يقال أن الجاهل إذا نجح في حياته، فهذا النجاح يعتبر ضربة قاضية للتعليم.
بينما إذا فشل الجاهل، فهذا الفشل يعطي التعليم ضرورة ومكانة.
هذا المعنى قد يعكس على الممارسة السياسية أيضا، ففي ظل غياب الحكم المدني في السودان، فإن نجحت الممارسة الآن في ضبط الشارع، وفي استقرار الأمور الاقتصادية، وتم الارتقاء في العلاقات الخارجية؛ لتصب في مصلحة الوطن، فتنفس المواطن الصعداء إزاء شعوره بالعافية، إذ أن للعافية إحساس لا يخيب حينئذ سوف ينسى المواطن مناداته لحكم مدني أو على الأقل يخفت صوته، وسوف لن يهتم كثيرا بمن ينادي بها.
أما إذا زاد الحال سوءا في ظل غياب الحكم المدني، وتبين أن من تصدى له لا يحمل أي رؤية كبديل له، وتحول الحال في جميع المجالات من سيء لأسوأ.
فحينئذ وبلا شك يجعل من لم يفكر في الحكم المدني أن يعيد التفكير فيه كما يجعل هذه الشواهد السلبية ظاهرة وبينة أمام من يدعمه، فيزداد تمسكه به.
فها هي نتيجة من يرفض الحكم المدني ماثلة أمام الجميع لم يستطع حتى تكوين حكومة.
فإن كانت كل إيجابية للوضع السياسي الراهن تضعف وتفشل الحكم المدني، فكذلك كل السلبيات التي تسير في ازدياد وتفاقم، فإنها تدعم الحكم المدني.
فالحكم المدني يعني تكوين مؤسسات الدولة من تشريعية وتنفيذية وقضائية، ففشل الوضع الراهن في تكوين هذه المؤسسات دعم للحكم المدني.
الحكم المدني يعني وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ففشل الوضع الراهن في ذلك دعم للحكم المدني.
الحكم المدني يعني إحساس المواطن بوطنه في كونه يتمتع بكافة حقوقه من حرية وسلام وعدالة، ففشل الوضع الراهن في ذلك دعم للحكم المدني.
الحكم المدني يعني محاسبة كل من يجرم في حق هذا الشعب، ففشل الوضع الراهن في ذلك دعم للحكم اامدني.
الحكم المدني يعني وضع خطط اقتصادية تساهم بصورة حقيقية في إنعاش معاش المواطن، وتخفيف العبء عليه، وإزالة التضخم، والديون، واسترداد عافية العملة، ففشل الوضع الراهن في ذلك دعم للحكم المدني.
فكل من يدعم الراهن السياسي الآن، ويعتبره خير بديل للحكم المدني، ثم يقف عاجزا في تبرير هذا التردي والانهيار المريع في كل مجالات الحياة، فما هذا العجز إلا دليل قاطع بألا بديل، ولا ملاذ، ولا مخرج إلا بالحكم المدني.
فيا من ترفض الحكم المدني انظر ماذا جنينا برفضك له؟
صحيفة الانتباهة