زهير السراج يكتب.. الافاك يصرخ !

من سخرية الاقدار ان الذين كانوا يؤيدون ويدعمون بشدة اغلاق ميناء بورتسودان عصب الاقتصاد السودانى بواسطة العميل الاخوانى العسكرى( ترك) وجماعته المخدوعة، ويهللون لذلك ويظهرون سعادتهم الكبيرة بالاغلاق وشماتتهم فى الحكومة المدنية، وبهجتهم بتصريحات سيدهم بانهم لن يتدخلوا لانهاء ازمة اغلاق الميناء والطرق القومية فى شرق البلاد لانها شأن سياسى، رغم انها أزمة امن قومى ومهدد خطير لاقتصاد وامن البلاد، وهو ما حدث بالفعل إذ ان الاغلاق ادى لتحول شركات الملاحة من ميناء بورتسودان الى موانئ أجنبية، ولا يزال الميناء معطلا حتى اليوم، وفقدان الالاف لاعمالهم ومصادر دخلهم ومعيشتهم، فضلا عن فقدان الدولة لعائدات بلغت مليارات الدولارات، كنتُ قد فصلتها فى مقال سابق اعتمادا على إحصائيات جهات مختصة من بينها اتحاد اصحاب العمل والغرفة التجارية وغيرهما.
أقول .. من سخرية الاقدار أن من وقفوا مع المتمرد العميل (ترك) ومطالبته باسقاط الحكومة وحل لجنة تفكيك التمكين، وتحريضهم لعسكر السلطة بالانقلاب على الثورة والحكومة المدنية وخيانة الشراكة والاتفاق الذى وقعوه فى اغسطس 2019 بحماية الانتقال الديمقراطى، يتحدثون الان بلا خجل ولا حياء بان تتريس الشوارع بواسطة لجان المقاومة وقوى الثورة تعطيل لمصالح المواطنين، ويرفع احدهم صوته الذى يشبه خوار الثيران قائلا:
“ما هي لجان المقاومة حتى تعلن تعطيل مصالح المواطن والدولة لمدة يومين بقفلها للشوارع وحرق الإطارات والمواد البلاستيكية التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي وتصبح جحيماً لايطاق لاصحاب الأمراض المزمنة مثل الازمة والجيوب الانفية والالتهابات بصورة عامة .. لا أجد مبرراً مفهوماً لتعطيل الحال ومنع الموظفين من الوصول إلى أماكن عملهم ومنع التجار من مزاولة أعمالهم ونشاطهم ومنع المرضى وأصحاب الاحتياجات الخاصة من الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية، أناشد إباء وأمهات هؤلاء الشباب المنقادين أن يقوموا بارشادهم إلى الطريق الصحيح لأن هذا الأمر قد يدفع السلطات المختصة للتصرف، وهو الأمر الذي تريده الاحزاب المقبورة لتحقق غايتها بالمتاجرة بهولاء الشباب، وأناشد السلطات بالكشف عن ما يسمي بلجان المقاومة هذا الجسم المشبوه الذي قام بتعطيل الحياة العامة وزيادة الازمة وخنق الحكومة ومنعها من أداء واجباتها بالممارسات الصبيانية التي تقوم بها واثرت بشكل مباشر على حياة المواطن السوداني”.
تخيلوا هذا الافاك المنافق الذى لم يجد حرفا واحدا يكتبه عن مقتل عشرات الشهداء واصابة المئات والعنف الممنهج واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا الى الشوارع مطالبين بحقوقهم فنالهم ما نالهم من الاذى والقتل الذى لا يزال مستمرا حتى اول امس باستشهاد الشاب (بابكر الرشيد) باصابة مباشرة فى الصدر بالرصاص الحى ــ وهو من مواطنى حى ابوروف با مدرمان وشقيق الشهيد بدوى الرشيد (لهما الرحمة والمغفرة وجنات الرضوان) ــ كل ذلك لانهم خرجوا يمارسون حقهم الدستورى بالتعبير عن رأيهم، فكان نصيبهم القتل بواسطة قوات السلطة الانقلابية الغاشمة التى تخطت شهرتها فى الاجرام والوحشية حدود البلاد الى كل العالم، وصدرت ضدها العقوبات الدولية من وزارة الخزانة الامريكية، وهى البداية فقط لسلسلة متوقعة من العقوبات لن تتتوقف حتى تطال القادة الذين اصدروا اوامر القتل واطاحوا بمكتسبات البلاد التى تحققت بعد سقوط النظام البائد، وعادوا بالبلاد الى مربع العزلة والعقوبات والتسول من السلاطين، بعد ان بدأت تسير فى الطريق الصحيح بالانفتاح على العالم واتخاذ الاجراءات الكفيلة باصلاح الاقتصاد وتحقيق التنمية المطلوبة لدولة يمكنها ان تكون مصدر الغذاء ليس لنفسها فقط وانما للعالم باسره، لو تركها العسكر المفتونون بحب السلطة والتسلط والتبعية للخارج، فى حالها.
لم يكتب الافاك حرفا واحدا عن المشاهد المأساوية الدامية منذ الانقلاب المشؤوم، ولم يصرخ بصوته الغليظ مطالبا العميل (ترك) بفتح الميناء، بل هلل لقفله وخرج فى مسيرة هزيلة مدفوعة القيمة محرضا اسياده عسكر السلطة على الانقلاب على الثورة واسقاط الحكومة المدنية، ولم ينتقد التدهور المريع فى كل نواحى الحياة بعد الانقلاب المشؤوم، والانهيار الاقتصادى والمجاعة التى اقتحمت كل البيوت والغلاء الطاحن، والعمالة للأجنبى ورحلات التسول تارة الى روسيا، وتارة الى الخليج، وعرض السودان وموارده وموانيه وشواطئه فى سوق النخاسة الدولى، ولكنه خرج صارخا من تتريس الشوارع لاستعادة الحرية والكرامة واسقاط السلطة الانقلابية، وحماية الثوار من القتل والاعتداء .. وكيف لا يصرخ، فمن اين له بعد ان يسقط عملاء الخارج الذين اعتلوا السلطة فى البلاد فى غفلة من الزمان، بما يتمرغ فيه من مال الشعب المنهوب، والاحساس بمتعة لعق احذية سادته؟!

صحيفة التحرير

Exit mobile version