(1)
شتان ما بين انصاف ومكارم ..عفواً فإنني لا أتحدث هنا عن مقارنة فنية، فلكليهما لون وطعم طالما أحببته هما في الجانب الأدائي كطائرين يشدوان على فنن مختلف ويحلقان الى عالم الطرب بتنغيم فريد مميز.. مقارنتي هنا حول احترام الكبار جدا من المبدعين الذين أغرقوا مجتمع السامعين في بحر عسل إبداعهم بطعمه الجميل اللا متناهي, والمثال هنا الموسيقار الذي رفد السودان بألحان تناغم شغاف القلوب وتسعد الروح المعني.
فماذا فعلت كل منهما تجاه البديع الراحل بشير في حياته؟
إنصاف فتحي وجدت بشير في أيامه الأخيرة بالإمارات فاستقبلته بالمسرح في معرض اكسبو وهي على خشبة المسرح وغنت له نور بيتنا وشارع بيتنا، كما أنها في البروفة غنت له قائلة (ما زلت عني بعيد ما حركك إحساس ــ ما زلت أجمل زول واسمك بشير عباس) بدلاً من واسمك أمير الناس فأدهشني هذا الحب وكنت قد كتبت مقالاً بهذا المعنى فحواه أن انصاف عبرت عنا جميعاً.
(2)
فماذا فعلت مكارم بشير (ويا لهول ما فعلت) سألها أعظم مؤرخ للفن السوداني الأستاذ الكبير معاوية حسن يسن أن تتصل بالاستاذ بشير ليعطيها أغنية جديدة ولحن عذب تغنيه له فبماذا أجابت مكارم أكرمها الله بالحان عملاقة تضعها في مصاف الخالدين بدلا من قوقعة الترديد والاجترار.
قالت مجيبة للأستاذ معاوية: كم سيدفع لي بشير عباس لكي أغني له؟؟ أصابتني الدهشة حينما روى لي الأستاذ التاج مكي هذا الحكاية التي رواها له الأستاذ معاوية الذي استوثقت منه فأكدها لي مما دفعني مكرهاً لهذا المقال الذي سيكون عليها قاسياً برغم والله أنني من عشاق صوتها الحنين الذي يبدو أنه مع سلوكها غير الكريم هذا كخط مستقيم متواز لا يلتقي مع تلك الحلاوة أبداً.
(3)
وهنا اسأل الأستاذ الكبير هاشم صديق هل طلبت منك مكارم مقابلاً كي تتغنى بشعرك الجميل (ألمني حنان) من ألحان الخالد أبداً سيد خليفة؟ وهل طلبت منك مقابلا لتشجيعك النبيل لها؟ وأعتقد أن اللوم يقع على المتشعبطين من فاشلي كتابة النصوص الشعرية والتلحين الذين يدفعون لصغار المغنين كي يتغنوا بأعمالهم التي لا تساوي الحبر الذي كتب بها، بل يدفعون لهم أجور الأوركسترا والعازفين وتكلفة الاستديوهات.
هؤلاء هم انعكاس طبيعي لحال البلد المائل المتدهور سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفنيا.. خلاصة القول ابنتي العزيزة مكارم مطلوب منك اعتذار على السوشيال ميديا وهنا .. حتى نتمكن من ازالة ما علق من غبن في قلوب محبي أحد أكبر الموسيقيين في تاريخ السودان ماضيا وحاضرا ومستقبلا. البلد تضج بثورة شبابية فوق العادة ولا مثيل لها في تاريخنا السياسي فلماذا لا تنضمي الى هذا الزخم الثوري لجيل لن يتكرر؟ عموما سيبقى بشير عباس هو بشير عباس وستبقى مكارم هي مكارم واللبيب بالإشارة يفهم.
صحيفة الصيحة