واقع مرير يعيشه المسرح في السودان، جسده تراجع طال الإنتاج والجمهور، ونادراً ما يزاح الستار عن مسرحية جديدة تُشد إليها الرحال إلا من أعمال يتم عرضها بعد كل ثلاثة أشهر.
أذى كبير يلحق بالدراما السودانية فيكتم على أنفاسها، كثيرون يعزون ذلك إلى أن الدولة هي السبب، إذ تضع الدراما أسفل قائمة أولوياتها، لكننا لم نجد سبيلاً أمثل من الاحتذاء بالمثل الشائع (اعط الخبز لخبازه)، فأسرعنا الخطى إلى بعض المختصين، فلنقرأ السطور جيداً.
غياب الدعم المالي
يقول المخرج المسرحي عبد الرحمن يونس لـ(الحراك) إن المسرح السوداني شهد حقبة ذهبية في الستينيات والسبعينيات قبل أن يتهاوى خلال سنوات الأوضاع الاقتصادية والحرب الأهلية، كما تضرر من شكوك الحكومات التي تحرص على إحكام السيطرة على أسلوب تفكير العامة.
وأضاف: رواد المسرح يقبلون على مشاهدة الأعمال التي يشارك فيها كبار النجوم بصرف النظر عن مستوى العرض، ورغم ذلك تساهم كل العروض المسرحية حتى لو كانت هزيلة في تنشيط الحركة الفنية في السودان، ولفت إلى أن العهد الجديد بعد ثورة ديسمبر أصبح متاحاً أمام المسرحيين تقديم أي أعمال بدون قيود أو رقابة، لكنه أشار إلى أن غياب الدعم المالي لن يساعدهم على إنتاج أعمال جديدة.
تراجع في العهد الجديد
من جهته يقول الناقد المسرحي أنور عثمان لـ(الحراك): المسرح حدث له تراجع مخيف رغم وجود الكثير من الأفكار المميزة، وأرجع أنور هذا التراجع إلى الرقابة والخطوط الحمراء التي كانت تحد من حركة المسرحيين، وذهب إلى أن المسرح والمسرحيين تعرضوا إلى ظلم واضح من الدولة كجهة رسمية مناط بها دعم المسرح والإنتاج الدرامي، مشيراً إلى أن الدولة تنصلت من واجبها تماماً تجاه دعم الفنون المسرحية، وذكر بأن عدداً كبيراً من مؤسسات الدولة الرسمية اتجهت إلى الفن الرخيص وفرق الكوميديا التي تعرض النكتة، ويرى أن هذه الفرق كانت خصماً على النشاط المسرحي وشوهت صورته، مؤكداً أن وزارة الثقافة في حكومة الثورة لم تبادر بدعم المسرح حتى الآن وهو ما يشير إلى تواصل التراجع إلى الخلف.
أزمة بنية تحتية
أما المخرج المسرحي حسين محمود فيقول لـ(الحراك): مجموعة المسارح التي تم تشييدها بالعاصمة الخرطوم تعاني من مشكلات كبيرة، وأوضح أن المسرح القومي يرقد في بركة مياه عميقة تعيق حركة النشاط المسرحي فيه، وبالتالي هو مسرح آيل للسقوط، بينما تحول مسرح خضر بشير إلى مخازن وصالة أفراح، أما مسرح قاعة الصداقة يعد من المسارح ذات التكلفة العالية في العروض المسرحية، الأمر الذي يمكن أن ينعكس سلباً على المسرحيين والإنتاج المسرحي، فيما يعاني مسرح شرق النيل من حالة بعد من العاصمة القومية الخرطوم وأم درمان، مشيراً إلى أن الدراما السودانية بشكل عام تفتقر إلى البنيات التحتية الجيدة، ويرى أن القطاع المسرحي في حد ذاته قطاع غير منتج وغير داعم للاقتصاد القومي، بل هو قطاع مستهلك ويحتاج إلى دعم مستمر من الدولة.
الخرطوم – منهاج حمدي
صحيفة الحراك السياسي