كتبت عشرات المقالات عن كراهيتي للامتحانات المدرسية، بل اعترف بأنني رسبت في امتحانات قيادة السيارات في أكثر من بلد رغم أنني كنت وقتها أجيد قيادة السيارات، وكاد مدربي في لندن ان يعضني في أذني عندما رسبت في اختبار السواقة، فبعد ان أمضيت معه ثلاثة أيام فقط لأفهم أسرار و”حركات” اختبارات السواقة في بريطانيا، واستيعاب مسار السيارات في بريطانيا الذي يختلف عن مساراتها في بقية دول العالم، رأى الرجل انني لست بحاجة الى تمرين او تدريب وسجلني لدى شرطة المرور لإجراء الاختبار، وقرر الشرطي الجالس جواري انني فاشل بعد ان أمضى معي أقل من دقيقتين خاف خلالها على سلامته وحياته، فقد كان واضحا انني مرتعش ومتوتر. وحتى عندما كنت مدرسا، كنت أتضايق من مراقبة الطلاب خلال الامتحانات، ولم يكن كرهي للامتحانات كطالب بسبب خوفي من الرسوب – فقد كنت طالبا منضبطا أهتم بمذاكرة ومراجعة دروسي جيدا – ولكن لكون أجواء الامتحانات كئيبة، ولأن الإحساس بأنني تحت “المراقبة”، يعزز عندي الاحساس بأنني من “المشكوك في أمرهم”
في برج العرب بمصر كان محمد يجلس لامتحان في مادة علوم البيئة والتكنولوجيا، عندما أحس بأنه ليس عنده ما يقوله على ورقة الإجابة، وما حدث هو أنه قرأ ورقة الأسئلة من فوق الى تحت، ولم يجد سؤالا واحدا يبرر بقاءه في قاعة الامتحانات، فما كان منه إلا ان حمل ورقة الإجابة الفارغة وانطلق جاريا. لا تسأله لماذا فعل ذلك! كان بإمكانه ان يقدم ورقة الإجابة بيضاء أو ان يكتب فيها أي كلام ويتركها مع جرس نهاية الامتحان، ولكنه قرر الهرب من موقع الامتحان حاملا معه دليل “إدانته” أي رسوبه في تلك المادة! والأعجب من كل ذلك ان مدرسي المدرسة ابلغوا الشرطة بهرب محمد! هذا طالب يحمل ورقة بيضاء وترك قاعة الامتحانات جريا أو زحفا، ماذا يضير الأمن العام في ذلك؟ يعني لو هرب بورقة الأسئلة لكانت هناك شبهة انه سيقوم بتسريبها لمصلحة طالب آخر، وثالثة الأثافي على ذمة الصحف المصرية ان الطالب احيل الى النيابة كي يحال إلى القضاء!! يا مثبت العقول يا رب
محمد المصري تصرف بشكل أفضل من نظيره الياباني البالغ من العمر 16 سنة، والذي عاش لحظات من الرعب عندما أخبره والده انهما سيذهبان سويا الى المدرسة لمناقشة نتائج امتحاناته، وكان مرد الرعب، ان الطالب زور نتيجة امتحان اللغة الانجليزية في الشهادة التي أتى بها الى أبيه، فقرر إخفاء معالم الجريمة، بالتخلص من الشهادة المزورة وبحث عنها في مختلف أرجاء البيت ولم يجدها، فأدرك ان والده أخفاها في مكان “أمين”.. وعندها رأى ان التخلص من تلك الشهادة لن يتم إلا بحرق البيت بأكمله لتحترق الشهادة وينشغل أبوه بأمر الحريق وينسى أمر المدرسة.. واحترق البيت.. ومات في الحريق أخوه البالغ من العمر سبع سنوات واخته بنت خمس سنوات وزوجة أبيه. قرأت هذه المأساة وهتفت: حريقة في الامتحانات وفي الشهادات وفي الإنجليز
(كالعادة جاءت نتيجتي في مادة الرياضيات في امتحانات منتصف عام دراسي وانا في المرحلة الثانوية فوق الصفر بقليل، فقمت بتعديل النتيجة مستعينا بتقنية ال”فار VAR”، ورأى أخي عابدين النتيجة وضحك قائلا: ما شاء الله المجموع الكلي للمادة خمسين وانت أحرزت 62!! يعني سقطت حتى في التزوير)
جعفر عباس