محمد عبد الماجد يكتب: حكومة (البوق)!

(1)
 في حوار تلفزيوني لأميتاب باتشان مع الإعلامية المصرية منى الشاذلي قال أميتاب باتشان : (سألت أبى وأنا صغير عن سر نجاح الأفلام الهندية، فقال لى : لأنها تحقق العدل على الشاشة فى ظرف 3 ساعات فقط بينما قد تعيش وتموت دون أن تراه فى الواقع).
 عاد إلى ذاكرتي هذا القول وأنا أقرأ حواراً أمس نشر في صحيفة (الانتباهة) مع أبوالقاسم برطم قال فيه :(إن الحكومة الانتقالية السابقة، لم تستطع ان تركز عملها في القضايا الأساسية ولم تدفع باتجاه حل المشكلات المتأزمة، بل إنها ساهمت في إذكائها أكثر مما كانت عليه، ولذلك فقد كانت بعيدة جداً عن تطلعات الشعب).
 الإذكاء عند برطم يعني الموز وكبدة الإبل وعدم التطبيع مع إسرائيل.
 وكأن الشعب الذي يشارك في المواكب ويقود الاحتجاجات ضد حكومة برطم هو الشعب الهندي أو الشعب الصيني الشقيق.
 برطم يتحدث عن تطلعات الشعب إبان حكومة حمدوك ولا يحدثنا عن تطلعات الشعب الآن وقد وصل عدد الشهداء إلى (81) شهيداً بعد أن أصبح برطم عضواً في مجلس السيادة.
 يترك برطم كل ذلك ويتحدث عن حكومة حمدوك التى كانت بعيدة جداً كما يقول عن (تطلعات الشعب).
 أمثال برطم لا يملكون قدرةً غير التحدث عن الحكومة السابقة – وهو كعادة الهلاميين لا يصرفون للشعب غير (الإنشاء) ، حديثهم دائماً يأتي عن أشياء وهمية ومعنوية على غرار (التطلعات) التي تبدو قريبة من حديث أميتاب عن تحقق (العدالة) في الأفلام الهندية.
(2)
 ونحن طلبة كانت أقصى أمانينا (قميص) بأكمام قصيرة، أظن أن برطم ما زال قابعاً في هذا الشعور وهو يتحدث عن (التطلعات) و يقول : ( على النخب السياسية أن تعلم أن زمن الثورة ولى وأن عليها بناء الدولة). منوهاً بعد ذلك أن حكام الفترة الانتقالية أضاعوا سنتين ونصف من عمر السودان ولم يخلفوا سوى الخراب.
 وماذا عن الذين أضاعوا (30) سنة من عمر السودان؟ الذين كنتم تدعون الشعب للصبر عليهم وأنت واحد منهم تشاركهم في برلمانهم غير الشرعي؟ وتصرف كل جهدك ووقتك من أجل إعفاء سيارات النواب من رسوم الجمارك.
 لقد كان وقتكم كله يهدر في الحصول على قطعة سكنية في الأراضي التي منحت لنواب البرلمان، الذين لم تظهر (أنيابهم) إلّا في القتال من أجل مصالحهم للحصول على نثرية السفر وبدل الوجبة، فقد كانوا من (نوائب) الزمن.
 برطم يقول زمن الثورة ولى، فقط لأنه أصبح عضواً في مجلس السيادة وهو يعرف أن استمرار الثورة يعني الإطاحة به.
 الذي يدعو للاستعجاب أن برطم قال إن حكام الفترة الانتقالية أضاعوا سنتين ونصف من عمر السودان ولم يخلفوا سوى الخراب.. كأن الرجل لا يعرف أن حكام السودان في تلك الفترة كانوا البرهان وحميدتي وحمدوك.. ذهب حمدوك وتقدم باستقالته، لماذا لا تملكون من الجرأة غير محاسبة حمدوك الذي استقال؟
 ماذا أعطتنا حكومة انقلاب 25 اكتوبر غير الموت والدم وإعادة السودان لعزلته بعد أن حقق السودان تقدماً كبيراً في فترة رئاسة حمدوك لرئاسة الوزراء.
 الآن يمضي على قرارات البرهان قرابة الأربعة شهور لم نر فيها غير ارتقاء (81) شهيداً من أبناء هذا الوطن.
 الارتقاء الوحيد الذي حدث في السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر هو ارتقاء هذا العدد الكبير من الشهداء.
(3)
 قال برطم في حوار (الانتباهة) : إن الأحزاب السودانية لا تؤمن بالديمقراطية، متهماً قادتها بتقاسم السلطات.
 المؤسسة العسكرية حكمت السودان أكثر من نصف قرن وهي قد جاءت بقادتها للسلطة عبر (الانقلابات العسكرية) عكس الأحزاب التي لا تتجاوز فترة حكمها بعد الاستقلال أكثر من (10) سنوات كانت فيها بعض السنوات شراكة مع العسكر مما يعني أن حكومات الأحزاب الصافية لا تتجاوز في كل تاريخ السودان الحديث (5) أو (6) سنوات كانت عبر الانتخابات الحرة، وبرطم لا يملك من الجرأة غير أن يحدثنا عن الأحزاب وعن تقاسمها للسلطة.
 عن أية سلطة يتحدث هذا البرطم؟
 نحن لا نعرف عن تاريخ برطم السياسي غير دعواته للتطبيع مع إسرائيل وقد أصبح عضواً في مجلس السيادة بهذه المؤهلات المتمثلة في الدعوة للتطبيع مع إسرائيل.
 برطم قال لا توجد دولة مستباحة من أجهزة المخابرات مثل السودان.. ونحن نتفق معه في هذا الأمر فقد كان من نتاج هذه الاستباحة أن أصبح برطم عضواً في مجلس السيادة، لقد حمل برطم إلى هذا المنصب ربما جهات أجنبية لأنه يدعو للتطبيع مع إسرائيل.
(4)
 بغم /
 السودان الآن يحكمه (العسكر) و (البوق).
 ويخرج بعد كل ذلك أحد الأبواق ويتحدث عن وجوب أن تكون ثورة ديسمبر المجيدة ثورة وعي.
 أعتقد أن (الكيزان) لم يبلغوا هذه المرحلة من السخف.
 حكومة ينتمى لها مبارك الفاضل والتوم هجو وبرطم فإن أكرم موقع يمكن أن يكون لك في ظل هذه الوضعية هو أن تكون معارضاً لها.
 الوعي لا يتوافق مع هذه الانتهازية التي تنضح من أواني مبارك الفاضل والتوم هجو وأبوالقاسم برطم.
 ليس هناك شرف أعظم من أن تكون عكس الاتجاه الذي يقف فيه الفاضل وهجو وبرطم.
 عافنا الله وإياكم من هذا ..

صحيفةالبيان

Exit mobile version