وقوع السياسة السودانية في ذات الفخ، وفي ذات الأزمة لا يعني عدم الاتعاظ من السياسات السابقة كما لا يعني عدم إدراك حجم الأزمة الذي تسببت فيها هذه السياسات بقدر ما يعني تنفيذ ذات السياسات.
نعم تتكرر الأخطاء السياسية، وكأنها لم تقع بالأمس، وذلك بسبب تكرار التجارب نفسها ليس إلا.
عانى السودان أشد المعاناة بسبب سياسات المحور، فما أن تظهر أزمة إقليمية أو دولية إلا ويقوم السودان بمساندة جهة على حساب جهة ظنا منه أنه سيستفيد بموقفه هذا، فالنتيجة التي تظهر دائما هي الفشل على الجانبين حيث نخسر الموقف العالمي، وتنالنا نتائج أخطاء من نقف معهم.
وما أكثر الأمثلة على ذلك ولعل أبرزها دخول العراق أرض الكويت، والحرب اليمنية السعودية.
بل حتى على مستوى المنظمات وقعنا في هذا الفخ، فكم نالنا من الأذى بسبب مساندتنا لحركة حماس ولتنظيم القاعدة!!
لا أحد يدعو للتبعية ولا أحد يدعو لعدم اتخاذ المواقف المبدئية التي تتماشى وتتسق مع عقيدتنا وانتمائنا الإسلامي.
لكن ما دام يضمنا عالم له أعرافه وتقاليده وقوانينه التي ننعم ونستفيد من إيجابياتها، فلا بد أن نحمي هذه الأعراف إذا ما انتهكت وتعرضت لاعتداء.
كما أنه لا بد أن يكون لنا مبررا واضحا ومقبولا عالميا وقانونيا في أي موقف نبتناه إزاء القضايا الإقليمية والدولية.
فلا يمكن بحال من الأحوال أن نتخذ موقفا ليس له أي سند قانوني أو دبلوماسي ونحن لدينا وزراة خارجية ولدينا سفراء معتمدون في دول العالم، وللعالم سفراء معتمدون لدينا.
فإن سلمنا من ويلات سياسات المحور، فسوف تطالنا ويلات العزلة العالمية.
اوردت الأخبار اليوم جلوس سفراء دول أوربية مع وزير الخارجية تطلب منه اتخاذ السودان موقفا واضحا ومعلنا تجاه الهجوم الروسي على أوكرانيا مستفسرة عن زيارة الفريق حميدتي نائب المجلس السيادي لروسيا خلال الأزمة الروسية الاوكرانية؟
لا ينبغي أن ننتظر طلبا من العالم يحثنا على التأكيد على سلامة وأمن الدول من جيرانها، فهذا حق ينبغي أن نتبناه من أول وهلة قبل أن يطلب منا.
فشل سياسات المحور لا تحتاج لدليل، ولكن لأننا نحكم وندير أمورنا بذات العقلية لذلك تتكرر الأخطاء، وكأن من قام بتنفيذها جهة واحدة لم تتغير.
لسنا نحن بالدولة الفقيرة حتى تنتظر الأزمات العالمية لنصطاد من خلالها.
كما أن السياسة التي تقود البلد إلى عزلة لم تكن لها ميزة واحدة،
فلا من وقفنا معهم كفونا شر العزلة، ولا هم حققوا فوائد تذكر بسبب وقوفنا معهم.
العيش وسط العالم وكوننا جزء من منظومته لا بد أن نكون فيه على الخط العام الذي يحترم القوانين وسيادة الدول.
كما أن المكاسب السياسية لا تحتاج إلى سياسات المحور بقدر ما تحتاج إلى سياسات متوازنة تضمن المصالح وتحفظ الحقوق.
دخولنا في عزلة دولية سببه مواقفنا السياسية التي نعتقد دائما أنها هي طوق النجاة في حين أنها هي دائما ما تثبت لنا أنها هي سبب الهلاك.
وتكرار هذه الأزمة يعني وبما لا يدع مجالا للشك بأن العقلية التي تحكمنا لم تتغير.
لم يتغير سوى الأشخاص.
صحيفة ابانتباهة