تصدق أنه مرت ثلاثه سنه فقط منذ سقوط البشير وابتعاد الاسلاميين عن المشهد ؟ فقط ثلاثه سنه !!! لقد حفرا خطوطهما على ملامح السودانيين وكأنهما عشرون سنةً ،،
تم فيهما دمارٌ كلِّ شئ ينفع الناس في السودان ، ثلاثه سنه عاد فيهما التعليم القهقرى ، وسيعود كما كان التعليم حصراً على الاغنياء وبعض المدن !
اغلقت المستشفيات ابوابها ، وإنكمش قطاع الاطباء ، فقد كان رأس الرمح في # تسقط بس ..وذقنا نحن منسوبوه خلال ثلاثه سنه طعم هذا السقوط ، كان مُراً وعلقماً وكأن هناك من يستهدف الاطباء خوفاً من صوتهم المسموع وصفهم الموّحد ،
إنهارت المستشفيات وتراجع الإعتراف بمجلس التخصصات الطبية الذي كان أحد أفضل المجالس الطبية في العالم وعمره حوالي عشرين عاماً فقط !! وإعترافاً بمهنيته وقوته فتحت لنا شهاداته أبواب العالم ، كليات طب كثيرة الآن في طريقها للتجفيف ألم يقل وزير التربية والتعليم أن أحد أهم أخطاء النظام البائد أنه فتح مهن مثل الطب والهندسة لكل من هب ودب !!
الآن سيعاقب كل من هب ودب هولاء حتي لا يدخلوا لهذه التخصصات حتي ولو أحرزوا ٩٦٪ !!وستجفف المستشفيات وأطباء كثيرون لن ينتظروا طويلا حتي تغدو شهاداتهم حبراً علي ورق ..ويصبحوا منافسين للبُصرا والمعالجين البلديين !!
أهما مجرد ثلاثة سنه؟!!!!
فقدت البلاد فيهما أمنها ، فما دامت أِمبرو وقريضة تتصارع مكوناتها وتتقاتل إختياراً وطمعاً فتضج بالسلاح وبالنار والموت فكيف تنام الخرطوم آمنة !! إذا مات الناس هناك فلا يمكن أن يظلوا أحياء هنا !! فقد الناس أمنهم في عاصمة كان أهلها يتفاخرون أنهم ينومون في ” الحوش ” .
في ثلاثه سنه تمت خلخلة جغرافية البلاد وعادت الجهويات وتم تهديد مستقبلها كدولة موحدة !!
في ثلاثة سنه عادت خرطوم الخمسينات والستينات ، فانتشرت الخمور والرزيلة والفسوق والمثلية والتحرش والجريمة !!
في ثلاثة سنه تراجعت مشاركة النساء ومكانتهن ، !! بعد أن كان تحديهن المشاركة السياسية والوجود في مركز إتخاذ القرار وصياغة المشروعات القومية والإقليمية وقيادة المؤسسات ، رجعن مجرد كومبارس يتم تذكرهن ليزيّن الصورة العامة ، وعادت موضوعاتهن منكفئة علي الذات وقضايا اللبس وسياقة الدراجات وحرية الرقص والهتاف!! وعاد وجودهن مرة أخري عبر صنف من قاع النساء إندثر نفوذه قبل سنوات ..مغنيات ومحظيات .
ثلاثه سنه دُمرت الطرق المرصوفة وشبكات المياه والكهرباء !! وأظلمت المساجد والشوارع !!
ثلاثه سنه ..فقط ثلاثه سنه أُفقرتِ البيوت وغادر المقتدرون للعواصم القريبة خوفاً من المجهول…
أما المغتربون فحالهم يغني عن القول …من جهة حكومتهم التي دعموها وساندوها ثم إكتشفوا أنها لا تملك لا فكرة ولا قدرة علي إحداث تنمية وعمران فهي عجزت حتي عن المحافظة علي ما وجدته من إنجازات ومشروعات بل دمرت كل شئ ، ولم تفكر إلا في جيوبهم كي تستنزفهم .
.تراجعت عن السياسات الإقتصادية والإعفاءات التي كسبها المغتربون خلال سنوات بجرة قلم ،، والمغتربون ….نحن …. ناس تسقط بس، أتت الكورونا وتدهور الأوضاع الإقتصادية في المهجر لتتركهم في حالة يرثي لها !!
ثلاثه سنه جف الزرع والضرع…وماتت البهائم والبشر !!
ثلاثه سنيين دُمر فيهما القضاء وسُحل القانون وشُنقتِ الأخلاق والمبادئ وتمكن فيهما أراذل القوم …ووقف المتشدقون عُراةً أمام التاريخ، بلا حياء !
ثلاثه سنه هزم الجيش وأجهزة امن البلد وشرطته ..وإنتصر أعداؤهم ، من حارب الجيش وترصّد بضباطه وجنوده ومسانديه وهُزم منهم شرّ هزيمة .. وسانده طغاة العالم وإستعصي عليه الفوز !! فاختار الإنفصال ..عاد اليوم عدو الأمس الذي لم ينس ثأره.. ليحقق نصره الموعود !! ليفكك الجيش ويبعثر السودان !! قديماً قال قرنق : لا حياة للجنوب طالما ظلت الخرطوم عاصمةً للحكم والادارة والثقافة !! لنكون علينا تدمير الخرطوم !! ” لوكا أبيونق” مساعد قرنق وعضو مفاوضات نيفاشا ووزير مجلس الوزراء بعد نيفاشا ، و إبن ناظر دينكا ابيلنق ..وشقيق زوجة ياسر عرمان ، الذي ضجّت كتاباته حتي بعد الإنفصال حقداً علي السودان وحرصاً علي تنفيذ وصية ملهمه قرنق! أتي لوكا مزهوا بالنصر عبر تكليفه بملف تفكيك واعادة هيكلة الجيش السوداني .. عدوه القديم بأمر امريكا والامم المتحدة ، ياله من إنتقام !!!
لقد إنتظر ليحقق ثأره ولم يحتج لكثير وقت !!! جنوب السودان ..عبر توت قلواك …إنتقم لما أعتبره ظلاماته التاريخية وحقق ثأره باتفاقيات السلام التي كان هدفهم فيها تحقيق رؤية قرنق ..”ليكون جنوب السودان ..ينبغي أن يدمّر شماله ويفكك لعدة دول” ورؤيته أن الجنوب لن يأمن إلّا إذا أشعل الولايات المتاخمة للجنوب لتبقى Buffer Zone منطقة عازلة…
ثلاثة سنين وعاد السودان الذي كان في قائمة أقوى عشر إقتصاديات إفريقية ، وكان ضمن أفضل ٧٥ إقتصاد عالمي ( بطلوا الدروشة وأقروا ..بكبسة ذر أفتح موقع البنك الدولي واقرأ الكلام دا..من سنة ٢٠٠٠/٢٠١٧)، بعد ثلاثة سنة فقط السودان هو ذيل القائمة إفريقيا ً بعده فقط أفريقيا الوسطى !!
خرج من كل تقييم …مجرد ثلاثه سنه ..جُرِّفت الدولة من كفاءاتها وخبراتها الذين أخذتهم الدول شرقاً وغرباً وفي الخليج وأفريقيا جاهزين مؤهلين !!!
وسلطوا علي كل من يجهر بانتقاد أو يقول الحقيقة سلطوا عليه سفاءهم ليسبوه.
مجرد ثلاثه سنه لم يبق بيت لم يفقد فيهما عزيز ولم يبق بيت ليس فيه مأساة …الا حملة الجوازات الاجنبية ..وموظفي المخابرات الإقليمية والدولية …
مجرد ثلاثة سنه ..مجرد ثلاثة سنه…. لكنها عجاف .. لطفك يا الله .
السودان يبدو وكأنه تحت الغضب الإلهي ..لطفك يارب
✍️ د. صلاح الدين أحمد