بدرالدين عبدالمعروف الماحي يكتب: نقل الكلام .. سلوك مضر بالمجتمع !

تعرف النميمة بأنّها نقل كلام بين الناس بغرض الإفساد وإيقاع العداوة والكره بينهم، وأشد أنواعها حرمة وإثماً نقل الكلام إلى المسؤولين ، وهو ما يعرف بالوشاية، وتنبع خطورتها من كون أن ذلك المسؤول أو المدير أو القائد له قدرة على البطش والإنتقام، وإيقاع الظلم، أما النّمام فهو ناقل الكلام بين الناس بغرض إيقاع العداوة والإفساد بينهم، وهو أشد خطراً على الناس من المغتاب، والنميمة يتعدى أثرها إلى المجتمع، فتتسبب بقطع الأرحام، وتعكير صفو النفوس، وتوقع العداوة بين الناس لذا نجد أن الثرثرة والنميمة ونقل الكلام من افتك أمراض العصر مثلها مثل السرطان والأمراض المتعصية فى إيجاد العلاج لها والثرثرة تقود إلى النميمة والقطيعة والحديث في الناس وهم غائبين والنميمة يمتد معظم تفاصيلها إلى نقل الكلام عن فلان وعلان قال وقال .. ومجتمعنا السوداني بطبيعته والفياقة التي نعيش تفاصيلها بلمة القهاوي وجرجرة بيوت البكيات والمناسبات الأخرى هي أرض خصبة لذلك ونجد معظم المشاكل المجتمعية والأسرية يكون السبب الرئيسي من ورائها نقل كلام وقيل وقال لذلك تظل هذه الخصلة الذميمة آفة العصر ومرض خطير يستوجب الوقاية والعلاج المسبق قبل استفحاله لأن غالبية الكلام المنقول يعرض الناقل والمنقول إليه إلى حد القطيعة والفجور في الخصومة ويصعب دائماً إصلاح ذات البين عندما يكتشف المجني عليه أن فلاناً قال عنه ما لا يرضيه وأهلنا عندهم مثل فيه حكمة وبقولوا ليك (النبزك مش النضم فيك لكن النبزك هو الجاب ليك النضم ) والمغزى في ذلك أن ناقل الكلام يريد أن يوصل لك أنه يعلم عنك كذا وكذا لكنه بخسة استفاد من الراوي والواشي والنمام في الإيقاع به وضرب عصفورين بحجر إذاً في كل الحالات فهو الأعظم وزراً والأقبح ذنباً وأسوأ نيةً ومقصداً خاصةً الذين يدوها (كوزين ) ويزيدون فيه حبتين كما في رائعة الحلنقي (شالوا الكلام ..زادوه حبة حبة جابوها ليك) !! والآن نقل وتهويل الكلام بين الناس هو آفةٌ من آفات اللسان ومدخل من مداخل الشيطان في الإيقاع بين البشر ، و المقصود بنقل الكلام هو الكلام الذي يسيء إلى الآخرين، أو نقل أخبارهم وخصوصياتهم إلى غيرهم دون استئذانهم مما يكشف سترهم ويفضح أمورهم، وغالباً ما يكون الدافع لها الحقد أو الحسد أو الغيرة من الآخرين.يجد بعض الناس متعةً ما بعدها متعة في نقل كل ما يسمع للآخرين بشوق وحماس، متناسين أن هذه العادة من شأنها أحياناً أن تسهم في بث روح الكره والبغضاء بين أفراد المجتمع و مما شك فيه أن هذه العادة السيئة لها إرتباط كبير بالتنشئة الإجتماعية، وتشكيل الفرد وقولبته، خصوصاً في مراحل الطفولة المبكرة ، وهي تحدث بين الناس دون وعي لآثارها السلبية. أن نقل الكلام وتغييره والحط من شأن الآخر، كلها صفات مرتبطة بالنميمة، أن من يتناقل ذلك صاحب شخصية سلبية، تعمل على تشويه صورة الآخر، ورسم صورة سيئة عنه، وهذه العملية تزيد من التوتر والصراع داخل شرائح المجتمع، سواءً في محيط الوظيفة أو العمل أو في أي وسط إجتماعي أن نقل الكلام و تهويله هو سلوك مضر يزيد من حالة الإحتقان داخل المجتمع الواحد، ويعمل على تشويه صورة الآخر وتدميره والحط منه، الغاية منه هي تدمير الآخر والعلاقات الإجتماعية و الوظيفية بين الناس مما يؤدي إلى التنافر و التخاصم الذي قد يحدث بين الأقران أو زملاء العمل. من الأفضل السعي بشكل جاد لتجنب مثل هذه النصرفات ، والإبتعاد عنها لسلبيتها وخطورتها على المجتمع بأكمله ..ويجب أن نعي وننتبه إلى أن دوافع الفرد الذي يعمل على نقل الكلام، هي التي تحدد حالتيه الإنفعالية والنفسية، وناقل الكلام يكون واحداً من ثلاثة أنماط ، نمط يستمتع بإحداث المشاكل بين الناس وهذا ينم عن مشكلة إنفعالية و نفسية لديه ، ونمط ثان يقوم بنقل الكلام بدون أن يدرك ما يفعله ، ونمط ثالث يتقرب إلى المسؤول ،لدى النمط الأول مشكلة ويسبب الأذى للآخرين، ويحقق مكاسباً غير مشروعة، وقد يكون ذكياً ولديه قدرة على إدارة الكلام ووضعه في سياق معين مقنع ، فيما النمط الثاني يستمتع بنقل الأحاديث بدون إدراك لحجم ما يفعله، وهذا ينقصه الوعي، ويتحدث من باب التسلية، ولا يهدف لتحقيق مأرب أو هدف معين ، و النمط الثالث يحاول التقرب للمسؤولين بنقل ما يقال عنهم من غيرهم إليهم، حيث يزرع بذور الحقد والكراهية في النفوس بهذا الفعل المشين.فكم من صديق عادى صديقه بسبب كلمة نقلها حاقد أو جاهل أو حسود فأوغرت الصدور وتباعدت القلوب، وكم من زميل عمل فقد الثقة بزميله نتيجة لهذه العادة السيئة . وهناك بعض المسؤولين من يكوّن خلايا نائمة حوله لتجسس على الموظفين و نقل الكلام له ، وبذلك يسهم في تدمير مؤسسته ، وفي نشر عادة ذميمة في دائرته . أن عملية نقل الكلام بحد ذاتها لها أثرها السلبي بغض النظر عن النية !! إن الشخص ناقل الكلام هو شخص ينقصه الثقة الكافية في نفسه، وهو يحتاج إلى تطوير أهدافه ومواضيع تتعلق به، وليس بالآخرين، وكذلك يستمد شعوره بالكفاءة والثقة من خلال الغير وليس من خلاله ، وفي الدين الحنيف إن السكوت فضيلة، والكلام الكثير منقصة من الإنسان وقد يدخله في إحراجات، وخصوصاً إذا كان هذا الكلام نقل حديث بين الأشخاص.كما أن مثل هذه السلوكات تعد مرضاً إجتماعياً أو نفسياً، خصوصاً أن الناس يجاملون المتحدث ويشجعونه ويستقبلون منه، مما يجعله يتمادى بالمزيد من الكلام، و الأصل هو وزن هذا الكلام ونصح المتحدث بالإبتعاد عن نقل الكلام.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version