د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
وجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية بإعفاء مواطني السودان بجمهورية مصر العربية من غرامات تجديد الإقامة مع منحهم مهلة ستة أشهر اعتباراً من يوم ٣ أبريل ٢٠٢٢ لتوفيق أوضاعهم.
جاء التوجيه الرئاسي المصري على خلفية استقبال السيد الرئيس عبد الفتاح للسيد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان يوم ٣٠ مارس ٢٠٢٢، وانطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين، وحرصاً على تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن السوداني في بلده الثاني مصر، وإيمانًا بأن العلاقات الشعبية بين البلدين هي صمام أمان العلاقات الثنائية وقاطرة تقدمها.
تعليق:
هذه لفتة إنسانية بارعة، جاءت لتزيل غماً وهماً أحاط بقلوب آلاف الأسر السودانية المقيمة بمصر، والتي لم تتمكن من تجديد الإقامات القانونية. ومن خلف هذه الأسر ملايين المواطنين من أهاليهم في السودان، ممن يعتمدون عليهم في معاشهم، أو ممن يتمنون حضورهم للسودان، وقد وقف عدم تجديد الإقامات حائلاً دون سفرهم.
تقليدياً، وفي أوقات سابقة، كان السودانيون يتوجهون لمصر للسياحة، أو للعلاج، أو للتعليم، حدث بعض التغيير مؤخراً، حيث انضافت للأسباب أعلاه عناصر: العمل، والتجارة، وطلب إعادة الاستيطان من خلال التسجيل في مفوضية شؤون اللاجئين، والتجهيز لعبور البحر الأبيض المتوسط لأوروبا في إطار الهجرة غير الشرعية.
لا تتوفر إحصاءات موثوقة بشأن كل عنصر من العناصر أعلاه، الرقم الوحيد المتاح هو 43 ألف سوداني مسجلين لدى مكتب مفوضية شؤون اللاجئين بمصر، يتلقون معونات مختلفة، ويرغبون إعادة الاستيطان في دول أخرى، بخلاف هؤلاء يعتقد أن هناك ما بين 1.5 الى 2 مليون سوداني مقيمين بمصر، ربعهم من الطبقة الوسطى، أو من العائدين من الخليج، تملكوا شققاً ومساكن ويعيشون في ظروف جيدة، أما الباقون فيعيشون كفافاً، وهم المستفيدون بلا شك من القرار الإنساني للرئيس السيسي.
وعلى هذا يعتقد أن على المسؤولين في القطرين الشقيقين الانخراط في التخطيط لمشروعات ومجالات تستوعب السودانيين المقيمين، والسودانيين الذين يخططون للقدوم لمصر، في ظل تردي الأوضاع المعيشية في السودان، وانعدام فرص العمل.
أعرف العشرات من الشباب السودانيين الذين يعملون في وظائف عمالية في المصانع المصرية في مدن العاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، وحلوان وغيرها. كما يوجد العشرات كذلك يعملون في وظائف أمن المنشآت بالمدن الجديدة بمصر. وكل هؤلاء يعملون بمرتبات بسيطة، تكفل لهم الحد الأدنى من المعيشة، لكنها دون الطموح بلا شك.
إن مشروعات زراعية، ومشروعات تصنيع زراعي وحيواني مشتركة، على الحدود بين البلدين، تبدو هي الحل الأمثل لتوظيف مئات الآلاف من الشباب السوداني، كبديل عن الهجرة لأوروبا، التي يبدو أن بابها سيسد نهائياً بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
الشركات القائمة بين البلدين في الوقت الحالي، والعاملة في مجال صادرات اللحوم الحية والمذبوحة، يمكن أن تتوسع بصورة كبيرة باستثمارات من الدولتين، وباستقطاب مدخرات السودانيين بدول الخليج عبر سوق القاهرة للأوراق المالية، أو بأي طريقة أخرى، بما يحقق هدف تشغيل هؤلاء الشباب.
إن مبادرة الرئيس السيسي تعطي دليلاً لا يقبل الشك على حرص مصر الشقيقة حكومة وشعباً على ما يحقق مصلحة القطرين الشقيقين. والله الموفق.
صحيفة اليوم التالي