آمال عباس تكتب:وقفات مهمة .. هل الأذن تعشــــــــــــــق قبل العين؟ (2)
نواصل مناقشة ما طرحناه امس تحت العنوان اعلاه.. وهو مفهوم العلاقات العاطفية بين الشاب والشابة.. واذا سلمنا هذه العلاقة محكومة بعاملين أساسيين هما المجتمع من ناحية والفرد من ناحية أخرى.. وانطلاقاً من فهمنا لمعنى التغيير والمراحل الانتقالية.. وايماننا بأن هذه العاطفة أزلية وباقية ما بقى الانسان على ظهر الأرض, يكون نقاشنا حول الظروف والعوامل التي تحكم كيفية ممارستها لا أريد أن أذهب بعيداً في وقفتي على نوع تشكيلة المجتمع السوداني, ولكنا اذا القينا نظرة عابرة للعلاقة التي تربط الشاب بالشابة نجدها آخذةفي التعقد والمشاكل كلما قربنا من المدن, وبعبارة اخرى كلما اخذت الحياة تعقيدات المجتمع الناتجة عن عوامل بعينها.. وفي قلبها شكل علاقة الانتاج ونوع الحياة الاجتماعية.. ولنأخذ مثلاً في الريف حيث تغلب البداوة نجد الحياة بسيطة, المرأة تشارك الرجل العمل.. والرقص واللهو في انطلاقة تامة يجدها معه عند البير, يجدها معه في الخلاء عندما يرعى البهائم.. وعند القيف ترد الماء.. المهم عندما تقوم العلاقة بينهما تكون في اطارها السليم.. وفي الغالب الأعم تصل الى الزواج..
أردت أن أقول كلما اخذ المجتمع في تنظيم نفسه على نهج معين ينعكس جوهر ذلك النهج على العلاقات الاجتماعية.. والعاطفية على حد سواء فمثلاً بنشوء المجتمع الاقطاعي اخذت العلاقة بين الرجل والمرأة شكلها النفعي.. الرجل ينظر الى المرأة على أساس انها وسيلة من وسائل الانتاج ومثلها مثل المحراث.. فهي التي تنتج الأيدى العاملة العديد من الأولاد الذين يساعدونه في الزراعة والرعي وجني المحصول.. ومؤسسة الزواج على هذا النهج تكون أربع زوجات في حوش كبير وعدد هائل من الأبناء والبنات.. وهنا تغيب حقيقة “الحب” كعاطفة تبهج الانسان.. وتمثل في اطارها البسيط اتحاد روحي قبل أن يكون جسدي بين شخصين فقط أو بعبارة أصح بين امرأة ورجل.. ومن الفاصل المادي “الحيطة” ومن شكل البيت الديوان للرجال والأولاد.. والبنات في الداخل, أصبح لدينا واقع انفصالي شكل نظرة كل جنس للآخر بما فيهم نظرتهم “للحب” والتي يغلب عليها الطابع الحسي فالفتاة منذ الصغر تخاف من الجنس باعتباره العار الأكبر وفي نفس الوقت تتهيأ نفسياً على أساس انها هي أداة الرجل في اتباع هذه الغريزة ولا وظيفة لها سواها.. وعليها أن تؤدي هذا العمل كاملاً تتزين وتتعطر وتضيع في البيت في انتظار الرجل.. واذا القينا نظرة عابرة للنتاج الفني تتجلى هنا هذه الظاهرة الحسية.. مردها للحرمان الذي يعيش فيه الشباب.. والعزلة التي تعيش فيها البنات, فأصبح عندهم معنى الحب أن يلاقي احدهم شابة في “بيت عرس” أو على سباتة الرقص.. وتجاوبا مع الشكل يهيهم بعدها حباً ويقول اطناناً من الشعر.. ويظل منتظراً المناسبة التالية وحتى هذه العلاقة وفي هذا الاطار لا يرضى عنها المجتمع ووضعها في اطار الخطيئة نسبة للمفهوم الذي ضرب حول – مفهوم العلاقة في حد ذاته.. ولما بات مسلماً به وعبر القرون ان السبيل الى حياة افضل وأعدل يكون أساساً في اصلاح النفس الانسانية ذاتها.. وبعبارة اخرى البحث عن نظم واطر يستطيع الانسان من خلالها ان يحارب عيوب واخطاء ورثها واصبح عبداً لها.. واكثر مجال يشعر الانسان بالعبودية فيه هو مجال ممارسة العواطف..
ونحن في السودان ومع التطور الذي حدث في العالم وفي جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.. وبعد أن نلنا استقلالنا وانفتحنا على العالم بشتى ثقافاته وتغيراته السينم, الكتب, الراديو,التليفزيون,الخروج للعمل, ومن خلال هذا كله ومن اهمال هذه الحقيقة من قبل الحكومات الوطنية التي تعاقبت على كراسي الحكم في مدى سنوات حكمهم.. ومن خلال هذا وبعد أن أتى نظام رفع شعارات التغيير كانت الفترة الانتقالية كانت لحظة العبور من القديم والجديد المشوه الى الجديد الأصيل.. وبقدر احكامنا للحظة يقل عدد ضحايانا.. ومن هذه النقطة فأنا لا أقلق كثيراً للظواهر السلبية التي اخذت تسود جو العلاقة بين الشباب والشابات والمقالب الكثيرة والكثيرة جداً والتي تتم تحت مظلة “الحب” ولا المفهوم الخاطيء لهذه العاطفة النبيلة لدى قطاع واضح من الشابات بانها مشاعر مطلقة وتحلل من كل ما موجود من عادات وتقاليد وانطلاق مع الغرائز وبلا مسئولية.. وهذه فترة حتمية ولكن باستطاعتنا ان نسيطر عيها بشكل مضمون النتائج..
فصحيح ان العادات والتقاليد الموروثة من الأجيال السابقة والنظم السابقة.. قد تظل برواسبها في ضمائر وعقول الناس ولأمد طويل ولكن أسس التغيير والمفاهيم الصحية لهذه العلاقة كلما عنى بوضعها في اذهان النشء والجيل المعاصر بشكل عام كان شكلها يحدد مسارنا السليم في هذا المجال الهام.. قصدت ان اقول ان خلق المجتمع الاشتراكي هو وحده الذي يضمن حياة يتحرر فيها الحب من جميع عناصر الحيوانية والاكراه.. ويصبح معبراً صادقاً لمعنى الاتحاد الروحي والجسدي بفضل المساواة التامة بين الرجل والمرأة.. وقتها تكون عندنا حياة خالية أو شبه خالية من الفجور ومشاع النساء وتعدد العلاقات حياة تشكل خلاياها الأساسية عاطفة الحبفي معناها المبهج..
رجائي من الشابات والشبان وقبل أن أضع اقتراحاتي المبدئية في هذا المجال ان تأتيني آرائهم مكتوبة.. ولا يعتبروا معالجتي هذه جافة أو “بيتية” فالأمور كلها يجب ان تعالج في شمولية ولا سيما مثل هذه المسائل الحيوية.
مربع شعر:
يتغزل الحاردلو في هذه الأبيات الحسية قائلاً:
مبرومة الحشا المياها الخفيفة وطيره
خجل التبري من ضو جبهتها وتنويره
زولاً مع بريطماته ووسدتو سره
كان يقنع ويتوب من الشابات غيره
مقطع شعر:
من ديوان “صحو الكلمات المنسية” للشاعر النور عثمان ابكر ومن قصيدته سيرة ذاتية اليكم هذا المقطع:
تحركني اعاصير تهب علي من واد عميق الغور
وفي نفسي متاهات وأودية مداها نور
فيا بشرى سمعت قدوم الصيف
يفيق الصبح في عيني فتهجرني غيوم الصيف
أحس النهر هداراً بأعماقي واحياه قرنفلة وروما ناعم الخفق
سأسلخ وجهي المصبوغ البس نظرتي الأولى
واغشى حومة الرزق
على دربي تماسيح وشطآن بلا ازهار
وشيخ هده التجوابتحكي عينه الأسفار
تأملت وناداني
تفرس راحتي حيناً وباركني
وعوذ ليمن الريح الخبيث ومن عيون الناس
وقال جبيني الخلاق افلاك فراشات.. شذى اعراس
وقلبي وافر الاحساس
تأملني يباركني ويهديني دروب الشمس
من أمثالنا:
ما تشكر لي الراكوبة في الصيف
صحيفة الصيحة