بسبب الفوضى السياسية والانفلات الأمني، واستعصاء الحل أصبح السودان مستباحاً بشكل كبير للتدخل الأجنبي.
مبادرات دولية وعربية وأفريقية.. تدخلات مباشرة من سفراء دول عربية وغربية في الشؤون الداخلية بطريقة سافرة. لكن كل ذلك لم يأت بأي نتائج إيجابية والتوصل لحل يقود إلى الاستقرار، ويوقف التصعيد المستمر من قبل الشارع.
مبادرة الأمم المتحدة التي وجدت التأييد من الدول ذات التأثير في المحيط العربي والغربي.. لازالت تزحف ببطء شديد لا يتوافق مع واقع الأزمة .. وقد يكون ذلك شيئاً طبيعياً لأن فولكر نفسه لايحمل مبادرة بالمفهوم المتعارف عليه لطرحها على كل الأطراف.
مفوض الاتحاد الأفريقي قال إنه التقى بأطراف العملية السلمية، والقوى السياسية لبحث الحلول.
كل الأطراف الخارجية التي تأتي بحجة التوصل لحلول لم تنجح في مهامها، وفشلت تماماً في وقف نزيف الدم السوداني.
عقب كل اجتماع يخرج المبعوثون والسفراء للرأي العام بتأكيد قرب التوصل للحلول.
الخرطوم التي أصبحت مستباحة للتدخل الأجنبي صارت منطقة حرب مفتوحة.. حوادث القتل مشهد متكرر مع كل احتجاجات تخرج إلى الشارع.
تزامناً مع اجتماع مجلس الأمن والدفاع الذي ترأسه الفريق البرهان أمس ، تم الإعلان عن مقتل ٦ من الشباب أثناء المظاهرات بخلاف عشرات الجرحى.. للأسف الأموات من الشباب أصبحوا مجرد أرقام ضمن شهادات الوفيات على أرشيف السجل المدني.
حسرة وحزن شديد وإحباط عام يسود الشارع السوداني، وخوف من بكرة.. من يكون الشهيد القادم..
مجلس السيادة أبدى استعداده بالاستقالة اذا كان ذلك يقود إلى الحلول..مبادرة جيدة. ومن الممكن أن تكون هي الأفضل من مبادرة فولكر التي لاتحمل أي بنود تفاوض. وأفضل كذلك من مبادرة المبعوث الأفريقي ، ولقاءات السفراء الأجانب مع أطراف الصراع..ألا يعلن مجلس السيادة عن استعداده للاستقالة فقط بل المطلوب أن يقود مبادرة للحل الشامل تشترك فيه كل الأحزاب السياسية والقوى المدنية. وتجمع المهنيين ولجان المقاومة وهم الأهم الآن في الاشتراك في الحل طالما أنهم يمثلون القوى الحية التي تحرك الشارع الآن. وقتها سيحمل فولكر أوراقه غير المكتملة ويغادر. وستتوقف البعثات الأجنبية عن التدخل في شؤونا الداخلية. لحظتها سيتوقف نزيف دَم أبناء السودان بيد أبناء السودان.
الوضع أصبح لا يحتمل المزيد من التعقيد والانسداد. والمزيد من الدماء.
إشارات إيجابية في قرارات مجلس الأمن والدفاع أمس في ما يتعلق بتوجيه قوات الحركات المسلحة بالتجمع خارج الخرطوم. والإسراع بالتحقيق حول قتل الأبرياء. لكن هذه الخطوات ليست كافية لوضع حد للأزمة السياسية الحالية.
على المكون العسكري الذي يقود البلاد الآن بعد حل مجلس الوزراء أن يعيد الأوضاع الداخلية الى حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
صحيفة اليوم التالي