“حشد” وحشد مضاد.. “الخرطوم” إلى أين؟

عادل خلف الله: لا خوف على السودان طالما التعبير سلمياً
التوم هجو: إذا أرادت قوى فرض رأيها فهذا غير مقبول
كمال عمر: الحشد والحشد المضاد قد يؤدي إلى مآلات أخرى

في الرابع عشر من ديسمبر من العام 2019م، دشن أنصار الرئيس المعزول، عمر البشير أول موكب ضد السلطة الانتقالية بالبلاد، ليدفعهم نجاحه النسبي إلى تكراره في يناير 2020م بمدينة ود مدني، مع العمل على نقله إلى مدن سودانية أخرى خلال الفترة الماضية، واختار الإسلاميون “الزحف الأخضر” كمسمى لحراكهم يعتبر هذا هو أول حشد أو شارع مضاد لثورة ديسمبر المجيدة وتجدد هذا الحشد مرة أخرى ليظهر في باحة القصر الجمهوري با سمي باعتصام القصر ولم تقف الأمور عند هذا فقط وبعد قرارات القائد العام للجيش في أكتوبر من العام الماضي أو ما أسماه المعارضون لتلك القرارات بالانقلاب على السلطة الانتقالية زادت وتيرة التظاهرات التي دعت لها لجان المقاومة وتجمع المهنيين وأحزاب معارضة عبر جداول تصدر شهرياً رفضاً لذلك، وهذا نتج عنه احتشاد آخر ليؤجج المشهد السياسي أكثر مما هو عليه بعد انسداد أفق الحل.. هذه الدعوة أتت من قوى أخرى تشاطر الشق الآخر الشارع ليقولوا إننا موجودن وليس لجان المقاومة هم من يمثلون السودان وظهر هذا الاحتشاد تحت مظلة نصرة الجيش بالإضافة إلى رفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي السوداني، ليس الخطورة في التعبير الحر من الجهتين، إنما الأخطر في أن الحشد والحشد المضاد قد تولد عنه مواجهات تؤدي إلى الانزلاق في نفق الفوضى الذي يذهب بأمن الدولة السودانية والعبرة في من يعتبر بثورات الربيع العربي، كما حدث للمتظاهرين في مصر ضد أنصار حسني مبارك التي أدت مواجهتما إلى كارثة اقتتال متبادل، كذلك اليمن شهدت تظاهرات تضداد بين أنصار علي عبدالله صالح والمناهضين له أدت إلى ذهاب اليمن إلى اللا دولة. ونرى الآن في الخرطوم حشداً وحشداً مضاداً.

لا خوف على السودان طالما الحشود تعبر سلمياً
قال المتحدث الرسمي باسم حزب البعث القيادي بقوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله، انهم يرون أن الأفق أمامهم مفتوح بالاتجاه الذي يحقق إرادة الشعب السوداني الذي أخذ حراكه السلمي بعد ملحمة شعبية شارك فيها كل المجتمع السوداني بكل فئاته والتي أكدت في تعبير إلى عدم الاستكانة على من تسلط عليهم من القوات المسلحة والتمسك بالدولة المدنية وتصفية بنية التمكين ورفض قاطع لمحاولة بث الروح في نظام قاوموه وقدموا في سبيل الانعتاق منه أغلى التضحيات، وتابع خلف الله في حديثة لـ(اليوم التالي): “ما يحدث في الشوارع ملحمة شعبية تعبر عن إرادة الشعب بالخروج الحر والطوعي رغم مواجهنه بالقمع المفرط وحاولت بعض النخب العسكرية والمدنية ومؤسسات الشعب النظامية لحماية مصالحها وانقلابها بما يخالف وظيفتها”، وأضاف أن الحشود والتجمعات الأخرى من قوى ميتة ومأجورة وأكد أن هنالك فرق ما بين من يخرج بإرادته ووارد في ذهنه أنه سيستشهد شيء، وأن تخرج تحت حماية أجهزة السلطة وبالمقابل المادي شيء آخر، لذلك وصفناها بأنها حشود وقوى ميتة لا تأثير لها ولن تستطيع أن تحمي نظاماً معادياً للشعب وتطلعاته يستقوي بالعدو الصهيوني الذي نكل بالشعب الفلسطيني إذن لا توجد مقارنة وأكد أن الانتفاضة السودانية الآن تدخل في عامها الرابع رغم محاولات جرها للعنف والانحراف في جانب منه الإرهاب والترويع أن تنجر بعض مكوناتها الى العنف وقد فشلت مشيراً الى أن لا خوف على السودان طالما حشوده المليونية تعبر سلمياً ضد الاستبداد والتسلط.

إذا أرادت قوى فرض رأيها فهذا غير مقبول
في ذات الصدد قال رئيس تجمع الوسط التوم هجو الحشد والحشد المضاد نتيجة طبيعية لما يجري، وسبق أن تحدثت عن ذلك خاصة وأن هنالك نشطاء وشباب متحمسين وهؤلاء لا يمكن إنكارهم أو منعهم حقهم من قبل الذين وثقوا فيهم وباعوا دماءهم وتضحياتهم وهءلاء موقفهم واضح كما أن كل القوى السياسية الحزبية التي من الاستقلال لم تأتِ بجديد ونتفه ذلك تماماً، لكنهم لا يمثلون شباب السودان كله كما الخرطوم أيضاً لا تمثل السودان كذلك الحشود التي تخرج لا تمثل السودان، ولفت هجو في حديثة لـ(اليوم التالي) أن الخرطوم بها حشود تمثل طبقات كثيرة، وأضاف: “ظللنا نقول إن لكل فعل رد فعل مضاد له في الاتجاه وموازٍ له في المقدار”، وتابع: “الأغلبية الصامتة أو الصابرة على الوضع الذي أوقف حياتهم وهم كثر”، الآن وعلى مدى (66) عاماً نحن في نفس الصراع السياسي ومنوهاً أن بداية العلاج يجب الاتفاق على أن هنالك مرض والاعتراف بأن المجتمع السياسي والقيادات السياسية مريضة في عدم القيادة والأنانية الشخصية والحزبية الضارة وعدم الوطنية هذا أحسبه هو المرض من المفترض الاتفاق في طريقة علاجه كيف تكون.
وأكد هجو أن الحشد والحشد المضاد مؤشر للسير في الاتجاه الخاطئ، وقال: “إذا خرج شارع ينادي بشعارات معينة ويدعي أنه يمثل الشارع ويدعي تمثيل السودان وتروج القنوات أن الشعب السوداني قال كلمته هذا يستفيذ الآخرون، ويقولون هؤلاء لا يمثلون السودان وهذا بالطبع ما نشاهده الآن” وأضاف هجو: الأخطر من هذا أن رئيس الوزارء قال هنالك خلاف مدني عسكري وعسكري عسكري ومدني مدني وهذا بالفعل ما نراه الآن حيث رأينا في الخروج الأخير مدنيين تصدوا إلى مدنيين وهؤلاء يحملون البمبان وفي القريب قد يحملون السلاح وهذا الخطر بعينه وهو الانزلاق الذي ظللت أتحدث عنه نحو الهاوية، وتابع: الآن لا يوجد خلاف وهذه فترة انتقالية شرعيتها التوافق وخلال السنوات الثلاث الماضية لم يكن هنالك توافق والآن لدينا توافق جزئي نصل به الانتخابات فقط لا غير، وأضاف: إذا كانت هنالك قوى تريد فرض رأيها على الآخر فهذا غير مقبول ومن المؤكد يؤدي إلى اصطدام البعض ضد البعض، واستطرد بالقول: الاحتشاد والاحتشاد المضاد والشارع والشارع المضاد هي حقيقة ويجب الانتباه لها والتحذير كما قلنا سابقاً.

الحشد والحشد المضاد قد يؤدي الى مآلات أخرى
وقال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر لـ(اليوم التالي) إن التجربة الديمقراطية هي حراك شامل كامل أياً كان شكله، علاوة على أنها تدافع وتعبير، ورأى عمر أن حديث الشارع والشارع الآخر في منطلقها ظاهرة حميدة لدعم الدمقراطيات، بيد أنه عاد وقال: “تبقي المشكلة الآن في أن هنالك انسداد في الأفق السياسي وهذا التدافع تعبير عن الاحتقان” ولفت إلى أن سبب ذلك في مجمل الموضوع صراع أيدولجي مضيفاً أن وسط كل هذا الزخم والصراع لا يوجد من يضع السودان أولاً، وأضاف: “معظم القوى السياسية تريد أن تعود مرة أخرى إلى كرسي الحكم، واستطرد قائلاً: المؤتمر الوطني يريد العودة إلى السلطة وأحزاب قحت تريد الرجعة أيضاً إلى السلطة والعسكر يريدون الحكم، وزاد: “وسط كل هذا والشعب السوداني ضائع وهي تمثل مشكلة كبيرة نحن الآن نعيشها”، وأشار عمر إلى أن ما يمر به السودان الآن يعد أسوأ حالة أزمة عاشتها البلاد، مؤكداً على ضرورة الوفاق السياسي، وقال عمر أيضاً: (لو ما خرجت) الأحزاب من عملية المؤامرة والإقصاء إلى عقلية السودان أولاً لن تحل هذه الأزمة”، وكشف عمر عن اتصالات مع جهات سياسية لم يسمها، بغرض الوصول إلى معادلة مشتركة تجمع كل القوى السياسية والشارع حول برنامج يقود إلى ديمقراطية ـ على حد تعبيره ـ وزاد: “إذا لم نجلس لنحقق وفاقاً سياسياً، العسكر سيتمكنون من الجلوس على كرسي السلطة”، مشيراً إلى أن البرهان رهن تسليم السلطة بالوفاق السياسي أو عبر الانتخابات، وأضاف: قد يكون صادقاً أو قد تكون مناورة هذا بافتراض حسن النية لذا لا بد لنا من الوفاق السياسي حتى نتسلم السلطة من العسكر بدون هذا الوفاق لن يستقر حال البلد، وشدد عمر على أن هذا قد يؤدي إلى مآلات أخرى، “لأن هنالك حشود اشتبكت مع قوى سياسية وحشود أخرى ضربت صحفيين” وهذا توتر مبيناً أن هذه ليست بحشود يراعى فيها مبدأ الديمقراطية والحريات والشعارات الهادفة وأكد أن هذه الحشود في ظل الاحتقان السياسي والجذب والصراع السياسي هذه الحشود ممكن في المستقبل أن تؤدي إلى أشياء كارثية من المعلوم الآن يوجد سلاح موزع في أيادي مليشيات وعند أجسام غير مرئية وفي ختام حديثه قال عمر: إذا لم يتم الجلوس في مائدة حوار لن تستقر البلاد، وأضاف: ورغم العمل الذي يتم من أجل ذلك الاستقرار لكني غير متفائل.

الثورة لا تحشد وهي تطالب بالحقوق الخمس الأساسية
ويقول القيادي بحزب الأمة القومي إمام الحلو إن الثورة لا تحشد، وأضاف في حديثة لـ(اليوم التالي): الثوار هم تعبير تلقائي للحراك الثوري في الشارع وفي البيوت والمزارع وأماكن العمل والثورة هي تعبير شعبي يقوده شباب ونساء السودان مطالبين بالحرية والسلام والعدالة والمساواة والكرامة، وهي حقوق الإنسان الأساسية الخمسة والمنصوص عليها في وثيقتي العهد الدولي وحقوق الإنسان الصادرة من الأمم المتحدة.
ومضى بالقول: أما خروج البعض من الفلول وقوى الردة لدعم الانقلاب العسكري وليس دعماً للجيش السوداني، فهو التحشيد المصنوع المدفوع الثمن..
ولا مقارنة بين المشهدين، وتابع: “من الظلم النظر للحراك الثوري كحشد مصنوع.. ومقارنته بمسيرة يائسة من ذوي الاشتياق للماضي البائد”.
وأشار الحلو إلى أن الثورة أحد سماتها العظيمة هي سلميتها، وأضاف “السلمية والصمود في الحفاظ على زخمها سيكون الوصول إلى تحقيق النصر النهائي أسرع”.
ورأى الحلو استحالة وجود مجال لتأييد شعبي لسلطة الانقلاب مهما حشد لها من جماعات مكرية ـ حد تعبيره، وأشار إلى أن الحل يكمن في تغيير المشهد السياسي الى حكم مدني يكمل مهام المرحلة الانتقالية.

لا توجد أحداث يمكن أن ترتقي حتى يتم مقاومتها بتظاهرة أخرى
من جهة أخرى قال الخبير الأمني والمحلل السياسي اللواء متقاعد د. محمد عجيب الملاحظ عن الحشد والحشد المضاد تأتي من حيث التوقيت الوقت الذي تشهده تظاهرات من الأجسام المختلفة “لجان المقاومة والأحزاب الرافضة” وأضاف: الآن هو في حالة انحسار إن لم نقل إنه انتهي والدليل على ذلك آخر تظاهرة لم يكن هنالك تأثير يذكر كذلك لا توجد أحداث يمكن أن ترتقي إلى أن تكون تظاهرة حتى تتم مقاومتها بتظاهرة أخرى، ونوه إلى أن التظاهرات التي تقوم يها قوى اليسار ولجان المقاومة التي كانت تعتمد على تتريس الشوارع وشل الحركة يكون فيها الحشد غير حقيقي، وأضاف أنه بالنسبة إلى الشارع الآخر او المضاد الذي نظم تظاهرتين للجيش والأخر موجه لفولكر في منطقة محددة تقع شرق الخرطوم وهما تظاهرتان حاشدتان والملاحظ فيها الانضباط التام دون تتريس ولا تخريب أو شلل للحركة كان بهما التزام أمني ملحوظ، ومضى بالقول: حسب تقديراتي لا أظن وتوجد مخاطر أمنية يمكن تقع نتيجة لتصادم الشارع والشارع المضاد بالإضافة إلى أن مظاهرات الإسلاميين في غير توقيت تتزامن مع أي تظاهرة معلنة من جانب لجان المقاومة دائماً ما تكون بفرق يوم أو يومين من المظاهرات المناوئة لذلك لا يمكن أن تكون هنالك مخاطر أمنية يمكن أن تقع اشتباك أو تلاقي الجهتين المختلفتين وأكد وقوع صدام هو احتمال ضئيل ولا أتوقع ذلك وإذا حدث سيكون لأسباب قد يكون من اليسار ردة فعل لخروج الإسلاميين خاصة أن هنالك أصابع اتهام تشير إلى تورط اليسار في عمليات القتل التي تتم خلال التظاهرات من داخل المواكب وبعض الأحداث المصاحبة، وتابع: “هي ليست عبارة عن اتهامات إنها صنيعة اليسار بغض النظر عن تقارير الشرطة”.

تقرير: الخواض عبد الفضيل
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version