من بلاغة القرآن أكد أن سيدنا عيسى عليه السلام ليس له قوم وجاء ذلك بدقة لغوية متميزة حيث أن كتاب الله في قصص الأنبياء ان كثيراً من الأنبياء خاطبوا قومهم بكلمة يا قوم
يقول عز وجل في نوح: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله) (الأعراف 59)
وهود عليه السلام يقول لقومه (وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ)
وكذلك صالح عليه السلام يقول لقومه (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) (هود 61)
ولوط كذلك (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) (الأعراف 80)
وهكذا حال الأنبياء وموسى عليه السلام ينادي قومه في كثير من الآيات بقوله (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم) (البقرة 54)
يقصد بني إسرائيل.
كما نعلم أن سيدنا موسى أرسل لبني إسرائيل
ولكن ماذا عن سيدنا عيسى وقد أرسل إلى بني إسرائيل أيضاً؟
الحال يختلف مع سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام
فلا توجد أي آية في القرآن تجمع كلمة (عيسى) أو (المسيح) مع كلمة (قوم) فكان يخاطبهم بقوله يا بني إسرائيل دائماً من دون أي ذكر القوم.
يقول المسيح (وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) (المائدة 72)
ويقول أيضاً(وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم) (الصف: 6)
وهكذا في كل القرآن لا نجد ذكراً لقوم عيسى.
والآية الوحيدة التي ذكر فيها سيدنا عيسى مع كلمة (قوم) وهي (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (الزخرف 57)
وكلمة (قومك) هنا لا تدل على قوم عيسى بل قوم محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأن الخطاب في هذه الآية للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم
أي أن عيسى ليس له قوم ما هو السر
حتى عندما تحدث القرآن عن السيدة مريم أم المسيح نسبها إلى قومها قال تعالى (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا) (مريم 27)
ولكن المسيح لم ينسب لأي قوم في القرآن
ولكن لماذا سيدنا عيسى ليس له قوم مثل بقية المرسلين
نسبة الإنسان تكون دائماً لأبيه
فالأب ينتمي لقبيلة أو قوم أو بلد وكذلك فإن الابن ينتمي لنفس القبيلة أو القوم أو البلد
فسيدنا نوح ينتمي لأب من قومه ولذلك نسب إليهم وسيدنا إبراهيم ينتمي لأبيه أزر من قومه فنسب إلى قومه وهكذا.
وهنا نتساءل (لمن ينتمي سيدنا عيسى)
طبعاً هو لا ينتمي لأي قوم لأنه ولد بمعجزة وجاء إلى الدنيا من غير أب ولذلك من الخطأ أن يقول المسيح لبني إسرائيل: يا قوم!!
وكان لا بد أن يناديهم بقوله يا بني إسرائيل
وهذا ما فعله القرآن ولا توجد ولا آية واحدة خارج هذه القاعدة.
وهذا الأمر ينطبق على سيدنا آدم حيث إنه جاء من غير أب وأم بل خلقه الله من تراب ولذلك لم يذكر القرآن قوم لآدم بل لم تتحدث ولا آية من القرآن عن ذلك. وهذه من دقة القرآن وأحكامه.
إذن جميع الأنبياء لديه قوم عدا سيدنا آدم وسيدنا عيسى عليهما السلام
ولتأكيد ذلك جاء في الآية الكريمة (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران: 59)
وهي الآية الوحيدة في القرآن التي يجتمع فيها اسما آدم وعيسى عليهما السلام.
فانظروا إلى دقة وبلاغة معجزة القرآن الكريم.
إنه كتاب الله وقوله.