من المسؤول عن تدويل الأزمة السودانية؟
من الذي أتاح الفرصة للأمم المتحدة أن تتدخل اليوم في حل المشكل السياسي السوداني؟
هل هو النظام البائد عندما تخلى عن واجبه في احتواء الرفض الذي ثار في وجهه؟
هل هو التيارات السياسية وقتئذ، والتي لم تستطع أن تحتوي على الأزمة؟
هل هو الثورة التي استطاعت أن تزيل النظام البائد، ولم تستطع أن تهيء جوا للبديل؟
هل هو الأيدي التي تلطخت بدماء الشهداء، واتخذت من التغيير نجاة لها؟
هل هو الأيدي التي تصطاد في أجواء التغيير؛ لتوظف ثروتها، ومطامع الدول الإقليمية من أجل تحقيق مصالحها؟
إن كان السبب في تدويل الأزمة السودانية اليوم واحدا من هذه الأسباب أو جلها أو جميعها أو حتى غيرها، فإن الحقيقة التي لا تقبل النقاش هي أن المشهد السياسي برمته لم يعد قادرا على استيعاب هذه الأزمة؟
ولا تكمن المعضلة في عدم استيعابه للمشكل السياسي.
وإنما تكمن المعضلة في أن الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الخارجية تسعى وتبحث وتبذل كل جهدها للحصول على هذه الفرصة حتى تتمكن من تحقيق أهدافها في السودان، وفي المنطقة الإفريقية، فكيف يكون الحال إذا جاءت هذه الفرصة التي تبحث عنها من عندنا؟!
لا ينبغي أن تتحدث أي جهة عن مشروع سياسي منذ الاستقلال إلى أن دخلت الأمم المتحدة في الشأن السوداني اليوم.
لا ينبغي أن تتحدث أي جهة عن سيادة وطن بعد أن دخلت الأمم المتحدة في الشأن السوداني اليوم.
كل العالم يعرف كيف يحقق أهدافه إلا نحن نفلح فقط في تحقيق وصول من يطمع فينا.
حتى الانقلابات العسكرية ننفذها بكل تقليدية وبدائية.
لا نعرف كيف نجعلها مواكبة للعولمة.
ولا نعرف كيف نجعلها مواكبة للميديا.
ولا نعرف كيف نجعلها مقنعة للشباب الذي اختلفت قناعاته ودرجة وعيه عنا بمقدار ألف سنة ضوئية.
نطبق الانقلابات العسكرية بذات الطريقة التي طبقها من تحولت أجسادهم، وتحللت حتى صارت بترولا.
لا أحد يقول للعسكريين أن يخلعوا بززهم العسكرية حتى يسيطروا على المشهد السياسي.
كونوا كما أنتم.
فقط ضعوا خططكم بذكاء وحكمة.
كيف يمكن لعسكري أن ينقلب على ممارسة أخيه المدني للسلطة ليجد أمامه المطامع الخارجية تحكمه؟
كيف يمكن لمكون عسكري أن ينقلب على ممارسة أخيه المدني للسلطة وهو إلى هذه اللحظة لم يستطع أن يجد بديلا مدنيا له؟
كيف يمكن لمكون عسكري أن ينقلب على السلطة وهو إلى الآن يخاطب من يرفضونه بالقمع والسلح والقتل؟
النتيجة التي لا تحتاج إلى كثير عناء من اكتشافها؛ لتقييم المشهد السياسي السوداني اليوم هي أن معضلته ليست في قائد يقود هذا القطار، وإنما تكمن في محركات هذا القطار.
الكل يأتي ويقول أن السبب في عدم سير القطار السياسي هو سائقه، فيقوم بسحب هذا السائق ورميه بعيدا؛ ليجلس هو في مكانه، ليظل القطار واقفا في مكانه لم يتحرك قيد أنملة.
لم يأت أحد إلى الآن ليبحث عن سبب آخر لتعطل هذا القطار.
لم يفكر أحد ولو للحظة أن سبب تعطل القطار عجلاته أو وقوده أو محركاته أو ….
الكل يفكر في مقود القيادة فقط.
هذا التفكير الذي حول مواردنا الطبيعية إلى رماد.
هذا التفكير الذي دول قضيتنا ونشر عجزنا في الآفاق.
هذا التفكير الذي جعل خططنا الاستراتيجية حبرا على ورق.
هذا التفكير الذي سوف يفضي إلى نتيجة حتمية مفادها أنه كان هنا بلدا اسمه السودان.
صحيفة الانتباهة