أعلن المبعوث الأممي للسودان، رئيس بعثة (يونيتامس) فولكر بيرتس، أن مجلس السيادة برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، سيعلن عن إجراءات ثقة جديدة في البلاد. وأكد فولكر في إحاطته أمام الأمم المتحدة امس الاول، أن المرحلة المقبلة من المحادثات في الخرطوم، ستعالج مسائل أساسية، إلا أنه حذّر في الوقت عينه من انزلاق البلاد إلى نزاعات وانقسامات.
وقال “للأسف، لم تتحسّن الحالة في السودان منذ إحاطتي الأخيرة لهذا المجلس في يناير”، وأضاف بأنّ البلاد بدون حكومة عاملة منذ 25 أكتوبر 2021، وتابع “الوقت ليس في صالح السودان”، ولفت إلى أن هناك زيادات هائلة في أسعار الخبز والوقود والكهرباء والأدوية والرعاية الصحية والنقل العام وغيرها. وزاد “السودان معرّض كذلك لخطر خسارة المليارات من الدعم الخارجي”، وأعلن دعم البعثة لتنفيذ الترتيبات الأمنية في دارفور من خلال لجنة وقف إطلاق النار الدائم في دارفور التي ترأسها (يونيتامس).
احتجاجات متكررة
وقال فولكر خلال إحاطته “تتواصل المطالبات بإنهاء الحكم العسكري على شكل احتجاجات متكرّرة في الخرطوم وأماكن أخرى. وفي الوقت نفسه، ما زال المتظاهرون يُقتلون أو يعانون من إصابات خطيرة”، وتوقّع أن تبدأ مرحلة مكثّفة من المحادثات في الأسبوعين القادمين، “مدركون تماماً بأنّ ذلك سيكون خلال شهر رمضان المبارك.. بجانب أن يشارك أصحاب المصلحة بروح السلام والمسامحة التي تميّز هذا الشهر”. وشدّد المبعوث الأممي بأنه لإعطاء هذه المحادثات السياسية فرصةً للنجاح، فلا بدّ من تهيئة ظروف ملائمة (بيئة مواتية). وسينجم عن ذلك ثلاثة أمور أساساً: إنهاء العنف، الإفراج عن المعتقلين السياسيين والتزام راسخ بالتخلص التدريجي من حالة الطوارئ الراهنة. وقال “نقلتُ أنا والمبعوث الاتحاد الأفريقي حسن لبات، هذه الرسائل علناً وكذلك مباشرة بشكل خصوصي، إلى القيادة العسكرية وإلى جميع أصحاب المصلحة. وقد أُبلغت في عطلة نهاية الأسبوع أنّ الجيش يدرس الآن بعض إجراءات بناء الثقة التي، إذا تمّ تنفيذها، يمكن أن تعزِّز البيئة لإجراء المحادثات السياسية”.
وفاءٌ بالالتزامات
وفي ردها على إحاطة فولكر، قالت الحكومة إنها تبذل ما تستطيع ولكن المجتمع الدولي لم يفِ بتعهداته.
وأكد عمّار محمد محمود، القائم بالأعمال بالإنابة في بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، أن القيادة السياسية السودانية ترحب بالدور الذي تقوم به (يونيتامس)، شريطة أن تكون ملكية العملية بكاملها للأطراف السودانية، وأن يقتصر دور (يونيتامس) على تيسير التحاور بين الأطراف دون مُحاولة التأثير على نتائج المشاورات. وفيما يتعلق بالوضع الأمني وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، قال محمود: “نشير إلى أن الحكومة السودانية تعمل بتنسيق تام مع شركاء العملية السلمية من أجل تنفيذ بنود الاتفاق.” وأوضح محمود أن أكبر تحدٍ يُواجه تنفيذ اتفاق جوبا للسلام في الوقت الحالي هو عدم وفاء الأطراف والجهات الدولية بالتزاماتها وتعهداتها المالية تجاه الاتفاق، على حدّ تعبيره. وتابع: “إن الحكومة السودانية تبذل ما تستطيع في حدود قدراتها المالية لتلبية استحقاقات السلام في ظل أوضاع اقتصادية دقيقة، من هنا نناشد المجتمع الدولي الإسهام في توفير الدعم المالي لاستكمال تنفيذ كافة بنود الاتفاق”.
تفاؤلٌ
تساءل عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير عادل المفتي عن تلك الإجراءات التي ينوي البرهان القيام بها لإعادة الثقة في البلاد، وقال لـ(الصيحة) مبدئياً يمكن أن نتفاءل لأنها وعودٌ مُبهمةٌ. ومضى قائلاً هل المبعوث الأممي تلقى وعوداً من المكون العسكري وما هي الضمانات لتلك الوعود؟ وهل المُكوِّن المدني هل سيوافق عليها؟ أم يرفض اي اجراءات يمكن ان يقوم بها المكون العسكري. وقال من الصعوبة بمكان التكهن بتلك الإجراءات رغم أننا نتفاءل بكل خطوة يمكن أن تعزز الثقة في البلاد وحدوث تحول مدني حقيقي أو اعلان وحدة بين القوى السياسية الوطنية بجانب إطلاق سراح المعتقلين, واضاف كل ذلك مطروح لاعادة الثقة، غير انه عاد وقال السياسة ليس فيها اشياء مغلقة، ولكن علينا ان نتفاءل بأن يكون هنالك تحول حقيقي.
ورطة حقيقية
ويقول المفتي ان المكونين المدني والعسكري الآن يشعران بورطة حقيقية, لأن المكون المدني حتى الآن لم يتوحد حول فكرة واحدة او عمل موحد وليس هنالك نوع من الاتفاق فيما بينهما، وقال ان اجراءات البرهان في الـ(25) من اكتوبر من العام الماضي خلق نوعاً من الأزمات السياسية والاقتصادية بالبلاد. وأشار إلى أن البلاد تمر بمرحلة سيولة أمنية، وبالتالي المكون المدني الآن في ورطة.
وأضاف: لذلك لا بد من وجود قادة وطنيين وسياسيين حقيقيين يدافعون عن خطورة المرحلة. وانتقد المفتي الدور الذي يقوم به المبعوث الأممي فولكر بيرتس، وقال لماذا يحل مشاكلنا ويتحكّم فينا، بل ويرسم صورة قاتمة عن الوضع السياسي بالبلاد.؟؟؟ وقال الآن نُباع ونُشترى وأصبحنا جزءاً من الكيكة التي يقوم المستعمر بتوزيعها!! وقال نحتاج الى من ينظر لخطورة تلك المآلات والمرحلة والمحافظة على وحدة وأمن البلد.
تعزيز الثقة
ولكن القيادي بحزب البعث عادل خلف الله يرى أن المبعوث الأممي فولكر لن يخرج من جلباب المهمة التي جاء من أجلها. وقال لـ(الصيحة) في وقت سابق أوضحنا وجهة نظرنا بأننا مع الشعب السوداني في إفساح الطريق أمام التحول الديمقراطي يختار فيه حكومة خلال فترة انتقالية محدودة الأجل والمهام قائمة على دستور جديد وسلطة مدنية كاملة. وقطع بأنه لن يكون هنالك أي دور يمكن أن يقوم به مع مَن قطع الطريق امام التحول الديمقراطي ولن يلعب أي دور سياسي خلال الفترة الانتقالية. وأكّد أنّهم مع الشعب السوداني في إسقاط إجراءات الـ(25) من اكتوبر من العام الماضي. وقال خلف الله إن رؤيتهم تختلف مع رؤية فولكر، مبيناً أن حديث فولكر ليس لديه أي قيمة إلا إذا كانت هنالك إجراءات تعزز رغبة الشعب السوداني في سلطة مدنية.
حاجز نفسي
ويرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن حديث فولكر جُزءٌ من المُساهمة الدولية لحل الأزمة السودانية الذي برهن الشعب من خلال المسيرات والاحتجاجات والنقاشات والحوارات بأنه لا بديل للديمقراطية في السودان إلا الديمقراطية, بالتالي اصبح المبعوث الأممي جزءا من حل الأزمة السياسية في السودان, وقال لـ(الصيحة) بالتأكيد هنالك حاجز نفسي للذين قاموا بإجراءات الـ(25) من اكتوبر من العام الماضي، هذا الحاجز مع الشعب, ولذلك أي مبادرة يمكن أن تكون مقبولة للشعب اذا استوعبت الأسباب التي أدّت للاحتقان والأزمة بين السلطة والشعب، وقال لإعادة الثقة لا بد من إطلاق سراح المعتقلين ورفع الطوارئ وفتح مسارات الحوار بين الأطراف دون خصوصية وإعادة تأكيد إنهاء النظام السابق وتصفيته والعمل على بناء دستور جديد. وقال تلك الإجراءات إذا اشتملت على ذلك سواء قام بها البرهان أو المكون العسكري أو المجلس السيادي أو من ينوب عنهم وأصبحت أمراً واقعاً سيكون لها ما بعدها، وستكون بداية صحيحة للعودة إلى التحوُّل الديمقراطي.
تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة