هذه قصة (…) التحاقي بشبكة (العربية)
أشعر بالإحباط من الإعلام السوداني لهذا السبب (…)
أسسنا مركز إعلام الثورة بميدان الاعتصام بالقيادة العامة
هذه هي المعاناة التي واجهتنا أيام الحرب الأولى بأوكرانيا
لهذا السبب استقلت من قناة (سودانية ٢٤)
مراسل شبكة (العربية)، السوداني حذيفة عادل الجاك، يعتبر من أميز وأفضل المراسلين بأوكرانيا، تلك المنطقة التي أصبحت الآن حديث الساعة، ومحط أنظار العالم لما تشهده من حرب شرسة بينها وروسيا.
يصفه البعض بالصامد الذكي، والملم ببواطن الأمور، بالرغم من حداثة تجربته التي خرجت من محيط الإعلام المحلي إلى العالمي.
تقول سيرته الذاتية إنه درس الهندسة الكيميائية بجامعة سومي الحكومية بأوكرانيا، كان وقتها في نادي الطلاب من المقدمين للبرامج التلفزيونية في الجامعة، كان أول مدخل له للعمل الإعلامي عبر تلفزيون سومي الحكومي من خلال دورة تدريبية تلقاها في الإجازة الصيفية .
بدأ بتقديم النشرة الجوية وبرامج تختص بالموضة والأزياء والطلاب، كان مسؤول العلاقات الدولية وشؤون الطلاب الأجانب في الإدارة الطلابية.. التقيناه في هذا الحوار المطول للحديث عن تجربته الإعلامية من الألف إلى الياء بأدق التفاصيل.. نتابع ما جاء في الحوار
حدثنا عن أولى محطات عملك في السودان بعد عودتك من أوكرانيا؟
عدت إلى السودان في العام ٢٠١١ أول محطة تلفزيونية عملت فيها قناة (الخرطوم الدولية) كانت بضعة أشهر، بعدها عملت في قناة (النيل الأزرق) لمدة سبعة أعوام، غادرتها وعملت في قناة (سودانية ٢٤) لمدة ثلاث سنوات. .
لكنك عدت للعمل في (النيل الأزرق) مرة أخرى؟
فعلاً عدت للعمل في قناة (النيل الأزرق) بعد أن تم إيقافي عن العمل حتى سقوط الحكومة، ثم عدت مرة أخرى، إلا أنني لم أبق طويلاً، وقدمت استقالتي وغادرتها.
أنشأت مركز إعلام الثورة في ميدان الاعتصام بالقيادة العامة؟
أسست مركز إعلام الثورة في ميدان الاعتصام بعد دخولنا إلى القيادة العامة في السادس من أبريل، وتحديداً بمجرد سقوط البشير، وكان هدفنا من المركز هو التوثيق للثورة نحن نسمع بالثورات السابقة، ولكن لا يوجد توثيق كافٍ للأجيال اللاحقة، بعد ذلك وجدنا أنه من واجبنا أن ندافع إعلامياً عن الاعتصام خاصة أنه كان يتعرض لحملات تشويه من الفلول، لذلك قمنا بإنتاج مواد تظهر للناس حقيقة الاعتصام، وبعد ذلك لجأت إلينا القنوات لتحصل على المواد وتعاملنا مع كل القنوات، وكان لدينا شرط أن تكون هذه المواد وما ينتج منها تحت رقابتنا، وبالفعل التزموا بذلك، كنا كقوى ثورية نرى أن هذه المنصات ملك للشعب السوداني.
ماذا عن التحاقك للعمل في قناة (سودانية ٢٤) ؟
عملت في القناة بعد أن تأكدت من تغيير خط القناة إلى خط الثورة، ومشروع السودان الجديد، واستغلت منها بعد التحاقي بشبكة (العربية).
هل شعرت بالإحباط من الإعلام السوداني؟
الإحباط من الإعلام السوداني كان من أول يوم دخلت فيه قناة (الخرطوم)، أولاً الإعلاميون مظلومون، ولا توجد بيئة عمل، ولا مؤسسية، وخط التحرير غير متوازن، طوال فترة حكم الإنقاذ كنا نعمل، ونشعر بالخجل من المشاهد، لأننا لا نقدم مادة يستفيد منها الشعب السوداني، ليس لدينا إمكانيات بأن نكون صوت الناس، والأمر ليس بيدنا .
من أين جاءت فكرة عملك خارج نطاق المحلية؟
كنت راغب في الانتقال من نطاق المحلية للعالمية، بعد أن فكرت في الأدوات التي أمتلكها، وكانت كافية لتساعدني في ذلك، خاصة أنني أمتلك اللغة والخبرة والعلاقات وإقامة دائمة في أوكرانيا، لكن حتى آخر لحظة لم أكن أريد أن أغادر السودان، لكن شاءت الأقدار ثم إنه لم يكن يوجد منافسون في تلك المنطقة، لذلك طرقت أبواب القنوات.
هل وجدت الاستجابة الفورية؟
وجدت استجابة في إطار الوعود وقدر الله لي بعض الأشخاص في قناة (العربية) أمثال الزميل محمد عثمان، والزميلة لينا يعقوب الذين أفادوني كثيراً، عرفوني بأشخاص كان لهم دور كبير في تحقيق ذلك.
تفاصيل اختيارك كمراسل لقناتي (العربية والحدث) في أوكرانيا؟
في الحقيقة يبدو أن هذا هو قدري جئت أوكرانيا في إجازة ومعها بدأت الأزمة السياسية، وقتها كان قد بدأت حديث مع قناة (العربية) لكنه كان مجرد حديث وقتها، بعد ذلك أرسلت (العربية) موفداً إلى أوكرانيا، الأستاذ حسين قنيبر، من باريس، وهو فعلياً أستاذ يدرس الإعلام بجامعة باريس، اتصل بي الزميل عبد العزيز، الذي كان له فضل كبير في الأمر، وطلب مني مقابلة الزميل حسين قنيبر، وعندما التقينا ورأى بعض التقارير التي أعددتها، قال لي حرفياً أنا معروف عني أني لا أمدح كثيراً، وأني متمسك جداً في جودة الأداء، لكني أرى أمامي صحفياً شاملاً، و لا أدري لماذا أرسلتني (العربية) وأنت هنا؟ أنا فور عودتي سأتحدث إلى المدير، وأخبره بأن هناك صحفياً شاملاً وجاهزاً، وقد كان، أنا عدت إلى السودان، وبعد أسبوع تواصلت معي القناة، وذهبت إلى دبي، ثم كييف، قبلها طلب مني إعداد تقرير من مكتب الخرطوم، وبالفعل أرسلت التقرير من مكتب (العربية) وعليه تم اختياري.
ماهي المخاطر التي تواجهك في مناطق تشتعل فيها نيران الحروب؟
نحن موجودون في منطقة حرب حقيقة أعنف حرب بعد الحرب العالمية الثانية، نحن في مكان غير آمنين فيه في كل الأحوال، صادفت مرتين وعلى الهواء سقوط قذيفة بالقرب مني، أصبح الشخص منا يخرج للعمل، وهو لا يعلم هل سيعود أم لا.
ماهي المعاناة التي واجهتكم في الأيام الأولى للحرب؟
في الأيام الأولي للحرب كنا مهددين بعدم وجود أكل وشرب، لكن المواطنين اهتموا بنا جداً .
ماهي أدوات الحماية (زي ومكان) التي تستخدمونها كمراسلين في الحرب ؟
عندما وصلت دبي وقبل المغادرة لأوكرانيا كان مديري المباشر الأستاذ أحمد سيف مصراً على أخذ أدوات الحماية وهي درع من الفئة الثالثة للحماية من الرصاص، والخوذة، وظل يردد لي دائماً السلامة أهم من الخبر، كنا نعمل بتنسيق مع الجيش عند الذهاب للخطوط الأمامية ويتقدمنا جنود الاستطلاع حتى الوصول تحديداً إلى جبهة القتال، وأحياناً كثيرة كنت أعمل من داخل الخنادق.
ماذا استفدت من هذه التجربة؟
البعض يعتقد أن الغرض من التجربة العائد المادي، لكن العمل الصحفي شغفه لا يفهمه إلا صحفي، أنا عملت في عدد من القنوات، ولكن قررت أن أتوجه لشيء جديد بالنسبة لي.
ماهو شعور الأسرة وهي تشاهدك في منطقة حرب بين القذائف والقتلى؟
الأسرة تعيش الخوف بشكل يومي ولكن هي طبيعة العمل.
تتابع تفاعل وقلق عدد كبير من السودانيين معك ؟
وجودي هنا أظهر لي العدد الكبير من الأشخاص الذين يحبونني، خاصة الأمهات الكبار اللائي يتابعنني بقلق شديد وتسبقهن الدعوات بأن يحفظني الله.
مشاهد الدمار والموتى التي تشاهدها على مدار الساعة ألم يراودك الإحساس بالتراجع عن المهمة؟
المشاهدات رأيت قرى ومدناً كاملة مسحت من الأرض أمام أعيننا وكميات كبيرة من الجثث لمواطنين مدنيين وعسكريين لا يمكن تخيلها، ورغم ذلك نستمر في عملنا لتوضيح الحقائق، وهي مسؤولية كبيرة، عندما تحس أنك المصدر الأول للمعلومة.
إحساسك بالتجربة؟
إحساسي صعب أن أصفه، فهي مجموعة أحاسيس أشعر بالأسى حيال الأبرياء ومعاناتهم، وأشعر بالفخر حينما يرسل لي المتابعون من أنحاء العالم العربي وخاصة السودانيين أنهم فخورون بي، كنت سعيداً جداً عندما رأيت زملائي في (العربية والحدث) يحتفون بي، وخاصة السيد المدير العام لشبكة (العربية) الأستاذ ممدوح المهيني الذي وصف تغطيتي بالبطولية، وأنهم فخورون بي، هذا شعور لا يوصف، أما تلك الدعوات التي تصلني فلا تعني إلا أن اشكر الله على هذه المحبة وأشكر الناس الذين يفكرون بي.
حوار / محاسن أحمد عبدالله
صحيفة السوداني