لم تظهر ملامحها بعد .. موازنة 2022 المصير المجهول

الحرية التغيير .. إعادة العلاقات الى قبل 25 أكتوبر

خبير اقتصادي: موازنة 2022 ستكون كارثية

عادل خلف الله: موازنة 2022 ستعتمد على الفقراء

هيثم فتحي: تغيير العملة ليس حلاً مع وجود التضخم

خبراء: الوضع الاقتصادي دون الدعم والمساعدات الدولية سيكون صعباً للغاية

على الرغم من أنه مرّ على العام 2022 أسبوعاً وحتى الآن لا توجد موازنة للعام الجديد ومن المفروض أن تكون موازنة العامة الجديد جاهزة قبل انتهاء 2021م، ولكن بسبب الواقع السياسي الذي تمر به البلاد ألقى بظلاله على ميزانية 2022 ولا يزال مصيرها مجهولاً بسبب تأخير تشكيل الحكومة منذ قرارات 25 أكتوبر وتوقع الخبراء الاقتصاديين بشأن هذه الميزانية تحديات ستواجهها في ظل تعقيدات المشهد السياسي وانتقد عدد من المحللين الاقتصاديين تأخير الميزانية التي من المفروض إجازتها قبل نهاية 2021 والتي لم تظهر ملامحها بعد. فما مصير تلك الميزانية 2022؟

إعادة العلاقات
قال عضو اللجنة الاقتصادية بمركزية الحرية والتغيير محمد نور كريم الله إن الوضع الاقتصادي الآن منهار بشكل كامل ويحتاج إلى معالجة الوضع السياسي عاجلاً وإعادة العلاقات الخارجية لما قبل الأحداث 25 أكتوبر إعادة بناء الاحتياطي من النقد الأجنبي والذهب ووقف نزيف تهريب الذهب، وحل مشكلة الشرق وفتح الموانئ لدعم وتشجيع الصادرات خاصة المحاصيل النقدية والثروة الحيوانية، إضافة لذلك إيقاف نزيف الحروب الداخلية وبتر أسباب المظاهرات الحالية لتلبية مطالب المتظاهرين للحد الذي يضمن استقرار البلاد. مؤكداً في تصريح لـ(اليوم التالي) أن الوضع الاقتصادي الراهن له دلالات سالبة على معيشة المواطن بسبب عدم الاستقرار السياسي خاصة بعد أحداث ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ .

ومتوالية المظاهرات الأسبوعية. وعدم استقرار الجهاز الإداري الحكومي بالفصل من الخدمة، ثم الإعادة، ثم الفصل مرة أخرى.. كل هذه العوامل تؤثر بالتأكيد سلباً على أداء القطاع الاقتصادي وبالتالي تؤثر على الخدمات والتنمية. وأن وقف أو تجميد المنح والقروض المبرمجة من الدول المانحة بعد أحداث ٢٥ أكتوبر الماضي خلق فجوة كبيرة في إيرادات الميزانية الحالية ٢٠٢١ للربع الأخير وستؤثر على موازنة ٢٠٢٢ ما لم يتم إصلاح سياسي وإداري حقيقي في أداء الدولة.. قلة أو وقف عائدات الصادرات بسبب الوضع الأمني بشرق السودان وقفل الطرق والموانئ أدى إلى إحجام المصدرين عن تصدير منتجات هذا الموسم أو التريث ربما تتضح الرؤية مستقبلاً وأيضاً عدم استقرار سياسة البنك المركزي السوداني وهدم ما تم بناؤه من الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية واحتياطي الذهب ما قبل الأحداث.. كل هذا سيؤدي الى انهيار سعر الصرف الحالي وبالتالي زيادة التضخم وقد بدأت ملامحه تبدو جلياً لعدم وجود حكومة تنفيذية مستقرة ذات رؤية وبرنامج اقتصادي تنموي واضح أيضاً له مؤشرات سالبة وعليه فإذا استمر الوضع السياسي والاقتصادي على هذا المنوال فإنني أتوقع اقتصاداً ركودياً تضخمياً Stagflation” ” لا مثيل له في السابق ولذا لابد للقائمين على الأمر تدارك المخاطر والعمل ليل نهار لحلها وعلى رأسها المشكل السياسي، العلاقات الخارجية، السلام الداخلي والهيكل الاقتصادي العام.

عجز وتحديات
يقول الخبير الاقتصادي دكتور هيثم فتحي إن هنالك عجز منذ خمسة أعوام
2017 كان 5 مليار دولار و2018 كان 4.37 مليار دولار و2019 كان 4.87 مليار دولار2020 كان 4.2 مليار دولار يلاحظ أن متوسط عجز الميزان التجاري خلال السنوات الخمس الماضية 4.568 مليار دولار وذلك يعني أن فاتورة الاستيراد أكبر من فاتورة الصادرات لأن الدولة ليست لها سياسة لترشيد الاستيراد وتحجيمه وليست لها رؤية لدعم الإنتاج والإنتاجية في السلع والخدمات ولم تتمكن من السيطرة على عائدات الصادر على قلتها ولم تنجح حتى الآن في الحد من تهريب الذهب. ويواجه الاقتصاد السوداني مرحلة صعبة، حيث سجلت البطالة ارتفاعاً قياسياً في ظل معاناة العالم ككل من تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد، التي ألقت بظلال سلبية واسعة على مختلف الأنشطة/ وقال هيثم في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الموازنة الحالية تخللتها الكثير من التغييرات السالبة، كرفع الدعم عن القمح، والخبز وإحجام المجتمع الدولي عن الالتزام بالمبالغ التي تم الوعد بها سابقاً. فكل المؤشرات الاقتصادية وواقع مظلم يتجلى في اقتصاد شبه منهار وإيرادات غير معلومة.

موازنة العام الحالي، ستتبع ذات المنهج السابق في 2021 بالمبالغة في تضخيم الإيرادات والمصروفات، ما يقود للتدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد حالياً، وحتى الآن لم تطلعنا الحكومة بكيفية تقليل عجز الموازنة وخفض الاستدانة من النظام المصرفي، والوفاء بتعويضات العاملين في الدولة، ومقابلة التزامات السودان الخارجية سواء في الهيئات الدبلوماسية أو الملحقيات العسكرية والعلاقات مع المنظمات الدولية عبر سياسة مالية ونقدية متفق عليها. مما يجبر الحكومة بالعمل بفرضيات غير واقعية بالنظر إلى مجموعة من المؤشرات السلبية التي تخنق مجمل النشاط الاقتصادي مع معاناة المواطنين من وقع الأزمات الاقتصادية التي انعكست على حياتهم نظراً لتردي أوضاعهم المعيشية ووقوع الآلاف منهم تحت خط الفقر في ظل انعدام الرؤية الاقتصادية وضبابية الإصلاحات الاقتصادية. لم تبين الحكومة الميزانية مسألة الحماية الاجتماعية، لأن هناك سياسات قد تزيد من الإضرار بالقدرة الشرائية للسودانيين.

موجهات موازنة 2022 تتطابق مع الموازنات السابقة للحكومة الانتقالية، ولم تعطِ أي بارقة أمل في انفراج الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السودان خاصة مع عدم الاستقرار السياسي والأمني والإداري لدولاب العمل في الدولة. لذلك لا أستبعد أن تستمر سياسة الاستدانة من النظام المصرفي لتغطية عجز الموازنة مما سيؤثر على سعر صرف الجنيه وأيضاً على التضخم، وهكذا فالموازنة للعام الجاري ستعكس أزمة الاقتصاد السوداني، وفي تقديري أن الوضع السياسي والأمني الذي يعيشه السودان غير قادر على إعطاء أي مؤشرات لكي نتوقع قراءة للموازنة، حيث أن الوضع السياسي الآن مضطرب مما يجعل توقعاتنا سالبة حول الموازنة خاصة عدم وجود إنتاج حقيقي وبيئة غير مشجعة للإنتاج والاستثمار وتراكم تحديات في الضرائب والجمارك والصادرات والنقل والتوزيع واستشراء الفساد المالي والإداري. الحكومة الانتقالية في حاجة لمساعدات كبيرة وعاجلة من العالم الخارجي.

اعتماد على الفقراء
وقال الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله، تحقيق موازنة الانقلابيين للعام 2022 لأهدافها والوفاء بالتزامات الدولة تجاه الشعب والعاملين، والالتزامات الخارجية، رهنها باعتمادها على موارد حقيقية ومن مصادر متعددة. وقال في تصريح لـ(اليوم التالي) إن رئيس الوزراء، بتوجه انفرادي، فرض سياسات اقتصادية غير مجمع حولها، وبدلاً عن حشد الموارد الداخلية والقيام بإصلاحات اقتصادية وإدارية حقيقية تعبر عن ذلك، إضافة إلى تحميل القوى والأنشطة التي تنامت ثرواتها ومواردها بالدعم والحماية والتسهيلات الحكومية، وبالإصلاح الضريبي واعتماد الضريبة التصاعدية المعمول بها في كافة الدول الرأسمالية، وأن هذه الحكومة تستخدم سياسات النظام المباد واعتماد الموازنة على المنح والهبات، ووعود الدائنين، وتحميل الفقراء والكادحين والمنتجين الصغار أعباء الإصلاح والإنفاق. ومن أجل ذلك تم تحويل السلع الأساسية، عالية الطلب، إلى مصادر لتمويل عجز الموازنة بالزيادات المستمرة لأسعار المحروقات والكهرباء والخبز، بعنوان رفع الدعم وبحجة عجز الموازنة، إضافة الى التوسع في الاستدانة. والممارسة أكدت أن ما تم لن يحل عجز الموازنة، بل فاقمه، وزاد معاناة السواد الأعظم من الشعب والمنتجين والباحثين عن العمل، وتدهورت خدمات الصحة والتعليم والإعداد المائي والكهربائي، ولذلك مضت موازنة انقلابيي قوى الردة للعام 2022 في ذات الاتجاه، مع ملاحظة توقع تراجع الإيرادات وتضخم الإنفاق جراء الفساد والمحسوبية، وتهريب المعادن والنقد الأجنبي، والترهل الوظيفي، وتراجع إيرادات الضرائب والجمارك، وفي مقابل الصرف المفتوح على شراء الوقت والولاءات السياسية وسط القوى الميتة والانتهازية.

تغيير العملة
قال هيثم فتحي أيضاً إن محاولات التدخل الحكومي عبر إزالة الأصفار أو تغيير اسم العملة ليس الحل، لكن مع وجود تضخم نقدي وانتشار العملات المُزورة وارتفاع معدل التهرّب وتحويل الأموال خارج البلاد من أهم الأسباب التي تدعو الآن لتغيير العملة السودانية للحد من الفساد المالي وبدء عصر مالي قوي جديد. تعتبر نسبة النقد المتداول إلى الناتج المحلي الإجمالى هي المقياس الأمثل لمعرفة ما إذا كان هناك ارتفاع بالنقد المتداول ومقداره وهذه النسبة لا ترتبط عكسياً بدرجة التقدم الاقتصادي أو الشفافية والانخفاض الشديد في قيمة الجنيه ورغبة من الحكومة في استعادة الثقة به وتخفيض تكلفة إصداره وتسهيل المعاملات، فالتضخم الجامح عمل على تآكل قيمة الجنيه إلى درجة دفعت الحكومة إلى إصدار فئات بقيم مرتفعة جداً إلى درجة مثيرة للاندهاش من فرط ارتفاع القيمة الاسمية لعملات ضعيفة القوة الشرائية، مما سبب ارتباكاً كبيراً وفقدان الثقة المحلية والعالمية بالجنيه وهو أمر يستوجب معالجة الأسباب الحقيقية للتضخم مصحوبة بإعادة تقييم الجنيه بإزالة أصفار أي استبدال عملة جديدة بالقديمة لتزيد قيمة الجديدة عن قيمة القديمة بدلالة عدد الأصفار المحذوفة، تغيير الجنيه يجب أن يكون مبنياً على فهم صحيح لأثره الممكن والنتائج التي يمكن تحقيقها من ورائه.

على طاولة الخبراء
يرى الخبراء أن الوضع الاقتصادي في البلاد من دون عودة الدعم والمساعدات الدولية سيكون صعباً للغاية، بل قد يشهد انهياراً حقيقياً في ظل وضع يشهد توترات متواصلة من ناحية الاحتجاجات والتظاهرات فضلاً عن كشف مفارقات الأجور بين المؤسسات الحكومية.

الخرطوم: رفقة عبد الله
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version