعتلى إحدى (صواني المرور) وراح يهذي بهذه العبارة وهو يضحك..! ولكن سيتضح لك ان كل هذه التخريجات غير صحيحة.. فقد قال هذه العبارة الاسبوع الماضي (أسامة توفيق) القيادي بحركة يتزعمها غازي صلاح الدين وتسمي نفسها (الاصلاح الآن) ومعناها الحقيقي (الخراب غداً)..! واسامة هذا يحسب نفسه من بين الاخونجية الاصلاحيين..وهذا هو التناقض بعينه؛ فكيف تكون (اخونجياً واصلاحياً)..؟!
إن من شيم الانقاذيين انهم يتناوبون المواقع ويتبادلون الأدوار ولكنهم نسخة واحدة ولا تباينات أو اختلافات بينهم اللهم إلا في (تطريز الشالات) وماركات السيارات واطوال اللحي التمويهية مثل صاحب هذه المقولة الذي ظهرت صورته في حوار قال فيه هذه (الرجيمة) بعد ان اخرج الانقلاب الانقاذيين والسعالي والزواحف ذوات الحراشف من جحورها الى فضاء (الوظائف السايبة) و(التصريحات العايبة) وأطل علينا هذا الرجل بلحية بيضاء شعثاء ليقول ان الانقاذيين هم الأحق بحكم السودان..!
هل تصدق بعد ٣٠ عاماً من حكم الانقاذ الذي أحرق الحرث والنسل يجئ هذا الرجل متحدثاً باسم جماعة “الاصلاح الآن” ليزكي الانقاذيين..!! والاصلاح جماعة أسوأ سياسياً من المؤتمر الوطني الذي ليس هناك أسوأ منه في العالمين….لماذا هي الأسوأ.. لأنها تنافق بشعار لا يتفق مع مراميها..وقد كانت عاشت كل خبوب الانقاذ في الأيام الأسوأ…أيام قتل الناس داخل بيوت الاشباح..(رغم أن كل أيام الانقاذ سوء وشؤم)..وقد اتضح ان انسلاخها من المؤتمر الوطني المقبور كان فقط من (باب الزعل) على قسمة الأعطيات والمناصب ولم يكن لانشقاقها الكذوب أية علاقة بالمبادى أو الوطنية..فهل سمعت من هذه الجماعة الاصلاحية أي انتقاد او احتجاج على قتل المدنيين وتصفية المعارضين السياسيين أو على التعذيب واغتصاب النساء والرجال وسحل الشباب وسرقة الموارد.. ؟!!
هذه هي الانقاذ التي عاشت معها جماعة غازي صلاح الدين (وهذا الأسامة) أحلك فترات جرائمها..الانقاذ التي شطرت الوطن وسرقت موارد البلاد وحوّلتها إلى جيوب عضويتها …الانقاذ التي قتلت وشردت الملايين وسرق قادتها وزعانفها السكة حديد والخطوط الجوية والبحرية والنقل النهري والميكانيكي والاشغال والمهمات َوالبريد..الخ وهي ذات الانقاذ التي شهد معها هؤلاء الاصلاحيون المتاجرة بالوطن واذلال كرامة السودانيين..هؤلاء هم الانقاذيون الذين قال عنهم هذا الشيخ (الصلحابي) إنهم الاحق بحكم السودان..!! بل لم يكتفي بأن يجعلهم الأحق بحكم البلاد حيث قال إنهم (الاذكى) بين جموع السودانيين..!! ولكنه لم يشرح لنا معني الذكاء الذي يقصده؛ ولم يقدم تعريفاً للذكاء حسب مفهوم الانقاذيين وجماعة الاصلاح حتى نتبيّن الفرق بين الذكاء واللصوصية وبين الذكاء والفهلوة والمتاجرة بالدين والنفاق وموت الضمير وخيانة الوطن والتآمر والكذب والتدليس والتنكّر للعهود والعنصرية وسب الدين…؟!!
ما هذا الذكاء الاخونجي الذي أورثنا كل هذه المصائب عبر ثلاثة عقود من الزمان والذي جعل الشيخ (اسامة بن منقذ) يتذاكى علينا ليجعلنا ننس جرائم الانقاذ ويتطاول الى القول بأنهم الأحق بحكم السودان…وقد حكموه منفردين ثلاثين عاماً فكانت هذه هي الحصيلة التدميرية والذكري العفنة..!
اذا انتظرت يا صاحبي ان يكبر الانقاذيون فيعقلون مع تقدم السن والنظر في المآلات فأنت واهم تنتظر المستحيل الذي يماثل عشم ابليس أو جماعة المؤتمر الوطني في الجنة..! وهذا من نوع العشم المستحيل.. إن شخصية الانقاذي التي تشمل كل طوائفهم وتمويهاتهم واسماء تنظيماتهم التي تتلون وتتبدل مع الايام باسماء الشعبي والاصلاح والجبهة القومية وجبهة الميثاق وآل كوباني وجيوفاني و(النظام الخالف)..الخ هذه الشخصية الانقلاذية لها خصائص مرسومة ركيزتها عدم الحياء والكذب والبهتان وعنوانها الانكار وعدم التناصح..شخصية بطبيعتها وتربيتها لا تعرف معاني الوطنية…يستفزها الحديث عن الانسانية ولا تكاد تطيق شعارات الكرامة والحرية.. شخصية شديدة الطمع (خفيفة اليد) لا تخشى التورط في العيب..ولا تحفظ جميلاً ولامعروفاً… لا تؤمن بالمبادئ وليس لها سياج من ورع أو وازع..لا تعترف بذنب ولا تقر بخطأ.. تستفزها الفضيلة والاستقامة وتجنح نحو الباطل جنوح العاشق المستهام .إنها باختصار شخصية يتجسّد فيها ما يشير اليه السودانيون بالشخص (خايب الرجا) الذي لا ينتظر الناس منه شعرة من احسان..! الله لا كسبكم دنيا واخرى..!!
د. مرتضى الغالي
صحيفة التحرير