منى أبو زيد تكتب : المُعادل المَوضوعي ..!

“النتيجة تبرر العمل” .. أوفيد ..!

(1)

الحاج منصور غارقٌ حتى أذنيه – الكبيرتين – في غرام عوضية ست الشاي، وضاربٌ عرض الحائط بكل اعتبارات ولوازم “برستيجه” الاجتماعي، كرجل صاحب أعمال تجارية وأملاك يصعب حصرها بعصفة ذهنية واحدة، وكشيخ سوق وصاحب هيبة يقر بها كبار أصحاب المحلات، بينما تذروها ست الشاي اليافعة بضحكة واحدة. وهي حال منطقية نوعاً – وإن كانت مائلة – ففي عالم الأرواح لا مكان لاعتبارات الطبقية، وفي حضرة أحكام القلوب لا معنى لثراء الجيوب ..!

عوضية تبتسم في دلال مدروس وهي تزيح خصلة نافرة من مشاطها العتيق. عضلات وجه الحاج منصور تتوتر على نحو ظاهر. عوضية تلتقط الإشارة وتُطوِّر الابتسامة الفاترة إلى ضحكة عفية تفقد الحاج منصور سيطرته على نبرة صوته، فيخرج هادرا وهو يقسم بأغلظ الايمان على أنه مستطيع وقادر – من ما جميعه! – على الزواج من ثالثة أخرى جديدة و”مؤقتة”، كالمعتاد ..!

عوضية تمضغ اللبان بغنج – وتكشف عن أسنان بيضاء من غير سوء – وهي تواجه لهفة العاشق الستيني بنصف اكتراث ونصف إغماضة من عينيها الناعستين:

ــ الشاي ح يبرد يا حاج ..!

ــ قلتِ شنو .. على سنة الله ورسوله .. وطلباتك كلها مجابة من قبل ما تفكري فيها زاتو ..!

ــ موافقة لكن عندي شرط .. شغلتي ما بخليها .. أنا “ست شاي” لامن أموت ..!

الحاج منصور متلجلجاً في فرحٍ عظيم:

ــ وأنا قبلت شاهيك .. وشربت شرطك ..!

(2)

الأستاذة سعاد تتمايل في مشيتها بحبور ظاهر وتبدو متأنقة بفداحة على غير المعتاد، وأسامة – الحارس الشاب بشركة أمن المؤسسة – يقطع طريقها بحركة رياضية مدروسة وهو يختار أكثر ابتساماته جاذبية:

ــ صباح الخير يا سعادة المديرة ..!

سعاد تتحسس مواضع الشيب المصبوغ في رأسها بارتباك ظاهر وهي تفكر كم يبدو أسامة اليوم وسيماً أكثر من المعتاد:

ــ صباح الخير يا أسامة .. مديرة شنو نحن خلاص ح نعيش بعد يومين في بيت واحد ..!

أسامة لا يبدو بحاجة إلى كامل لياقته العاطفية حتى يدرك أنه أمام امرأة عاشقة. المديرة العانس الثرية ذات المنصب الكبير والقدر المتواضع من الجمال والدلال كانت دوماً تريده زوجاً – وليس أي شيء آخر – وهو من جانبه لا ولم يستنكف يوماً غواية امرأة ثرية. صحيح أنها أقل جمالا مما تظن لكنها أيضاً أكثر ثراء مما كان يحلم ..!

المديرة العانس كانت تحلم بالستر وبالتقلب في نعيم العشق الحلال مع شاب قوي البنية موفور الضحك، قليل الاعتراض على قراراتها المتسلِّطة. وحارس الأمن الفقير – المتزوج من بنت الجيران والأب لأطفال متطلبين – كان يحلم منذ زمن بوظيفة زوج الست. وهو أكيد من أن زوجته الشابة الجميلة ستتفهم الأمر وتذعن لأحكام الواقع كلما رأته داخلاً عليها بما تحتاجه وأكثر. زوجته سترضى بوجود تلك الضرة التي تؤمن مستقبل أولادها في مقابل أن تشاركها قليلاً في قلب وجسد زوجها الذي تحبه وتثق في محبته رغم شروعه في الزواج من عانس ثرية ..!

أسامة يبتسم في وجه خطيبته الخمسينية:

ــ وفي بيتنا ح تكوني مديرة حياتي ..!

سعاد تسأله بطفولة تتناقض ومظهرها الصارم:

ـــ ياربي ألبس زفاف ولا ألبس بلدي ..!

أسامة وهو يقاوم شعوره بالضجر من الخوض في تفاصيل قد تذهب ببركة صفقته الرابحة:

ــ ألبسي توب أبيض ..!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version