منذ مطلع الأسبوع الجاري، بدأت اسعار الصرف في التغيير بزيادات مستمرة بالسوق الموازي وبدرجة أقل بالقطاع المصرفي الرسمي، بعد استقرار قرابة عام وتحديداً منذ فرض سياسة تحرير اسعار الصرف في مارس الماضي.
وبحسب متابعات “الصيحة”، فقد تواصل انخفاض الجنيه السوداني امام العملات الاجنبية في السوق الموازي بسبب مضاربات يقوم بها تجار العملة لشراء الدولار، وقال متعاملون في سوق العملات بالسوق الموازي لـ”الصيحة”، إن اسعار الدولار قفزت الى متوسط سعر الدولار 476 جنيهاً.
ولم تفلح تدخلات بنك السودان المركزي في السيطرة على الانهيار الذي يلاحق العملة الوطنية من خلال تنظيم مزادات النقد الاجنبي منذ العام الماضي2021، كما نظم مزادين منذ مطلع العام الحالي ويتوقّع اليوم الأربعاء تنظيم أكبر مزاد لبيع الدولار هذا العام ما قد يقود الى تراجع الطلب وانخفاض سعر الصرف.
تصاعُد بالبنوك
ولحق التصاعُد بزيادة السعر بالبنوك السودانية برفع اسعار الدولار برفقة بقية اسعار الصرف، حيث بلغ متوسط سعر صرف الدولار 453 جنيهاً، بينما قام البنك المركزي بخفض سعر بيع وشراء الدولار اليوم، ما يعني أنه في الأغلب سيوفر الدولار بالمزاد بسعر اقل كثيراً عن السوق السوداء، حيث حدد سعر الدولار التأشيري عند 436.99970 جنيها، وارتفع سعر الريال السعودي الى 125 جنيها، والدرهم الإماراتي 128 جنيها، واليورو 572 جنيها، والجنيه الاسترليني 664 جنيها، والجنيه المصري 30 جنيها، والريال القطري 127 جنيها، والدينار البحريني 1250 جنيها.
سيطرة المُوازي
يقول المحلل الاقتصادي د. الفاتح عثمان، إنّ فكرة مزادات بنك السودان للنقد الأجنبي المخصصة لتمويل استيراد السلع من الخارج تقوم على إنهاء سيطرة السوق الموازي على تمويل الاستيراد وجعل البنوك هي الجهة الوحيدة التي تُموِّل الاستيراد، وبذلك تنهي بشكل شبه كامل دور السوق الموازي كبوّابة لتمويل واردات السودان، وأضاف: هذا هو ما سيؤدي إلى جعل البنوك الجهة الرئيسية لتلقي التحويلات المصرفية من قبل العاملين السودانيين في الخارج لما يؤدي الى استقرار في سعر الصرف للجنيه السوداني، وذكر: ليس من المتوقع هبوط سعر الدولار أمام الجنيه السوداني ولا هبوط أسعار السلع، وأشار إلى أن المطلوب من هذه السياسات تحقيق الاستقرار في أسعار السلع وفي سعر الصرف للجنيه السوداني والحيلولة دون انهيار سعر الصرف للجنيه، ونوه إلى ان الاضطرابات السياسية الحالية تهدد بتدمير تلك المكتسبات، واستطرد قائلاً: أدى إغلاق الميناء والطرق المؤدية له إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة، بينما أدت إجراءات 25 أكتوبر وما بعدها وعدم وجود حكومة تنفيذية حتى الآن، لتجميد الدعم من المانحين الدوليين وهي أمور إذا استمرّت ستؤدي إلى انهيار سعر صرف الجنيه السوداني وارتفاع متواصل في أسعار السلع وصعوبات بالغة في تمويل الدعم النقدي والخدمات مثل المياه والكهرباء.
فراغ حكومي
بدوره، يشير المحلل الاقتصادي، قاسم صديق، الى ان غياب الجهاز التنفيذي تسبب في تراجع الاقتصاد، وقال “البلد عايزة جهاز تنفيذي قوي ومع قليل من المساعدات تتحسّن”. واشار صديق لـ”الصيحة” إلى ان هشاشة السوق تجعله يستجيب لشائعة مُغرضة ويرتفع الدولار بشكل كبير ويرتفع الطلب عليه، موحياً بمواصلة الارتفاع، لافتاً لعدم إمكانية زيادة السعر الحر وانها لن تفيد وزارة المالية ولن توفر إيرادات، لان التضخم سيحدث تغييرات في التكاليف بصورة اكبر من الإيرادات الاضافية المتوقعة من زيادة الدولار الحر. وقال قاسم انه كان من المفترض ان تمنع مزادات النقد الأجنبي التي ينظمها بنك السودان المركزي هذه الزيادات الكبيرة في الدولار، لكنه استدرك بالقول إلا اذا كان البنك المركزي قد عوّض من مصادر أخرى النقص في عائد الصادر، واكد عودة ظاهرة تخزين الدولار لحفظ القيمة التي قد تكون سبباً أو لجوء الحكومة نفسها للشراء فتأخذ بيد وتعطي بيد، وأيضاً الاحتقان السياسي له دورٌ في تحويل مبالغ كبيرة للخارج.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة