لم نُشكِّك قط في رواية السيد محمد عصمت التي رواها في أيام الثورة الأولى بأنّهم كحُرية وتغيير وضعوا أيديهم على حسابات مصرفية تصل إلى (64) مليار دولار بتمامها وكمالها في المصارف الماليزية، تخص جماعة النظام السابق، ولمَ التشكيك فالرجُل صيرته الثورة علماً أشرعت له المنابر والمنصات للحكي، علماً موثوق به يُشار إليه وقتها في كُل ما يتعلق بالأمور السياسية والمالية، فضلاً عن أنّ الفساد المعلوم الذي استشرى إبان حُكم البشير، وتبديد النظام للأموال الهائلة التي حصدوها من النفط يجعلنا نُصدق رواية عصمت التي سُرعان ما تبخّرت وتبخّرت معها كُل الروايات، بما فيها روايات صلاح مناع ومجموعته، وحصدنا الريح وحال البلاد والعباد اليوم يُغني عن السؤال. ويظلّ السؤال قائما، أين ذهبت تلك الأموال، وما أعلنته لجان التفكيك في مؤتمراتها و(إن) صح لا يُساوي شيئاً أمام حجم الأموال الطائلة المُهدرة، التي أنفقت الإنقاذ بعضها على إدارة الدولة وفي الصرف على منسوبيها، وعلى صراعاتها وحروبها العبثية، والتي تقف شاهدة على حجم ما كان تحت أيديهم من أموال. أجاب المرحوم الدكتور موسى كرامة وزير الصناعة والتعاون الدولي في فترة الإنقاذ على بعض السؤال في فيديو يعود للعام 2018م جاءت به الوسائط، تحدّث فيه حديث العالم ببواطنِ الأمور، والمُدرك تماماً لما غاب عنّا، فقد تحدث الدكتور عليه الرحمة بحسرة عن استغلال رفاقه في الحُكم لقلم السُلطة، والذي أصبح يُمثِّل ثروة عظيمة لمن وضعوه في يده، كيف لا وبه تُوقّع العطاءات والاعفاءات والتصديقات، والتي تعود على المسؤول بنصيبٍ وافر. ضرب الدكتور كرامة مثلاً لتقريب صورة الفساد قال فيه، إنّه كوزير يستطيع أن يُسجِّل شركة مملوكة لوزارة الصناعة كواجهة، ونفس هذه الشركة يُمكِن أن تُسجِّل شركة أخرى مع موسى كرامة وأبناءه تتحوّل إليها (بقلم) سُلطته جميع أنشطة الشركة الحكومية من عطاءاتٍ وغيرها، والتي تُصبِح من بعد بوابة لدخول الأموال العامة للشركة الخاصة، ثُم تخرُج هذه الأموال بسهولة لخارج البلاد، ثُم تعود هذه الأموال للسودان مرة أخرى باعتبارها أموال استثمار أجنبي، يتم بها إنشاء شركة جديدة أجنبية في السودان، لتستفيد من جميع مزايا ومُخصصات الاستثمار الممنوحة حسب القانون للمُستثمر الأجنبي، ومن ثم تبدأ هذه الشركة في شراء الممتلكات والشركات الحكومية. واختصر دكتور كرامة تلك الدائرة الجهنمية الخبيثة بأنّها أموال حكومية مسروقة خرجت خارج السودان واكتسبت شرعيتها ثُم عادت لشراء أصول الحكومة بأموال الحكومة لصالح أشخاص أودعوهم قلم السُلطة أمانة في أعناقهم لخدمة العباد والبلاد فخانوا الأمانة، وسخروها لصالح أنفسهم، حوالي 413 شركة رمادية حسب وصفه، بعضها تمّ تسجيله فقط لمدة إسبوع لغرض عطاء، تمت تصفيتها مباشرة بعد تصفية العطاء، وعلى هذا قِس. لا حول ولا قوة إلّا بالله والله المُستعان
كوش نيوز