الطاهر ساتي يكتب.. (الأوروتي)

إليكم ……………………. الطاهر ساتي
:: تسريبات، قد تكون صادقة أو مراد بها جس نبض الشارع، عن الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء.. وكالعادة، فإن الدكتور كامل إدريس يتصدر قائمة التسريبات، وكما تعلمون فإن حال كامل إدريس مع المكون العسكري لا يختلف كثيراً عن حال إبرهيم البزعي مع التلفزيون، أي كلاهما مثل (اللستيك الإسبير)، يستخدمونه في الطوارئ ولحظات الحيرة ثم يرمونه في (الضهرية)، ولا أدري لماذا يرضى كامل والبزعي لأنفسهما دور الاحتياطي ومسؤول (عند اللزوم)..؟؟
:: ومع كامل إدريس، سربوا أمس أسماء السادة مضوي إبراهيم والشفيع خضر أيضاً، وربما تتواصل التسريبات، بعضها لجس نيض الشارع والبعض الآخر بغرض التلميع ومنافع المنظمات الدولية، فالشاهد أن منظمات الفرنجة تحب أن يكون في سيرة كوادرها ألقاب من شاكلة (مرشح لرئاسة الوزراء)، ولذلك يتكالبون نحو قوائم الترشيح عبر النافذين ثم تسريب القوائم لوسائل الإعلام.. على كل حال، فليكن المرشح كاملاً أو شفيعاً أو مضوياً، أو حتى حمدوك للمرة الثالثة.. فليكن المرشح من يكون، ولكن هل هذا يكفي لإنقاذ البلاد من آبار الخراب..؟؟
:: وللإجابة، نحكي ما يلي: يُحكى أن صبياً اشترى بنطالاً، ووجده طويلاً بزيادة (4 سم).. وطلب من والدته تقصيره، فاعتذرت.. وطلب من أخته تقصيره، فاعتذرت أيضاً.. فذهب إلى الخيًاط وقصره، وعاد إلى المنزل ووضع بنطاله في الدولاب.. ولاحقاً، حن قلب الأم، وذهبت إلى غرفة الابن، وأخرجت البنطال من الدولاب وقصرته (4 سم).. وبعدها، حن قلب الأخت أيضاً، وذهبت إلى غرفة شقيقها وأخرجت البنطال وقصرته (4 سم).. وفي الصباح، أراد الابن أن يرتدي بنطاله، وإذا به يتفاجأ بأن البنطال أصبح (برمودة)..!!
:: فالقصة أعلاها تحكي عن ثلاثة أفراد اجتهدوا لإنجاز مهمة تقصير البنطال (4 سم).. ورغم صدق النوايا وجهد كل فرد، أفسدوا العمل وأفقدوا الابن بنطاله.. لم يكتفوا بعدم إنجاز العمل، وكان من الأفضل ألا ينجزوه، لكي لا يخسروا الجهد والزمن والمال.. ولكن بضعف التنسيق وأزمة التجانس، أفسدوا العمل وأهدروا الجهد والزمن والمال.. وهكذا تقريباً حال أي دولة تفتقد إلى (المؤسسية)، أي تجانس الأجهزة فيما بينها بالقوانين واللوائح، وقبلها بالشفافية.. فالبلاد بحاجة إلى دولة مؤسسات، وبدونها لن ينجح أحد من المرشحين، حتى ولو كان مهاتير محمد ..!!
:: بعد الثورة كان يجب تجاوز الأسماء وتقديس الشخوص، ثم التفكير في بناء دولة مؤسسات، ولكن هذا ما لم يحدث.. نعم، حتى حمدوك، صاحب أكبر قطيع في تاريخ السودان الحديث، والملقب بالمؤسس، عجز عن تأسيس دولة المؤسسات، ربما لأنه لم يكن ممسكاً بدفة القيادة في بحر العسكر والنشطاء.. وكثيراً ما ناشدناه بأنّ الخراب في مؤسسات الدولة بحاجة إلى ثورة (إصلاح مؤسسي)، وليست ثورة (لجان نشطاء).. ولإشعال ثورة الإصلاح في أجهزة الدولة، كثيراً ما نصحناه بالتخلُّص من الكيانات التي تم تشكيلها خارج مؤسسات الدولة، وما أكثرها!!..
:: هيئات، مجالس، صناديق، لجان، و.. و.. كيانات كثيرة ومترهلة و(غير مُفيدة)، كان يُراد بها ترسيخ نهج التمكين في عهد المخلوع، وهي التي أفسدت مؤسسية الدولة وأجهزتها التنفيذية، وكان يجب التخلص منها في الأشهر الأولى لحكومة ما بعد الثورة.. ولكن للأسف، فالسادة لم يستبينوا النصح، بل مضوا على (الخُطى العشوائية)، بتشكيل لجان خارج أجهزة الدولة الرسمية، وكأن حكومة البشير لم تكن تفعل ذلك.. مؤسسات الدولة ما لم تكن مثل (أجزاء الساقية)، بحيث لكل ترس وظيفة ولكل قادوس مهمة، لا ينجح في قيادتها أي (أُوروتي)، ولو كان فولكر ذات نفسه..!!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version