الناس وجوه..
ومنها مقولة وجوه القوم..
كما إن من العادة أن يكون أول ما يُنظر إليه من أعضاء جسد الرجل وجهه..
أول ما يُرى منه عند النظرة الأولى..
والشيء ذاته ينسحب على المرأة بالطبع؛ مع تفاوت في مدة النظرة هذه..
بل قد تصبح ثانية… فثالثة… فرابعة..
وذلك متى ما كان الوجه جميلاً؛ فهو المفتاح إلى بقية مكامن الجمال الأخرى..
وذلك إن كان الناظر رجلاً..
أما في حالة المرأة فإنها – كما ذكرنا قبلاً – فإنها قد تقلب هذه النظرية..
تقلبها رأساً على عقب..
فالنظرة – لدى غالب النساء – قد تبدأ من الأسفل… ثم تصعد إلى أعلى..
فالواحدة منهن تتفحص امرأة مثلها من قدميها..
ثم تصعد بنظرها الفاحص إلى الوجه… وما فوقه – أو حوله – من شعر..
ثم تقرر بعدها ما إن كانت جميلة أم قبيحة..
ولكن بالنسبة إلى رفيق صبانا فكري فالأمر عنده مختلفٌ… مختلفٌ جداً..
فالناس عنده جضوم..
ومن عباراته التي ما زلت أذكرها: فلان ذاك يا أخي… فلان أبو جضوم..
أو: فلانة ذات الجضوم تلك..
ومرة سمعته يقول: فلان ذاك أبو من غير جضوم؛ ثم يضحك بصخب..
وتقييمه للأنثى من جمال جضومها..
ولا أدري – الآن – إن كان الجمال عنده يعني امتلاء الجضوم أم خواءها..
فقط أذكر قوله: فلانة جميلة… عندها جنس جضوم..
ونظرية الجضوم هذه عنده قد تشمل حتى ما هو ليس بذي وجه بشري..
فقد يرمز بها – أحياناً – إلى الغنى… أو الفقر..
فذات مؤانسة مسائية سمعته يقول: له جضوم – لا جيوب – بنطلون رويانة..
ثم نسيت – مع ليلٍ يكر علينا ونهارُ – زميلنا هذا..
أو بالأحرى نسيت نظريته العجيبة هذه عن الجضوم إلى أن تذكرتها البارحة..
وما ذكرنيه إياها نظرية مشابهة من تلقاء شيخ..
شيخ دين من شيوخ زماننا هذا – ببلادنا – وهو يتحدث عن خالد عمر..
أو خالد سلك كما يُلقب..
فقد ألمح إلى شبعه من منصبه كوزيرٍ لشؤون الوزراء بشبع جضومه..
ولا أعلم موقع نظريته هذه من الإعراب الأخلاقي..
هل هي مسموحٌ بها ديناً؟… وتتّسق – من ثم – مع وضعيته كرجل دين؟..
أم دنيوية لا يقرها الدين؟..
حتى وإن كان يعني بالشبع هذا معناه الظاهري الحميد… لا المستتر الخبيث..
وهذه نظرية ذات مجازفة من تلقائه..
فإن لم يكن ذا جضوم اليوم فقد يصير كذلك غداً… فماذا سيقول عن نفسه؟..
أو ماذا سيقول إزاء قول الناس عنه بمثل قوله؟..
بل إن كثيراً من زملائه من شيوخ الدين لهم جضوم؛ فماذا يقول عنهم؟..
وأعني من رفقاء مدرسته السلفية ذاتها..
ومهما يكن فإننا لا ندافع هنا عن خالد… ولا بقية زملائه من جماعة قحت..
لا ندافع عنهم سياسياً؛ وهجومنا عليهم ذو جضوم..
بيد أنه يتميز عن عديد زملائه هؤلاء في جانب الأخلاق… فهو عفيف اللسان..
كما إنه ليس لدينا ما يدفعنا إلى التشكيك في نزاهته..
أما أن يشبع – حلالاً – حتى تتكور لديه جضوم فما هذه بقضيةٍ أصلاً..
لا دينياً…… ولا دنيوياً..
المهم ألا يهرب شيوخ الدين بألسنتهم – وفتاويهم – حين تتكور القضايا..
القضايا المهمة التي تقتضي صدعاً بالحق..
وذات مساء تكورت إحدى جاراتنا – على نفسها – تبكي عزيزاً لديها..
فهرعنا إلى دارها نعزي… ونواسي… ونؤازر..
وحين كانت ألسنتنا تنطق بهذا نطق لسان فكري بما جعلنا نهرب خجلاً..
فقد همهم قائلاً وهو يحدق في وجهها:
جنس جضوم!!..
صحيفة الصيحة