علمتني الدراسة والبحث والمتابعة انه ليس هناك علم إسمه علم الاقتصاد .
كل ما هناك مجموعة أفراد او مجموعة أسر او مجموعة شركات هي التي تتحكم فيما ينتجه العالم من سلع وخدمات وكيفية الانتفاع منها وتحديد أسعارها واسواقها والكميات المنتجة منها ويستخدمون لتحقيق هذا التحكم مؤسسات دولية واقليمية وحكومات وحروب وتصفيات جسدية.
اما يقوم به العلماء من ابحاث ودراسات كله جهد متحكم في نتائجه .
هذا ما يبحثه علم الاقتصاد( في الندرة والوفرة )
الأدوات التي تستخدم لهذا التحكم في ثروات الشعوب كثيرة منها .
1/ صندوق النقد الدولي لوضع سياسات التحكم
2/ البنك الدولي لتمويل هذه السياسات .
3/ مجلس الأمن الدولي أداة لغرض الجزاء على الدول التي تقاوم عمليات التحكم .
4/ الترهيب والترغيب اي سياسة الجزرة والعصا .
المهم التحكم يتم في كل ثروات الشعوب ويذهب ريعها لهذه الأسرة او الشركات التي ذكرتها في مطلع المقال .
هذه المقدمة ضرورية لنفهم حزمة حمدوك الجهنمية لتسليم اقتصاد السودان لهذه المجموعات سواء كانت أفراد او أسر او شركات .
منذ الوهلة الأولى قلت ان حمدوك وفريقه غير مهمومين ولا معنيين بمعاناة الشعب السوداني ومعاشه وإنما لديهم مهمة محددة وهي تهيئة المسرح الاقتصادي السوداني لتسهيل السيطرة عليه والتحكم فيه وذلك عن طريق تخلي الدولة عن دعمها للسلع الاستراتيجية ( ما يسمى برفع الدعم )وهي السلع المرتبطة مباشرة بالانتاج للسلع والخدمات مثل الوقود والكهرباء والدقيق والغاز وما يتبع ذلك من تحرير سعر الصرف وارتفاع قيمة الجمارك على الواردات لأن سياسة الدعم هي العدو اللدود لسياسات التحكم التي ذكرتها في مطلع المقال لأنها بإختصار تجعل الدولة السودانية متحكمة في ماتنتجه من سلع وخدمات وهذا ما يقطع الطريق على عليهم في الهيمنة على هذه الثروات لأن سياراتهم تقوم على صناعة الأزمات من حين لحين عن إيجاد ندرة حادة لسلعة معينة لأنها سعرها الحقيقي ويبقى سعرها سعر حاجة الناس إليها لتحديد سعر جديد لها وهذا يعرف بالتحكم في قانون العرض والطلب وهذا ما لا يمكن الحصول عليه في ظل دولة متحكمة فيما تنتجه من سلع وخدمات وتوزيعها .
نظام البشير رقم كل ما يقال عنه من انبطاح إلا أنه كان عصي بكل ما تعني الكلمة على هؤلاء من تنفيذ سياساتهم في اقتصاد السودان صحيح انه كان ينحني لبعض العواصف لكنه لم يستسلم ابدا ودفع ثمن هذه المواقف بالسقوط المتحكم في نتائجه.
( إلا أن إرادة الله فوق إرادة البشر .)
كان حمدوك دائما يقول ان سعر الصرف الذي يعتمدها نظام البشير غير حقيقي وبالتالي أسعار السلع والخدمات غير حقيقي وتن هذا تشوه اقتصادي لابد من معالجته برفع اي دعم لأي سلعة من السلع الاستراتيجيه
وكان أمامهم مجموعة تحديات وصعاب تجعل من تنفيذ سياساتهم امر شبه مستحيل منها :
1 /تدني الأجور والمرتبات للعاملين بالدولة حيث لا تناسب بين الدخول والمصروفات حسب حاجات الناس اليومية لذلك تم رفع المرتبات بشكل غير مسبوق ثم تم الاعتراف بأن الزيادة كانت بمثابة رشوة لتحرير إجراءات رفع الدم .
2/ إرتفاع نسبة الفقر بين ابناء الشعب لدرجة انه لا يمكن تحمل مزيد من أعباء المعيشة بعد رفع الدعم لذلك جاء برنامج ثمرات وهو نهج قديم تقدم الدول لبعض الناس بحجة وصول الدعم مباشرة لمستحقيه وهذا أيضا بدأ بتطبيق نظام البشير وانتقدناه في حينه وقلنا ان له آثار كارثية على سلوك الشعب وكرامته وارادته .
3/ ان عموم الشعب السوداني ليس بمقدوره ان يتحمل عبء رفع الدعم الذي سوف يحول حياة الناس شبه مستحيلة لذلك رجعوا لخطة صناعة الندرة القاتلة خصوصا في الوقود والدقيق لدرجة ان المواطن أصبحت لديه قابيلية لشراء الخبز والوقود بأي سعر ومنعو اي شركة ان تستورد اي وقود ولا اي دقيق للتحكم في الندرة بشمل كامل وازدهرت السوق السوداء في الوقود بأسعار خرافية حتى بعد قرارات ٢٥ أكتوبر التي ظل حمدوك خيار قوي ومفروض على الجميع وعودتي القصيرة كان هدفها إكمال الحزمة ومن داخل بيته اكمل الحزمة بفرع الدعم عن الكهرباء لم انسى كلام جبريل إبراهيم عن بقاء هبة في وزارة المالية بعد تسلم هو الحقيبة لأنها اي هبة أحد أعضاء فريق حمدوك لتنفيذ الحزمة الجهنمية .
هناك سؤال مهم يطرح نفسه بقوة :
أين البرهان والعسكر من هذه الحزمة الجهنمية التي تمثل أعلى درجات الخيانة للشعب والوطن وموارده ؟
البرهان ألتقيته مرتين الأولى لوحدي والثانية ضمن وفد كتلة المشروع القومي الجامع من خلال هذين اللقاءين لا اشك في وطنيته ولا في قدراته فالبرهان رجل وطني بامتياز وصاحب قدرات مهزلة وفوق ذلك انه مدرك لحقيقة وطبيعة الاطماع والخاطر التي تمر بها البلاد سواء من دول الجوار او من دوائر عالمية وعملاء محليين لكني اشك تماما في تقديراته وآلياته لمواجهة هذه المخاطر والاطماع والتصدي لها بأدوات مكافئة لها ربما يرجع ذلك للدائرة المحيطة به من اعوان ومستشارين من قلة خبرة او عدم أمانة او ربما نتيجة للضغط الإقليمي والدولي المتزايد على المؤسسة العسكرية بعد الجهد الخرافي الذي بذله الناشطون لشيطنتها وتشويه صورتها أمام شعبها .
يعتبر اكبر خطأ وقع فيه البرهان هو تجاهله التام للامر الاقتصادي وترك حزمة حمدوك الجهنمية تمر على معاناة الشعب دون إبداء اي تحفظ عليها او على جزء منها مما جعل العديد من الناس يظنون انه اي البرهان حزء من سند هذه الحزمة .
الآن من نتائج حزمة حمدوك الجهنمية البلاد على أعتاب حصاد القمح ووزير المالية رافض لمجرد الجلوس مع المزارعين ولجانهم المختلفة من الولاية الشمالية ولاية الجزيرة حيث إنتاج القمح رافض الجلوس للاتفاق على سعر تركيزي يراعي إرتفاع أسعار المدخلات الزراعية خصوصا بعد مقلب زبيدة وارتفاع كلفة الإنتاج والناس متخوفة من تخلي الدولة عن شراء القمح مما يؤدي إلى انهيار أسعاره فتكون اقل من أسعار الذرة الفتريتة مما يودي الى درشه من قبل الموطنين وتحويله الى علف للبهائم كما حدث العام قبل الماضي عندما رفض حمدوك سعره إلا بعد فوات الأوان تصبح الدولة غير قادرة على توفير النقد الأجنبي لاستيرات القمح وندخل فيما لا تحمد عقباه ومع ذلك البرهان ولا على باله وكأن الأمر لا يعنيه .
الآن الفول السوداني انهار أسعاره تماما واصبح سعر الجوال خمسة ألف جنيه مع العلم ان كلفة الحصاد للجوال والواحد حصاد وخيش وترحيل تساوي اربعة ألف ونصف حتى وصل سعر النقاوى منه سعر الطن ما بين 400 الى 500 دولارفي حين ان سعره أكثر من ألف دولار وذلك بسبب سياسات الصادر وكذلك السمسم الذي يبلغ سعرة 800 دولار في حين سعره العام الماضي 1410 دولار هذا ينطبق على كل الصادرات الزراعية وتحطيم المزارعين وانهيار الزراعة عمود الاقتصاد الوطني وتسليم البلاد جثة للمجموعات التي ذكرتها في مطلع المقال
الآن البلاد تحتاج تدخل عاجل لمعالجة امر القمح والصادارت فهل البرهان يتدخل لإنقاذ الوقف ؟
إذا رأيت في هذا المقال خير للناس ارجوك قم بنشره على أوسع نطاق .
محمود عبد الجبار
رئيس كتلة المشروع القومي الجامع
المرشح السابق لرئاسة الجمهورية.