المظاهرات أسقطت البشير لانه كان يحكم عبر حزب ، و عدد غير قليل من أعضاء الحزب يرفضون استمراره رئيسا ، سواءا امتلكوا الشجاعة الكافية للتصريح بالأمر، أو صمتوا رغبة أو رهبة . لذا انحازوا إلى الثورة و أجبروه على التنحي .
البرهان و حميدتي اليوم دوافعهم هي شهوة السلطة يحيط بهم بعض الرجرجة ، و تحركهم المطامع و المخابرات الإقليمية لتحقيق أهدافهم و أهدافها ، لا يتورعون عن قتل و سحل كل من يخرج للتظاهر ..
بقراءة واقعية للمشهد فالتظاهرات الجارية الآن لن تسقطهم ابدا ، بل تزيدهم بطشا و تشبثا بالسلطة إلى آخر رمق . كيف تطلب من الديكتاتوري الذي تتوعده بالسجن و الإعدام أن يسلمك السلطة التي يستمد منها قوته و كينونته ؟ . انت تطلب المحال و تدفع مزيدا من الشباب ليهدروا دماءهم لتحقيق هذا المحال .
استغرب جدا من بعض الأصدقاء الذين يقولون لنا لماذا لا نوجه خطابنا إلى قادة الانقلاب القتلة بدلا عن السياسين و المتظاهرين . ردنا لهم بهذه القصة :
إذا خرج اسد أو حيوانات متوحشة من قفص في حديقة ما فاننا لا نستطيع أن نمنعها من قتل و سحل كل من يمر أمامها أو يصل إليها ، لكن بإمكاننا تنبيه البسطاء و الأطفال بعدم الوصول اليها و نوضح لهم خطورتها ، و بسرعة نبحث عن مروض الحيوانات المتوحشة ليعيدها إلى اقفاصها، و سيكون خطأ جسيما أن دفعنا إليها البسطاء لترويضها لأن النتيجة معروفة سلفا هي قتل و سحل البسطاء المنادين بعودة الحيوانات إلى الأقفاص…
و نحن كذلك لا نوجه كلامنا أبدا الى حميدتي و البرهان لأنهم أشبه بهذه الحيوانات المتوحشة ، لكن ندفع اليهم بقادة العمل السياسي لأنهم الأقدر على محاورتهم و اعادتهم إلى ثكناتهم بكل سهولة و الانتقال بالبلاد من حالة الاحتقان و الدمار إلى مرحلة التحول الديمقراطي و البناء و التنمية …
مؤسف جدا أن تصل انتهازية السياسة في بلادنا إلى دفع الشباب للموت في ساحة غير متكافئة الأسلحة . شباب عزل و بصدور عارية يتركهم السياسيون يواجهوا رصاص الموت في الشوارع .
مشاكلنا الاقتصادية و الأمنية و الاجتماعية حلها سياسي بحت ، حلها ليس بيد حميدتي ولا البرهان و لا لجان المقاومة ولا السانات و لا غيرهم ، حلها عند السياسيين و توافقهم على إيجاد الحل ..
غير ذلك سنصدر كل شهر جدولا للتظاهرات التي يتساقط فيها الشباب و البسطاء .
ارسلوا المروضين و احقنوا دماء ابناءنا..
سالم الامين