للشهر الثالث على التوالي، يوالي معدل التضخم سلسلة الانخفاض، وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء فقد تراجع معدل التضخم لشهر ديسمبر إلى 318.21 مقارنةً بـ339.58 لنوفمبر، بانخفاض قدره 21 نقطة، بيد أن هناك تشكيكاً من خبراء اقتصاد في معدلات التضخم التي أعلنها الجهاز المركزي للإحصاء، منوهين أن الانخفاض لا ينسجم مع ارتفاع الأسعار بالأسواق.
وقال الخبير الاقتصادي استاذ الاقتصاد بعدد من الجامعات د. علي الله عبد الرازق، ان الناظر والمتابع لحالة الأسواق للأشهر الماضية، تستوقفه حقيقة ان ما يعلن عن انخفاض التضخم، ابتسارٌ غير حقيقى للواقع.
وقال علي الله لـ”الصيحة”، إن سياسات الإصلاح الاقتصادي والإجراءات الاقتصادية التي تتّخذها الحكومة ألقت بظلالها على أداء السوق بوصول سعر الصرف الى 465 جنيهاً في السوق الموازي، مقروناً مع إلغاء نظام الدولار الجمركي مُنتصف العام الماضي، وقبله تحرير سعر الصرف كاملاً وإلغاء الدعم عن بعض السلع الاستراتيجية، مضيفاً أن كل هذه السياسات والإجراءات انعكست سلبا على السوق وادت إلى ضعف وتدهور القوة الشرائية للمواطنين، مما ادى الى عزوف الكثيرين من المستهلكين عن شراء أبسط السلع والخدمات الأساسية.
واكد د. علي الله عبد الرازق علي الله أن ما أعلنه الجهاز المركزي للإحصاء، لا يمثل مؤشراً للتعافي الاقتصادي بالمدلول الاقتصادي الحقيقي، لكن أقل ما يمكن ان يقال عنه، إن اداء الاقتصاد السوداني وصل بالفعل الى مرحلة الركود التضخمي وما قد يسببه في الوصول بالاقتصاد قريباً الى مرحلة الكساد الذي بدأت آثاره واضحة متمثلة في تراجع مستويات الطلب الإجمالي عن العرض الإجمالي للسلع والخدمات في الأسواق حالياً.
ويضيف علي الله، من المعلوم بالضرورة، أن استمرار حالة الركود التضخمي لفترة طويلة، تفضي الى شيوع حالة من الكساد في الأسواق وهذا هو الماثل الآن بعد فقدان المستهلكين للقدرة الشرائية نتيجة تآكل دخولهم وثرواتهم، في الظن أن هذا ما تسبب في حالة انخفاض معدلات التضخم المعلنة مؤخراً وهذا لا يعني ان هناك تحسنا في اداء الاقتصاد، بل مزيد من الخنق.
غير أن الخبير المصرفي د. فتح الرحمن صالح يرى ان السبب الرئيسي لانخفاض معدل التضخم ليس لأسعار يتعلق بانخفاض الطلب الاستهلاكي العائلي بسبب انخفاض القوة الشرائية للجنيه وعدم مسايرة الدخول لمُستويات الأسعار وحدوث حالة انكماشية وليس ركوداً، وتوقع مزيدا من الانخفاض اذا استمرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية الماثلة. وقال “اذا واصل معدل التضخم في الانخفاض ووصل الى خانة واحدة بدلا من ثلاث خانات، فهذا يعني استقرار ارتفاع الاسعار، ولكن على مستوى اعلى من الطلب الفعلي”، مشيرا الى ان ذلك يؤثر على مستويات النمو الاقتصادي المستهدف ولا بد من سياسات حفز جديدة.
فيما يرى الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي ان الانخفاض كان متوقعاً، ويؤكد أنه ليس دليل عافية، وعزا ذلك لجهة أن الاقتصاد يدخل مرحلة أعمق من الركود، وتوقع عودة معدل التضخُّم للارتفاع.
الخرطوم: جمعة
صحيفة الصيحة