فشل المشروع العلماني فى السودان

رغم الدعم الكبير من ما يسمى بالمجتمع الدولى والاقليم للمشروع العلماني بقيادة الشيوعيين والبعثيين و من شايعهم من الاحزاب الاخرى مثل حزب الامة ، انهارت دولتهم فى اقل من عامين لانها كانت تفتقر للقاعدة الصلبة التى تؤسس عليها الدولة متمثلة فى :

الروية والرسالة الواضحة ومن ثم الاهداف الاستراتيجية والبرامج والخطط للدولة وهذا ما قاله رئيس الوزراء فى عامهم الاول ، واصبحت تنفذ ما يطلبه الداعمون من الخارج من غير اى اعتبار للآثار الكارثية على الوطن والمواطن.

من خلال هذة التجربة الفاشلة لفرض برنامج العلماني على المجتمع السودانى ، يمكن استخلاص اهم الاسباب التي ادت لهذا الفشل السريع رغم الدعم الخارجى الضخم وهى:
1- السعى لاقامة دولة علمانية بالسودان رغم انهم يختبؤن احيانا تحت مسمى الدولة المدنية ،

وكما يفعل دائمًا أعداء الاسلام إستطاعوا استيراد المعارك التى دارت بين العلماء ورجال الكنيسة فى العصور الوسطى الى المناخ الاسلامى السودانى فى محاوله لتحقيق النصر الذى حدث هنالك ، أنهم استوردوا المعركة التى لم يكن الاسلام طرفًا فيها ، ليستوردوا انتصارات موهومه ، دون وعى بالميراث الثقافى والشخصية الحضارية للمجتمع السودانى، مشكلتهم الاساسية انهم اعتبروا الحضارة الغربية ومقولاتها قياسًا لكل دين ومجتمع وحضارة .
وفى مجتمع محافظ كالمجتمع السودانى الذى يقدس الاسلام يتولد لدى الشيوعين والعلمانيين إحساس بالعزلة الشعورية تنتج منهم تجمع انطوائي متمرد على كل العادات والتقاليد والقيم الأساسية للمجتمع ، كما قال ماركس (إنها عبء ثقيل وقال الدين افيون الشعوب) ، لذلك جاءت وثيقتهم الدستورية تخلو تمامًا من ذكر اهم عوامل تمازج وتماسك المجتمع السودانى وهى الدين الاسلامى واللغة العربية. إنهم يسعون بجد لتجاوز اكثر من 1400 عام من واقع ترسخت فيه الثقافة العربية والاسلامية ، ومحاولة بائسة لاحياء التراث الكوشى ( طلائع ابى دماك- والكنداكة ) وذلك بغرض ضرب منظومة القيم والأخلاق التى يضيقون بها ذرعًا.(راجع مقال د ياسر ابشر ).

2- تبنيهم روح الانتقام والكراهية والتشفي وذلك بغرض ضرب منظومة القيم والاخلاق التى يضفون بها ذرعًا ، الشيوعيون والعلمانيون ضدد التسامح أبتدأ ، والتسامح والعفو من القيم الرفيعة فى دين الله ، لكنهم يستمدون روح الانتقام من مقولة فريدك انجلز : لاتنسى اى اهانه او اساءه وجهت الينا ( الشيوعين) فإن وقت الانتقام سياتى ويجب ان نستغله احسن استغلال ( الدم قصاد الدم ….. ما نقبل الدية ) .

معلوم بالضرورة لايمكن بناء حضارة او امة او نهضة وطن ، بالكراهية والعدوانية والتشفي والانتقام ، ولنا فى رسول الله ومعلم البشرية ونبى الرحمة للعالمين أسوه وقدوة حسنه عند الانتصار وفتح مكة ( اذهبوا فانتم الطلقاء ) ، وكذلك الزعيم الافريقى مانديلا كرمز للتسامح من اجل بناء واستقرار جنوب افريقيا .

ويمكن ان ننظر المفكر والزعيم المسلم على عزت بيقوفيتش كأفضل مثال يجسد السياسة الإسلامية بكل حكمة وجدارة ، حتى فى احلك الايام واصعبها ، وحين الحديث عن المعركة الصعبة التى خاضها كان يقول 🙁 الهزيمة لاتعني ان يغلبك العدو ولو كنت منتصرًا) ، و لذلك كان يرفض بشكل قاطع ان يعامل اعداءه بنفس الطريقة الوحشية التى كانوا يعاملون بها البوسنيين المسلمين ، وحينما كان يعترض احدهم او يطلب منه الرد على العدو بالطريقة ذاتها ، كان يرد عليه 🙁 لايمكن ان نتخذ من اعداءنا معلمين ).

ان من يفرق بين الطريق والهدف سرعان مايشتغل بالطريق المنحرف ألذى سلكه فينسى الهدف والغاية .

ختمًا هذة محاولة لمعرفة اسباب فشل المشروع العلماني الشيوعي على مستوى المبادىء والقيم والرؤيه الكليه والمنهج والتى تمثل الارضية الصلبة والقاعدة لبناء الدولة ، وهى قابلة للاضافة والتعديل من الاخوة ، وسوف نحاول لاحقا مناقشة اسباب الفشل على مستوى القيادات والبرامج والخطط ، ولو انها كما حدث فى الاولى ( القاعدة الاساسية) كانت دوما تنتظر استراد الحلول من الخارج سواء فى معالجة المشاكل السياسية او الاقتصادية او الامنية والاجتماعية وحتى الدستورية والعدلية .

ابو محمود. الخرطوم
24 فبراير 2022

Exit mobile version