صورة متشائمة رسمها عدد من خبراء الاقتصاد، بشأن موازنة السودان 2022، والتي نصت على بنود يصعب تحقيقها من بينها الرواتب. انهيار جديد للأوضاع الاقتصادية في البلاد، هو أبرز ما توقعه الخبراء، في ظل موازنة “غامضة” لن يكتب لها النجاح، كونها لا تخدم مصلحة المواطن السوداني، بحسب وصفهم. المحلل الاقتصادي السوداني عبدالوهاب جمعة، يرى أن موازنة 2022 اعتمدت على زيادة الإيرادات بصورة كبيرة، رغم عدم اشتمالها على الدعم الخارجي، والذي قدر سابقا بنحو مليار دولار. وأوضح جمعة أن زيادة الإيرادات بنيت على مبدأ “حشد الموارد الداخلية ” برفع تقديرات الإيرادات الضريبية إلى 1.9 مليار جنيه سوداني بنسبة زيادة 145% عن موازنة العام الماضي المعدلة. وأكد أنه من الصعب على وزارة المالية السودانية تحقيق تلك الزيادة في ظل أزمات اقتصادية متداخلة، حيث أن الناتج المحلي الإجمالي للسودان انخفض بنسبة كبيرة بعد تطبيق سياسة تحرير أسعار الصرف. وأضاف: زيادة الضرائب لا يمكن تحقيقها في الأوضاع الحالية بالسودان، والناتجة من انسداد الأفق السياسي، وعدم إجراء سياسة الإصلاح الضريبي، فالاقتصاد السوداني يشهد زيادة كبيرة في الضرائب غير المباشرة بينما تقل الضرائب المباشرة. وأشار إلى أن الوضع الضريبي جعل من صغار التجار أكثر عرضة للضرائب من الشركات الكبيرة وكبار رجال الأعمال. وأردف، حتى نسب الزيادة الكبيرة في الرواتب التي ضمنت في موازنة 2022 فإن انخفاض قيمة الجنيه الناتج من انفلات سعر الصرف سيجعل من تلك الزيادات غير ذات قيمة. ونوّه على أن وزارة المالية لا تملك أي قدرة على مجابهة تلك الأسعار نتيجة أن معظم السلع السودانية مستوردة والسلع المنتجة محليا تعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة وبالتالي فإن عامل سعر الصرف سيكون خارج سيطرة الحكومة. وأضاف: ستواجه موازنة 2022 عدة مخاطر خلال الأشهر المقبلة نتيجة ارتفاع سعر الصرف وعجز الميزان التجاري الكبير الناتج عن قلة صادرات السودان مقابل زيادة الواردات. من جانبه وصف الصحفي الاقتصادي السوداني أحمد خليل، أن زيادة رواتب العاملين بالحكومة السودانية بغير “المهمة” ، والسؤال المطروح: هل هذه الزيادة ستعود على الموظف بالفائدة؟ وأوضح خليل وفق موقع ”العين الإخبارية” أن زيادة الرواتب في ظل ارتفاع التضخم لا تخدم شيء. وأضاف على وزارة المالية السودانية، أن تفكر في زيادة القيمة الحقيقية للرواتب، بمعنى، ماذا يمكن أن يشتري الراتب من السوق من سلع وخدمات؟ وأوضح أن زيادة الرواتب ستتم تغطيتها عن طريق طباعة المزيد من العملة السودانية، وهو ما سيتبع بارتفاع التضخم. وأشار إلى أن وزارة المالية الآن في وضع صعب، خاصة أن هناك أزمة اقتصادية تعيشها البلاد من ضعف في الصادرات والواردات والإيرادات نتيجة لتوقف كثير من الأنشطة الاقتصادية بسبب عدم استفادة السودان من الوعود التي قدمها المجتمع الدولي (البنك الدولي وصندوق النقد)، حيث توقفت المساعدات بعد أحداث 25 أكتوبر. وأكد على أن وزارة المالية لا تستطيع مجابهة السوق، فهي تكتفي بدور المشاهد، ولا تتدخل في وضع أسعار أو سياسات رقابية. بدوره يرى الخبير الاقتصادى أحمد عمر الجعلي، أن وزارة المالية ليس لديها أي خطط قريبة أو حتى بعيدة، وتفتقر لأدني المقومات العلمية في إدارة شؤون السودان اقتصاديا. وقال الجعلي إن زيادة الرواتب التي أعلنها وزير المالية جبريل إبراهيم، ستكون لها تداعيات على الجميع، لأن البينة التحية للاقتصاد السوداني أكثر تضررا من السنوات الماضية وأكد على أن التداعيات السلبية ستكون أكثر مما يتوقع البعض.
الخرطوم ( كوش نيوز)