أعلنت عدد من لجان المقاومة في ولايات السودان عن التوصل لتوافق أساسه الإعلان السياسي الذي أصدرته لجان مقاومة ود مدني، وقالت اللجان في تصريح صحفي مشترك: “في إطار توْحِيد الواجهة الثورية سياسياً وبرامجياً انعقدت إجتماعات مُوسعة لتنسيقيات لجان المقاومة لعدد من ولايات السودان وميثاق سلطة الشعب و اللجنة الميدانية المشتركة لإسترداد وحماية الثورة حول نقاش وسَمْكَرة الإعلان السياسي المقدم من لجان مقاومة مدني (ولاية الجزيرة) وميثاق سلطة الشعب والبرنامج الاقتصادي والسياسي وميثاق الشرف السياسي المقدمين من اللجنة الميدانية المشتركة لاسترداد وحماية الثورة شمال كردفان”.
الموت في مواكب حب الوطن
* في يوم الحب؛ المقاومة تهدي الشهداء والجرحى والمعتقلين باقات ورد
* مواكب الحكم المدني يشارك فيها الآلاف من المصابين بحب البلاد
* لجان أبو حمد تعلن استعدادها للذهاب لمناطق الحرب بالمصطرينة وجردل المونة
أعلنت مصادر طبية متطابقة عن سقوط شهيدين، شهيد في مواكب الخرطوم وآخر في مواكب أم درمان، وإصابة أكثر من 137 بجروح خلال المواكب التي خرجت أمس في ولاية الخرطوم تطالب بالحكم المدني وعودة المكون العسكري إلى ثكناته.
وأكدت نقابة أطباء السودان الشرعية ارتقاء شهيد ثاني جراء القمع المفرط لمواكب الأمس، وأضافت في بيانها أنه استشهد في أم درمان، بمستشفى الأربعين بعد إصابته بالرصاص مباشرة في الصدر.
وكشفت رابطة الأطباء الاشتراكيين (راش) عن ارتقاء شهيد موكب الخرطوم بمستشفى الجودة، بعد إصابته بالرصاص الحي في الرقبة والصدر، وأضافت (راش) في بيان لها عن أن الشهيد مجهول الهوية، وأن عمره بالتقريب في حدود ١٧ أو ١٨ سنة، وأضافت بأنه استشهد بسبب القمع المفرط الذي ظلت تواجه به ما وصفتها بالسلطات الانقلابية للمواكب السلمية.
وأكدت لجنة أطباء السودان المركزية وقوع شهيد إثر إصابته في العنق والصدر، وأضافت بأنه أصيب من قبل قوات السلطة التي وصفتها بالانقلابية بطلق ناري متناثر، أثناء مليونية 14 فبراير بمواكب مدينة الخرطوم المتوجهة نحو القصر، وزاد بيان لجنة الأطباء: “السلطة الانقلابية تواصل انتهاكاتها ضد الإنسانية بعنف مفرط وقمع دموي للمتظاهرين السلميين في أرضنا”. وأرسلت في ختام البيان رسالة إلى العالم بأن الشعب السوداني يسير المواكب السلمية باستمرار، ويستخدم كل أدوات المقاومة اللاعنفية المكفولة في كل القوانين والدساتير المحلية والدولية، من أجل أن يقيم دولة الحرية والديموقراطية والعدالة. وزادت: ” إلا أنه ظل يُجابه بالآلة العسكرية المغتصبة للسلطة بأبشع الجرائم مما أدى لفقدان (80) شهيد منذ يوم الانقلاب وحتى هذه اللحظة”.
وفي السياق، أفاد تقرير ميداني لـ(راش) بأن العدد الكلي للمصابين بموكب مدينة الخرطوم وصل ١٣٧ إصابة متفاوتة، ما بين الرصاص الحي والمطاطي والرايش والغاز المسيل للدموع، وكشفت عن وجود حالات غير مستقرة، كما كشف بيان (راش) عن دهس 3 من المتظاهرين بالتاتشر في موكب شرق النيل مما أدى إلى إصابات متفاوتة، من ضمنها إصابة في الرأس تسببت في نزيف.
وخرج الآلاف في مدن الخرطوم، واتجهوا نحو أم درمان ووصلوا إلى مقر المجلس الوطني، الوجهة التي أعلنت لجان المقاومة التوجه إليها في مواكب الأمس، وكذلك تحركت مواكب الخرطوم نحو القصر الرئاسي، واطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والمياه الملونة في مواجهة الموكب، لمنعها من الوصول إلى وجهتها، واستطاع متظاهري أم درمان الوصول إلى مقر البرلمان، بينما وصل متظاهري الخرطوم بداية شارع القصر، وواجهوا عنفاً مفرطا حال دون وصولهم وجهتهم المعلنة.
في حب الوطن
أطلقت لجان المقاومة على موكب الأمس، موكب حب الوطن، الموكب الذي يصادف ذكرى “عيد الحب” ويحتفل به العالم، إلا أن شباب لجان المقاومة احتفلوا باليوم على طريقتهم، وقدمت لجان المقاومة باقات ورد وتحايا حب لـ” الشعب السوداني العظيم، ولشهداء الوطن، والمصابين والجرحى، وذوي الإعاقات الدائمة والمؤقتة والجزئية فداءً الوطن، وللمعتقلين من الثوار والثائرات”.
وأضافت لجان الخرطوم في بيانها: “لكم باقات ورد وتحايا حب مقلدة بدعائنا وتلاواتنا لذكره الحكيم، إهداءً لأرواح شهداءنا، وإخواننا الأبرار، علها تربط على قلوب آباء وأمهات وإخوان وأصدقاء الشهداء، رسائل إمتنان نبثها عبر حراكنا السلمي تمتد شكراً وعرفاناً لجيشنا الأبيض، محامو الطوارئ، جنود الخفاء، وشرفاء الوطن، لإسنادنا في تعبيد طريق الثورة نحو البناء والتعمير على أساس متين من التكافل والتلاحم الوطني الفريد”.
ثمانون شهيداً، وآلاف الجرحى، ومثلهم من المعتقلين والمسجونين والمفقودين، منذ بداية الحراك في 25 أكتوبر، يعبرون عن حب عميق للوطن، وتوق أسطوري لبناء دولة الحرية والسلام والعدالة، وما يزال شباب لجان المقاومة يقدمون الأرواح والمهج والدماء بسخاء، ولسان حالهم كحال من قال: “ولكننا مُصابون بحب هذه البلاد، نحبها وإن كانت خرابًا، هـذي البلاد تخصنا، بحروبها و جياعها وبصمتها المكسور في لينِ الفراغ، تخصنا”.
قالت لجان المقاومة إنها تخرج في الرابع عشر من شهر فبراير، حباً للوطن، في يوم الحب، مقدمين كل ما هو غالٍ ونفيس فداءً لبناء وطن يشبه أحلامنا، وطن فاضت من أجله آلاف الأرواح، ومازالت البقية تناضل من أجل أطفال صغار يستحقون وطن أفضل مما هو عليه وطننا الآن، ذلك الذي نرومه سودان “الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية والمدنية الخالصة ” الذي أحترقت من أجله الأحشاء، وجفت دموع العيون في مآقيها وتفطرت القلوب ألماً”.
الثورة حية ولم تمت
وتجمع أمس الآلاف في شارع الاربعين، من مناطق مختلفة، حيث وصلت مواكب لجان المقاومة إلى شارع الأربعين من الشقلة، وصالحة، والمربعات، أم بدة، أبو روف، وأم درمان القديمة، والتحمت مواكبهم بمواكب كرري واتجهوا نحو شارع الموردة بهتافات تطالب بمدنية الدولة، ورحيل البرهان، ووصل كذلك الآلاف من بحري عبر كبري شمبات، إلى حديقة النزهة بالموردة، يهتفون “ثوار أحرار حنكمل المشوار” و”الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل” و “الدم قصاد الدم مابنقبل الدية” و”130 المشنقة بس” رافعين صور المعتقلين، والرايات والأعلام، ووصلوا معاً إلى البرلمان بعد كسرهم الطوق الأمني.
وقال عضو لجان مقامة العباسية الذي فضل حجب اسمه لـ”الجريدة” بأن قوات الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي، ما أدى إلى اشتعال حريق داخل مبنى البرلمان.
واستنكر فتح الرحمن خميس المحامي، القمع المفرط الذي استخدمته الأجهزة الأمنية وقوات الشرطة، واطلاقها الغاز المسيل للدموع بكثافة والقنابل الصوتية على المتظاهريين السلميين أمام البرلمان بشارع الموردة، وأضاف في وصفه لمواكب “حب الوطن” بأنها مواكب ضخمة، وأشار إلى أنها تتطمئن بأن الثورة مازالت مشتعلة ولم تمت، وتؤكد أن لا تراجع عن أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وأن الشعب السوداني متمسكاً باللاءات الثلاثة “لاشراكة، لا تفاوض، لا شرعية”.
وتقدم تجمع المهنيين السودانيين بالتعازي لأسرة ومعارف ورفقاء الشهيد في مواكب الخرطوم المُتجهة نحو القصر، وأفاد التجمع في بيانه بأن الشهيد سقط نتيجة الإصابة بالرصاص الحي المتناثر في العنق والصدر”.وحمل التجمع ما وصفها بـ”السلطة الانقلابية” وقواتها المسؤولية كاملة عن القمع المفرط وإطلاق الرصاص الحي، واعتبر حديث السلطات عن وجود طرفٍ ثالث هو هروب وتضليل مقصود منه الإفلات من العقاب والمحاسبة.
حراك الولايات
خرجت عدد من مدن وولايات السودان المختلفة في مليونية الأمس، تطالب بالحكم المدني وعودة المكون العسكري إلى ثكناته، وقد خرجت مدينة نيالا تنديدً بالانقلاب والقمع والاعتقلات، مطالبة بمدنية الدولة والتحول المدني الديمقراطي.
وكذلك خرجت محلية أبوحمد بولاية نهر النيل في مليونية الرابع من فبراير، حيث نظمت لجان المقاومة موكبا انطلق من الصينية وجال السوق الكبير، رافعا هتاف “السلطة سلطة شعب والثورة ثورة شعب والعسكر للثكنات، والشعب يدين اعتقال أعضاء التمكين” واختتم الموكب بمخاطبة جوار موقف المواصلات، حيث تحدث أعضاء لجان المقاومة عن الدولة المدنية والمواطنة ومفهوم العدالة الاجتماعية، كما تحدثوا عن محور السلام من منظور لجان المقاومة الذي قالوا بأنه يقوم على السلام المجتمعي، والاجابة عن سؤال كيفية ازالة الاحتقان السياسي الذي تسببت فيه حكومة المؤتمر الوطني المحلول، وأعلنت لجان المقاومة بمحلية أبو حمد عن جاهزيتها، بالتنسيق مع لجان المقاومة في باقي محليات الولاية، للوصول الى مناطق الحرب، والمساهمة في بناء ما دمرته الحرب، وقالت في المخاطبة: “سوف نتحرك لهم حاملين معنا المصطرينة وجردل المونة بدلاً عن المدافع والراجمات” وأكدت على دعمها لترس الشمال معتبرة أنه ترس الوطن.
وشهدت عدد من مدن الولاية الشمالية تظاهرات في مواكب “حب الوطن” منددة بالانقلاب العسكري، ومطالبة بالحكم المدني الديمقراطي، حيث سير متظاهري وحدة الحفير موكباً طاف مناطق “كوبا، دمبو، بركية، مشو، الحفير” بهتافات “الترس ده ما بنشال الترس وراهو رجال”، وأغلقت لجان مقاومة محلية البريق طريق شريان الشمال القومي، الرابط بين حلفا ودنقلا والخرطوم أمام الشاحنات المصرية، كما تحركت موكب عبري من صينية المدينة، وأقام المتظاهرين مخاطبة سياسية، مشددين خلالها على أهمية “التروس”، ودعوا الى بالتمسك بها واستمرار “التتريس.
ميثاق سلطة الشعب
أعلنت عدد من لجان المقاومة في ولايات السودان عن التوصل لتوافق أساسه الإعلان السياسي الذي أصدرته لجان مقاومة ود مدني، وقالت اللجان في تصريح صحفي مشترك: “في إطار توْحِيد الواجهة الثورية سياسياً وبرامجياً انعقدت إجتماعات مُوسعة لتنسيقيات لجان المقاومة لعدد من ولايات السودان وميثاق سلطة الشعب و اللجنة الميدانية المشتركة لإسترداد وحماية الثورة حول نقاش وسَمْكَرة الإعلان السياسي المقدم من لجان مقاومة مدني (ولاية الجزيرة) وميثاق سلطة الشعب والبرنامج الاقتصادي والسياسي وميثاق الشرف السياسي المقدمين من اللجنة الميدانية المشتركة لاسترداد وحماية الثورة شمال كردفان”.
وناقشت الاجتماعات بالتفصيل المواثيق والإعلانات السياسية والمواثيق المقترحة لتوحيد القوى الثورية لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، ونتج عن تلك الإجتماعات التوافق علي الإعلان السياسي للجان مقاومة مدني (ولاية الجزيرة) كإعلان سياسي مُوحَد مع إضافة التعديلات والتغييرات والمراجعات والتي كانت نتاج لحصيلة النقاشات المستفيضة، كما تم التوافق على ميثاق سلطة الشعب، كميثاق موحد لانتزاع السلطة عبر الشعب مع إدخال الملاحظات الناتجة عن حصيلة النقاشات التي تمت، كما تم التوافق على ميثاق الشرف السياسي للجنة الميدانية المشتركة كميثاق موحد، وتم إرجاء نقاش الورقة الاقتصادية المقترحة كبرنامج اقتصادي للفترة الانتقالية، والبرنامج العام لسلطة الحكومة المدنية الانتقالية المقدمين من اللجنة الميدانية المشتركة لاسترداد وحماية الثورة إلى حين عرضه ومناقشته بصورة أعمق مع المختصين والقواعد.
وأضافت لجان المقاومة بأن النقاشات استصحبت كل المطروح من الأجسام المشاركة وغير المشاركة في الإجتماعات؛ وأنها الآن تطرحه أمام كل قوى التغيير الجذري بالسودان، لمزيد من النقاش والتوافق مع مواصلة النقاشات مع بقية الولايات والأجسام الثورية المؤمنة بالتغيير الجذري لمزيد من الإضافات أو التعديلات الموضوعية، آخذين بالاعتبار الحوجة الموضوعية لتعبيرها عن كل المكونات الثورية للشعب السوداني وضرورة التوحد الثوري العاجل.
واتفقت على الخطوات المشار إليها كل من لجان مقاومة مدني بولاية الجزيرة وتنسيقية لجان المقاومة نيالا بولاية جنوب دارفور، واللجنة الميدانية المشتركة لإسترداد وحماية الثورة بشمال كردفان ، وتنسيقية لجان المقاومة الضعين بشرق دارفور، وتنسيقية لجان المقاومة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، وميثاق سلطة الشعب، بالإضافة إلى تنسيقية لجان المقاومة الجنينة بولاية غرب دارفور، وتنسيقية لجان المقاومة زالنجي بوسط دارفور، وتنسيقية لجان مقاومة محليات وارياف البحر الأحمر، وتنسيقية لجان المقاومة بمعسكرات النيم للنازحين – الضعين بشرق دارفور.
وفي الخرطوم، كشف المتحدث الرسمي باسم لجان المقاومة الخرطوم الباشمهندس عثمان أحمد لـ”الجريدة” عن وصول الميثاق مرحلة الصياغة النهائية التي ستعقبها مرحلة الحملة الاعلامية، ومن ثم بعدها سيتم أعلان الميثاق، وكشف الباشمهندس عثمان في تصريحه بأن الجهة المعنية بكتابة الميثاق تُسمي بلجنة الميثاق، وهي لجنة منتخبة من تنسيقيات لجان المقاومة الخرطوم، و تتفرع منها لجان فنية مهمتها دمج المواثيق، وأضاف بأن اللجنة تقتصر مهامها على الأمور الفنية ولا تملك حق الحذف والإضافة، وكشف عن أن الميثاق يحتوي علي مطالب عامة متفق عليها من جميع التنسيقيات، مثل إسقاط الانقلاب العسكري وتسليم السلطة كاملة للمدنيين، وأشار إلى أن القضايا الخلافية في كيفية إدارة الملف الاقتصادي وغيره، يتم حلها بواسطة التوافق او الإجماع.
الخرطوم: حافظ كبير: فدوى خزرجي
صحيفة الجريدة