“من النادر أن يعني الرجال والنساء نفس الشيء، حتى عندما يستعملون نفس الكلمات”.. من كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة..!
عندما غاب الهدهد عن مجلس سيدنا سليمان توعده بالعذاب والذبح إن لم يكن في جعبته حجة مقنعة تبرر غيابه (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ). فماذا فعل الهدهد؟!. “فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ”. يعني اقترب من مجلس سيدنا سليمان ولم يقف بعيداً عن مكان جلوسه بين مستشاريه وخاصته من الجن والإنس. وفي ذلك حكمة مفادها أن الحديث عن قرب هو أول خطوة في طريق الاعتذار..!
ثم استخدم الصمت لبرهة حتى يجذب اهتمام الحضور قبل أن يفجر قنبلته “قال إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ”. يعني – يا نبي الله – أنا لم أكن ألعب في أثناء غيابي عن مجلسك، بل جئتك بالجديد المفيد، ومع ذلك لستُ منبهراً بذلك العرش العظيم، بل منزعج ومستاء لأن قوماً ضالين لا يسجدون لله الذي بعثك فينا نبياً. وهي كما ترى حجة بارعة. ولعل موقف الهدهد هذا – بلغة السانات والراسطات – كان أول “حَنَك أصلي” في التاريخ. فضلاً عن كونه صالحاً للاقتباس الكلي أو التطبيق الجزئي – في مواجهة حالات الغضب التي تستوجب إلماماً بفنون الاعتذار- مع مراعاة طبيعة الغاضب وحال المغضوب عليه..!
مثلاً، إذا كنت امرأةً وغضب زوجك منك غضباً شديداً، خططي للاعتذار بطريقة مبتكرة، اعملي “بريسنتيشن” مقنعا مثلما فعل الهدهد مع سيدنا سليمان. عندما يعبر زوجك أمامك في الصباح دون أن يقول “صباح الخير”، انتظري لحظة كوب الشاي المقدس، ثم استهلي حديثك بجملة محورية مدهشة ومحفزة لاهتمامه، ثم ابحثي لك عن “كوبري” مناسب يربط براعة استهلالك بمضمون حديثك، وليكن شيئاً خبرياً يضيف له معلومة غائبة حتى يمنحك اهتمامه، ولا تنسي أن تدعمي قضيتك بضرب أمثلة لأخطاء بشرية أبطالها أشخاص يقدرهم ويجلهم!. أيضاً تأكدي من حسن استخدامك للغة الجسد، ولا بأس من بعض الدموع إن وجدتْ، ولا تنسي في خاتمة حديثك أن تلعني غباءك، ثم الهجي بالحمد لكونك امرأة رعناء محظوظة برجل غفور مثله..!
أما إذا كنت رجلاً وغضبت منك زوجتك غضباً شديداً. فإن “البريسنتيشن” يكون كالتالي: قم باختراع “مشوار” مشترك، من النوع الذي لا يمنع “مد البوز” في اثنائه من بعض الحوار الرسمي. وانتظر حتى تنتهي لحظة المرآة المقدسة “وأعني بها تلك اللحظة التي تنظر فيها زوجتك إلى المرآة لآخر مرة، قبل أن تعبر أمامك نحو باب الخروج”..!
افسح لها الطريق لتَمُر هي قبلك، ثم عَبِّر عن إعجابك بأناقتها وجمال إطلالتها “بكلمات واضحة وجمل محددة، خالية من رعونة المقارنات”. هنا ستلاحظ انفراجاً جزئياً في المنطقة المحيطة بالفم، وتوسعاً نسبياً في قطر دائرة “البوز الممدود”. عندها تأكد من حُسن استخدامك للغة الجسد، ولا بأس من أن تغلف كلماتك ببعض الدهشة، ثم توكل على الله وقل الجملة السحرية إياها “أنا ملاحظ إنك ضعفت شديد”..!
تسعة وتسعون بالمائة من الزوجات يبتسمن في حبور عند سماع هذه الجملة، ويعقبن عليها ببعض الأسئلة التفصيلية، من باب الاحتفاء بالتعليق، والرغبة في المزيد من الثناء. هنا ينبغي عليك أن تتوخى الحذر، وإياك، ثم إياك أن تغرق في البحث عن المزيد من التعليقات الكاذبة. فقط ابتسم “ابتسامة مسكينة” ثم انعطف ببراعة، من موضوع “الضعَفَة” إلى موضوع اعتذارك. ولا تنسى – بطبيعة الحال – أن تلعن غباءك، وأن تلهج بالحمد، لكونك رجلا أرعن، محظوظ بامرأةٍ غفورٍ مثلها..!
صحيفة الصيحة