لدى لقائه مزارعي الجزيرة أول أمس قال رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان إن ما طرحه المزارعون بالولاية الشمالية حول تعرفة الكهرباء، قضية تهم كل السودان وأضاف: أنا جزء من المجتمع الزراعي وأدير زراعة قائمة الآن..
بحسب الوثيقة الدستورية 2019م وأيضا تعديل 2020م، وقبل ذلك دستور 2005 فإنه لا يجوز لرئيس وأعضاء مجلس السيادة، والوزراء وحكام الأقاليم مزاولة مهنة خاصة ـو عمل تجاري أو صناعي أو مالي.
هذا الشرط لا نقول لا يلتزم به أي فرد من شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية فقط، بل إن السعي والتكالب نحو هذه المناصب سببه الأساسي استغلال النفوذ لإنشاء وإدارة الأنشطة التجارية والمالية.
دعونا نشكر أولاً وفد المزارعين بالولاية الشمالية لأنهم جعلوا الرجل الأول في الدولة يقر بعدم عدالة زيادات الكهرباء في القطاع الزراعي، والشكر أيضاً لهم فلولا شكواهم ما كان علمنا أن السيد وزير المالية جبريل إبراهيم يتخذ قراراته ويصدرها دون التشاور مع بقية أجهزة الدولة، بل حتى رئيس مجلس السيادة لا يستشار فيها، ودليل ذلك ما قاله البرهان إن تعرفة الكهرباء التي أقرتها المالية أعلى من التي رفعها المزارعون.
نخشى أن تكون كل الزيادات التي أقرت في رسوم العديد من السلع والخدمات مؤخراً وبعد إجازة الميزانية لم تكن بموافقة وعلم بقية أجهزة الدولة، وأن وزير المالية يتخذ مثل هذه الإجراءات كلما شعر بخواء الخزينة العامة فيهرع إلى جيوب المواطن.
التبرير بأن تحرير السلع الأساسية، وزيادة أسعار الكهرباء والوقود لتوقف الدعم الخارجي تبرير فطير ويدل على قصر نظر في إدارة موارد البلاد.
الحكومة تتمدد سياسياً وتشهد المزيد من الصرف في كل قطاعاتها، في المقابل يكابد المواطن ظروفاً معيشية مزرية، مع تآكل الدخل بشكل يومي جراء انهيار العملة.
مزارعو الشمالية تمكنوا من دخول القصر الرئاسي وعرضوا مشكلتهم، وهناك كثيرون يقفون في صف الانتظار لمقابلة البرهان لذات الغرض.. مزارعو الجزيرة والمناقل يرغبون في طرح مشكلات الري والتمويل والمدخلات وفشل الموسم الشتوي، والحال كذلك في الرهد والسوكي وغيرها من المشاريع الزراعية.. أصحاب المصانع أيضاً في صف الانتظار والبحث عن وساطة لمقابلة البرهان.. وقطاع الصادر يبحثون عن وسيلة اختراق القصر.
للأسف كل قطاعات الإنتاج تحمل ملفات مليئة بالشكوى لعرضها على رئيس مجلس السيادة، وهو أمر ما كان له أن يكون لو البلاد تحكمها نظم وسياسات وجهاز تنفيذي لا يتحكم في إدارته وزير المالية منفرداً.
على السيد رئيس مجلس السيادة أن يتخلص من حواشته الخاصة ليتفرغ لحواشات السودان.
صحيفة اليوم التالي