ثارت موجة من الجدل والسخرية في الجزائر بعد أن أعلن “ابن الشنفرة” عن رغبته في السفر إلى الكاميرون لمؤازرة محاربي الصحراء في كأس الأمم الإفريقية. البعض رحب بتلك الخطوة آملين في أن تنجح في فك “أثر النحس” عن المنتخب بينما اعتبرها آخرون “ضربا من ضروب الخيال والشعوذة”. فكيف انطلق هذا الجدل؟ وما رد الاتحاد الجزائري لكرة القدم؟
على مدى الأيام الماضية، وقف الجزائريون حائرين أمام الخسارة المفاجئة لمنتخبهم الوطني في آخر مبارياته في كأس الأمم الإفريقية.
فقد تمكنت غينيا الاستوائية من إيقاف مسيرة المنتخب الجزائري الخالية من الهزائم بعد أن فازت عليه بهدف نظيف ضمن مباريات الجولة الثانية من دور المجموعات.
وجاءت هزيمة المنتخب الجزائري، صاحب اللقب الإفريقي السابق، أمام غينيا الاستوائية بعد أيام معدودة من تعادله سلبيا مع سيراليون ليتذيل بذلك ترتيب مجموعته.
ساق صحفيون ومدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أسبابا عديدة لتفسير مردود المنتخب الجزائري.
فمنهم من أرجع الأمر إلى عوامل فنية، مثل غياب التوازن داخل الفريق، خاصة بعد تأخر انضمام اللاعبين المحترفين في أوروبا لمنتخباتهم بقرار من “الفيفا”.
بينما عزا معلقون آخرون الأسباب إلى عوامل خارجية تتعلق بتوقيت المباريات وأرضية الملاعب “الرديئة” التي خاض فيها المنتخب الجزائري مقابلاته الأخيرة تحت درجة حرارة عالية ونسبة رطوبة مرتفعة”.
وتلك الأسباب كانت كافية إلى دفع البعض للاعتقاد بوجود “نوايا سيئة” لعرقلة المنتخب الجزائري فيما سخر آخرون من تلك التخمينات ووصفوها بالواهية.
لكن ثمة من أنحى باللائمة على الحظ وسوء الطالع، وطالب باستدعاء راق شرعي للوقوف إلى جانب المنتخب وتحصينه من “الحسد والعين”.
ما الحقيقة؟
ويبدو أن تلك المطالبات وصلت إلى مسامع مالك قناة الفجر والشيخ الجزائري المعروف باسم “ابن الشنفرة”.
فقد سارع الرجل لعرض خدماته في مجال الرقية على المنتخب، مشيرا إلى أن البعض ناشده السفر “من أجل رقية محاربي الصحراء الذين تظهر عليهم أعراض غريبة تشي بتعرضهم للسحر “.
وفي تسجيل مصور تم تداوله بكثافة، أعرب “ابن الشنفرة” عن استعداده للسفر إذا تم تسهيل إجراءات استخراجه للجواز الذي لا يملكه.
وأضاف بأنه “جاهز لدعم المنتخب الوطني أسوة بالراقي الراحل بلحمر”، وفق تعبيره.
ودفعت كثرة الشائعات الاتحاد الجزائري لنفي الأنباء المتداولة بشأن استعانته براق لدعم اللاعبين.
وعبر الاتحاد في بيان نشره يوم الثلاثاء، عن “استنكاره لمثل هذا النوع من الشائعات التي تضر بصورة المنتخب الوطني” مضيفا بأنه “سيتخذ الإجراءات القانونية ضد كل من يربطون أسماءهم وأنشطتهم بالمنتخب”.
وعبر مواقع التواصل، قوبل عرض “ابن الشنفرى” بموجة من التندر.
فقد تسابق مدونون على تركيب ونشر رسوم كاريكاتورية تتخيل وصوله إلى الكاميرون للالتحاق باللاعبين.
ثمة من رأى في الحديث عن “الحسد والعين” مجرد نقاش شعبوي يهدف لتخدير العقول.
كما هاجم مدونون المنصات الإعلامية التي تعمدت، بحسب رأيهم، إثارة موضوع الرقاة لدى مناقشتها لمجريات المباريات.
كذلك تداول البعض تصريحات متلفزة أدلى بها مؤخرا مدرب المنتخب الجزائري السابق رابح سعدان، الذي كشف عن طرده لأحد الرقاة من معسكرات المنتخب قبل سنوات .
وقد جرت تلك التصريحات انتقادات لاذعة على المدرب والقناة، إذ قوبلت بالكثير من التشكيك.
غير أن تلك الفكرة أثارت حفيظة آخرين ممن رفضوا إقحام الدين في الرياضة، ودعوا إلى وضع حد لمن وصفوهم بتجار الدين.
كما ندد آخرون “بسعي بعض السياسيين أو الإعلاميين للاستثمار في الأحداث الكروية للتغطية على فشلهم”، وفق قولهم.
ورغم الخسارة غير المتوقعة أمام غينيا الاستوائية ، أطلق مشجعون جزائريون حملة واسعة لمساندة المدرب جمال بلماضي ولاعبي المنتخب.
وأكد هؤلاء على “وقوفهم صفا واحدا وراء بلماضي تكريما لما قدمه لكرة القدم الجزائرية”.
وفي الوقت الذي يحمل فيه بعض الإعلاميين الرياضيين المدرب الجزائري مسؤولية الخسارة، يرجعها البعض إلى الضغط النفسي المسلط على اللاعبين نتيجة مطالبتهم بضرورة الدفاع عن اللقب.
وكانت الهزيمة أمام غينيا الاستوائية ثقيلة على بلماضي و”الخضر”، خصوصا أنها الأولى منذ 1188 يوما.
لكن بلماضي حرص على بعث موجات إيجابية لتزيد من تفاؤل جماهير بلاده المتعطشة للظفر بلقب قاري جديد. وقال المدرب خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب مباراة غينيا الإستوائية: “طالما لم أمت فهناك دائما أمل”.
ويتحتم على محاربي الصحراء الفوز بفارق هدفين في المباراة الأخيرة لكي يضمنوا التأهل إلى دور الـ16.
وسيواجه “الخضر” الخميس المقبل، منتخب ساحل العاجل متصدر المجموعة بأربع نقاط.
BBC