مصر حالة نفسية وارتياح وجداني يعيشه المواطن السوداني. ولها قواسم مشتركة عديدة معنا: الدين واللغة والثقافة والتداخل القبلي والمصاهرة وحسن الجوار… إلخ.
وفي بواكير الثورة تابع الشارع عبر الشاشات تلك الدعوة الكريمة التي قدمها صديق يوسف الشيوعي لسفير مصر بمنزله. واليوم تبدل الحال. بعدما تيقنت مصر بأن قحت (شوية عيال حارة). وغيرت بوصلة التعامل مع (أطفال الروضة) ترجيحا لمصلحتها مع العسكر وبقية القوى السياسية الأخرى المحرومة من العمل السياسي بقرار وثيقة قحت الدستورية.
فقامت الدنيا ولم تقعد بعد. وكعادتها شرعت قحت في حملة إعلامية (شيطنة) شرسة تجاه مصر. ووجدت في ترس الشمال ضالتها. نحن مع ترس الشمال لقضيته العادلة. ولكن حشر أنف قحت في ذلك لتصفية حساباتها غير المبررة مع مصر هذا مرفوض منا ومن أهل الشمال. وحتى لا نظلم مصر. يجب البحث عن الإجابة لتلك الأسئلة: ما اسم الشركة المصرية التي تستورد الأبقار والجمال وبقية المحاصيل الزراعية السودانية؟. ما اسم الشركة المصرية التي تصدر لنا الجبس ولعب الأطفال والبلاستيك والفارغة والمقدودة؟.
هل اشترطت مصر استلام صادرات السودان مواد خام؟. ما اسم الشركات السودانية التي تصدر منتجاتنا لمصر؟. وللأسف كل ذلك يقوم به سودانيون عديمي ضمير تهريبا. وذلك لغياب الدولة السودانية (رؤية وقانونا). وربما يتبادر لذهن قحتاوي مريض (كما تعودنا منهم) بأن الأمن المصري يسعى ليل ونهار لتدمير الاقتصاد السوداني بطباعة العملة السودانية بمصر ثم إدخالها للسودان.
نسلم بذلك اعتباطا. لكن نتساءل عن سبب غياب الحكومة السودانية ودورها في تأمين البلاد من عبث العابثين. وحقيقة الأمر أن طباعة العملة انتشرت في سودان قحت حتى مدن صغيرة مثل: الدويم والمناقل وصلتها تلك الجريمة كما نقلت الصحف قبل مدة. ولو تعاملت الحكومة بإعدام المزور رميا بالرصاص في الساحات العامة. لما تلاعب مخربو الاقتصاد بذلك. لأن المسألة تمس الأمن القومي. ويكفي مصر سماحة ونخوة أنها متحملة ملايين اللاجئين السودانيين لعشرات السنيين.
وفي هذا العام وحده استقبلت عدد عشرين ألف طالب سوداني برسوم زهيدة (٧٠٠) دولار. وهي أقل بكثير من الرسوم التي فرضتها قحت على طلابنا بالجامعات الوطنية. وليتها فتحتها للدراسة. عليه باسم العقلاء (وما أكثرهم) في السودان نتقدم بالاعتذار لمصر حكومة وشعبا لما بدر من نشطاء قحت. فأنت يا مصر يا أخت بلادي يا شقيقة سوف تظلي في سويداء قلب الشارع السوداني المدرك الواعي رغم أنف الحمقى.
د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الأحد ٢٠٢٢/١/٣٠