الدولة في الدنيا تقوم على أرض وشعب وحكومة
الأرض تحتاج لشعب يقيم عليها ويفلحها ويُعمِّرها
وحكومة تنظم وتدير شؤون هذه الدولة، وتسوس أمورها، وتحافظ على أمنها وتجعل الشعب أداة ذلك البناء والتعمير. وعادةً الحكومة تقوم على تفويض من الشعب، وفي أغلب الأحيان تفويض انتخابي في كل الأنظمة الدستورية الديمقراطية رئاسية أو برلمانية، وهنالك أنظمة أخرى ملكية أو على شاكلة ذلك، وكل الأنظمة في الدنيا تقوم لتنظيم الحكم وتكون الحكومة هي القائد له، ومن خلال أجهزة تُساعد السلطة التنفيذية كالقضائية العدلية وكذلك التشريعية.
وأي دولة لها قوات مسلحة جيشٌ للحفاظ على حدود الدولة وحفظ الأرض من العدوان الخارجي وأجهزة أمن داخلي لتنظم الحياة في داخل الدولة.
والدولة كالإنسان تعمِّر وتشيب، بل الحكومات تمر بمرحلة قوة وضعف، وفي كثير من الأحيان تنمو وتتطوّر الدولة حتى تصل مرحلة متقدمة من التقدم والحضارة والقوة والنعيم، ثم تنهار حتى تصل مرحلة الشيخوخة ويصيبها الوهن والعجز حتى يطمع فيها خصومها، بل بعضها يصل مرحلة قرب الفناء، وبعضها تضربه المشاكل وتكثر فيه الأزمات، ويدخل في مرحلة الصراع الداخلي حتى تصل الدولة مرحلة أن تقوي القبيلة على حساب الوطن، وان تكون العصبية القبلية أقوى بكثير من الدولة المركزية ويضيع الإحساس القومي، بل بعض الدول تُسيطر على القرار الوطني القوى الخارجية ويستغل في ذلك أبناء هذه الدولة، فكم من دولة أضاعها العملاء! وكم من دولا باعها بعض أبنائها لصالح دول أخرى بطريقة مُباشرة أو غير مباشرة، بعضها طمعاً في مال أو استلاب حضاري أو فكري، والسودان تعرض لهذا أكثر من مرة في تاريخه الحديث، ولكنه اليوم في أسوأ أحواله وخاصة بعد ثورة أبريل ٢٠١٩م والتي اختلط فيها الأجنبي بالوطني، بل غيّب القرار الوطني والسيادة الوطنية على حساب التدخُّل الأجنبي، بل سعى فيها على هدم القيم والأخلاق والدين باسم المدنية والديمقراطية والتحوُّل الديمقراطي، وأدخل في الدولة السودانية كلما هو قبيحٌ وضيّع الشباب، وزين لهم الشهوات واغروهم بالأماني حتى صار رئيس وزرائها السابق شعاره “سنعبر.. سننتصر”، وصارت دولة السودان في حافة الانهيار، وصار صوت الباطل هو الأقوى، وانخفض صوت الحق، وانزوى الكثيرون من طلائع الحق ونشطت كتائب الباطل وصَارت قيادة الدولة مُهتمة بصغار الأمور على كبارها وسلمت كبار الأمور الى الصغار فضاع السودان بين الافراط والتفريط.
لاحظنا تقريب العدو طمعاً في كسب ودّه وأبعد الصديق المضمون ولاؤه، فنال السودان غدر الأول، وخسر ولاء الثاني، وصرنا دولة قادها أعداؤها على حساب أصدقائها وآخرون بتغفيل أو بإغفال أو بإفراط او بتفريط.
فالدول تضيع كما قال حكيم بني أمية لما سقطت دولتهم فقال عن سبب ذلك.
أمور صغار سلمناها لكبار، وأمور كبار سلمناها لصغار فضعنا بين الافراط والتفريط!
وقال قرّبنا العدو طعماً في كسب ودِّه، وبعدنا الصديق ضامنين ولاءه، فنلنا غدر الأول، وخسرنا ولاء الثاني.
أيها السودانيون، كم لنا في التاريخ حِكم وعِبر، فهل اعتبرنا؟ فقد كثرت العِبر وقلّ الاعتبار…
صحيفة الصيحة