خواطر اليوم الثاني
(1)
أكتب قبل مشاهدتي الحلقة الأولى من برنامج أغاني وأغاني.. وأظني اتعمّد ذلك لأكتب مسبقاً عن الأستاذ مصعب الصاوي الذي اختير ليقدم البرنامج الأشهر والأكثر جماهيرية.. واختيار مصعب الصاوي لم يأت اعتباطاً أو من قبيل المُصادفة والمُجاملة.. فهو شابٌ نضرٌ يرتكز على قاعدة معرفية شاسعة وواسعة.. وهو كذلك مثقف من الطراز الرفيع.. يمتلك قُدرات هائلة في التحليل والسّرد والرصد.. وهو أيضاً يمثل ذاكرة حيّة للغناء والثقافة السودانية.. لذلك يظل قرار اختياره صائباً وموفقاً للحد البعيد.. وما استطيع تأكيده أن مصعباً سيعيد اكتشاف نفسه من زوايا جديدة ويقدم نفسه بطريقة جيدة لأنه يمتلك المعرفة الكافية أولاً والثراء المعلوماتي المُدهش.. كما أنّ لمصعب الصاوي سابق تجارب مع التقديم البرامجي وهو أصبح أكثر تماسكاً وحضوراً في برنامج (أغنيات من البرامج).. فالتجربة ليست بخطيرة وعادية وفي مُتناول قدرات مصعب الصاوي.. وهنا يجب بالضرورة إبعاد المقارنات بينه والراحل السر قدور.. وضرورة المُشاهدة دون أي انطباع مسبق.. وشخصياً على تمام اليقين بأنه سيقدم تجربة للتاريخ والذكرى.
(2)
بعض ضيوفي في المنزل وعلى مختلف مستوياتهم.. يلحظون بأنني كثيف المشاهدة لقناة الجزيرة الإخبارية ولا يشوش حضورها إلا مناوشات الولد المشاغب (مصطفى سراج الدين) الذي يعشق بعض القنوات على شاكلة( سبيس تون وmp3) وأصبح أسيراً لها كحال كل طفل سوداني لا يجد قنوات سودانية تجذبه وتناقش اهتماماته فيصبح مستلباً للقنوات الأجنبية والتي تمارس أبشع أنواع السطوة والاستلاب الثقافي.. والمؤسف أن الدولة المتمثلة في كافة أجهزة إعلامها لا تولي الطفل السوداني أدنى اعتبار وتضعه في أسفل سلم اهتماماتها.. والنتيجة حتماً ستكون كارثية في مقبل السنوات القليلة القادمة.
وكما ذكرت في أعلى المقال بأنّني أيضاً مُستلب لقناة الجزيرة الإخبارية وأتابعها عن كثب.. ولعل شغفي للأخبار الطازجة والمُتنوِّعة دفعني للتعلق البصري بقناة الجزيرة والتوقُّف في الطريقة التي تتابع بها الأخبار وملاحقتها على مدار الساعة.
(3)
وذلك نمط تفتقده قنواتنا السودانية الباهتة في كل شئ .. قنوات تجبرك جبراً على حمل الريموت والابتعاد عنها ولكن في السابق كان يُوجد بعض ما يجعلنا بعض البرامج السودانية .. ولعلي هنا أتوقف في نموذج المذيع (الطيب عبد الماجد) فهو ارتبط بكل البرامج الناجحة في كل القنوات التي عمل بها .. الطيب عبد الماجد يمتلك كاريزما خاصة وقبولا عريضا.
ضف إلى مقدراته الشخصية كمقدم برامج ناجح تتكامل فيه كل الاشتراطات اللازمة من حضور باهٍ وثقافة عالية وإلمام معرفي شاسع بالمَواضيع البرامجية والقُدرة الفائقة على استخلاص أقصى وأفضل ما عند ضيوفه الذين يجلس معهم (الند بالند) وليس كمقدم البرامج في الوقت الراهن الذين يجلسون كالتلاميذ في حضرة ضُيوفهم.. ولعلّ الجيل الحالي يفتقد ما يتّصف به الطيب عبد الماجد من قُدرات فائقة وعالية.
(4)
قبل أعوامٍ قليلةٍ تعد على أصابع اليد الواحدة .. قدمت قناة سودانية 24 برنامج (المايسترو) في شهر رمضان .. وكان الأستاذ الموسيقار يوسف الموصلي هو الشخصية المحورية في البرنامج .. ورغم اللغط الكثيف والإشكالات القانونية التي صاحبت البرنامج ولكنه كان البرنامج الوحيد الغنائي الذي نافس أغاني وأغاني من خلال طرح جديد كلياً.
(5)
حيث نجد برنامج أغاني وأغاني يرتكز على فكرة التوثيق للأغنية معتمداً على الذاكرة الحية والنشطة للأستاذ الراحل السر قدور باعتباره شاهد عصر على الكثير من الأحداث والمواقف .. وفي الغالب كان برنامج اغاني واغاني يعتمد على الاغاني القديمة مع إعادة تدويرها بالأصوات الغنائية المشاركة وذلك بعكس برنامج المايسترو الذي كانت تقوم فكرته الأساسية على تقديم الأغنيات الجديدة والخاصة للمطربين المشاركين مع تقديم تحليل موسيقي علمي من جانب الأستاذ يوسف الموصلي باعتباره مغنياً وأكاديمياً ويملك قُدرات فذّة وخارقة في التحليل المتقدم .. ونجح البرنامج وقتها في اقتلاع نسبة عالية من المشاهدة بفضل طريقة العرض الجديدة من حيث التحليل والتنفيذ المُوسيقي المُتقن بمُصاحبة النوتة الموسيقية.
(6)
كان البرنامج طفرة من حيث الطرح المغاير والمُختلف واستطاع ان يقدم الكثير من الأغنيات الجديدة وذلك منحى نسانده وندعمه بالنسبة للفنانين الشباب .. مع أنني في جلسة رمضانية بمنزل الصديق الفنان (سيف الدين عبد الرازق) قلت ليوسف الموصلي معظم الأغنيات الجديدة التي قدمت لم ترق حتى على مستوى موسيقى شعار برنامج المايسترو.. الجدير بالذكر أن موسيقى الشعار مأخوذة من مقدمة أغنية (طفل العالم الثالث).
صحيفة الصيحة