ما زلنا وسنظل نُراهِن على أنّ الشباب هُمُ الأمل المُرتجى، وهُم الجسر الذي سيعبُر به السودان العُبور الحقيقي إلى براحات الاستقرار المنشودة، إن وجدوا من يدعم مسيرتهم، ويُزيح عن طريقهم العقبات التي ظلّ يضعها الساسة في طريقهم، فمثلما خرجوا بالأمس وغامروا بحياتهم، وتعرّضوا للتنكيل والضرب والتعذيب، وقدموا أرواحهم رخيصة لأجل نجاح ثورتهم، وها هُم اليوم يواصلون المسيرة في تعرضهم بشجاعة وتصديهم بلا خوف لهذه العصابات التي تمدّدت وتطاولت في زمان الفوضى واللا قانون، ولسان حالهم يقول قنعنا من خيرٍ في سُلطاتٍ انشغلت بحماية نفسها، والفيديوهات المُنتشِرة بكثافة لهؤلاء الشباب وهم يقفون بقوة في طريق المُجرمين المُنتشرين في كُل الأمكنة شاهدة على أفعالهم. يبدو أنّ نجاح الشباب وقبضهم لبعض أفراد (9) طويلة بعد أن زهدوا في حمايةِ الأجهزة الأمنية لممتلكات الناس، أحرج قادة ولاية الخُرطوم، والتي اكتشفنا فجاءة بأنّ الولاية التي عشّشت فيها الفوضى وباضت وفرّخت لديها حاكماً أيقظته من نومته العميقة هذه الهُتافات والصيحات التي أطلقها شباب عزموا على تطهير ولايتهم من مجموعاتٍ مُتفلتّه احتلّت طُرقات الولاية ومارست فيها كُل أنواع الفوضى على مسمع ومرأى السُلطات. (أصدر والي الخرطوم المكلف احمد عثمان حمزة مرسوما بتنظيم إستخدام الدراجات الآلية (المواتر) ونص المنشور على أن يُحظر على من يقود دراجة آلية حمل شخص معه آخر). يا سلاااام تاهت والحمد لله لقيناها، برأيك يا والينا، هل يتوقّف هؤلاء الشباب عن مُلاحقة المُتفلتين، ونبدأ نُحدِث المواطنين بأنّ المرسوم سيُوقِف هذه الجماعة، ونُبشِرهُم بأنّه من الأن فصاعداً عليهم أن يتحرّكوا بحرية ليلاً ونهارا، وأن يحملوا أموالهم في أيديهم بلا خوف من مُجرمٍ يتربص بهم، أو من دراجة نارية تتعقبهم لا تحمل سوى شخص واحد، بل واتركوا أبواب منازلكم مفتوحة، أم نتريّث قليلاً لنرى أولاً أنّ هذه العصابات قد أوقفت أنشطتها (فعلا) خوفاً من هذا القرار، وشرعت في بيع أو التخلُص من هذه الدراجات الآلية، ما دام الغرض منها قد انتفى بقرارِكُم العجيب هذا. يا تُرى هل أصدر الوالي المُكلّف من نفسهِ هذا المرسوم العجيب، أما جاء اصداره بعد مُشاورات مع لجنة الولاية الأمنية (إن) كان للولاية أصلاً لجنة معنية بهذا الأمر، وهل عجزتُم عن إيجاد أي حلٍ آخر غير هذا الحل الفطير، والذي لن يحد في ظلِ هذه الهشاشة من الظاهرة الخطيرة، وقد فعلها من قبل الإخوة في دارفور فهل استطاعوا ايقاف هذه الكوارث وقد سخّروا قواتهم في قبض وحجز المواتر وحرقها، فهل انتهت المُشكلة عندهم. المُشكلة أكبر من أن تُحسم هكذا يا سيادة الوالي، لقد تجاوزت التفلتات حداً لا يجب السُكات عليه، وعلى الأجهزة الأمنية المركزية والولائية تحمُّل مسؤولياتها كاملة في حماية المواطن وممتلكاته، وليتهم يعلمون بأنّ المواطن أوعى وأذكى بكثير مما يظنون. وكان الله في العون.
صحيفة الجريدة