أول مرة قابلت فيها التوم موسى الشيخ هجو كانت في سبتمبر 2020 في فندق بيراميد في جوبا ، وكنت حينها ممثلا لمنبر البطانة الحر ومعي العمدة بدر الدين التركاوي ، في ذلك الوقت لم تتكون أي صورة للرأي العام عن التوم هجو ، لأن اتفاق جوبا الذي يتضمن مسار الوسط لم يتم توقيعه حتى ذلك الوقت ، جلست مع شيخ التوم بلا إنطباع مسبق مع معرفتي السابقة باليعقوباب ، وقليل من المعرفة العامة بشخصيته ، لذلك لم أكن أحمل أي تعبئة سالبة ضد شخصه ولا ما يمثل ، فكنت حريصاً على أن أسمع منه لا عنه كعادتي في التعاطي مع أي شخصية عامة وقد تعلمت من الصديق المهندس جمعة محمد علي (مهندس نفط من البطانة خلعته لجنة التمكين ووظفته بريتش بتروليوم في العراق) تعلمت من المهندس جمعة أننا حين نسمع ( من ) بعضنا نتقارب وحين نسمع (عن) بعضنا نتباعد أو كما قال ..
خرجت من لقائي بالتوم هجو بإنطباع (الزول الفالح) وسط جوقة من المتخبطين والسياسي بين الناشطين والواقعي بين المثاليين ، فكان مبدأه في قبول العشرة في المائة كمسار وسط أنه يدخل النادي السياسي الخرطومي (الكاشف) والذي أعيد تشكيله بعد الثورة ، فدخله وهو محمل بخبرة سياسية قاربت النصف قرن عاشر فيها عتاة السياسيين وأفذاذ النافذين حكما ومعارضة علي رأسهم الشريف حسين الهندي والإمام الصادق المهدي ..
عندما أقام منبر البطانة الحر مؤتمره التأسيسي في فبراير 2021 حضر التوم هجو وأعلن إنضمامه للمنبر ، وطوال شراكة المنبر معه ظل يتحدث عن المنبر في منابر الحكومة ومع مسؤوليها بطريقة أفضل مما يقوله أعضاء المنبر عنه ، وعندما جاءت مبادرة المنبر مع مسار الوسط بتأسيس تنسيقية الإقليم الأوسط ظل التوم هجو في كل إجتماع يحضنا على تأخير إعلانها لتحقيق مزيد من الوفاق والإجماع ، وعندما أعلننا التنسيقية في قاعة الصداقة تحدث وقال (أنا أمثل الغائبين ، أما الحاضرين فهم يمثلون أنفسهم ) وهذا في نظري أبلغ ما يمكن أن يقال في سياسة الأمور وإحتواء الخلافات ..
عليه فقد كان دخول التوم هجو للنادي السياسي بما يحمل من خبرة تراكمية مقلقا للناشطين فأختارو إسقاط صورته وتسفيه مسيرة نضاله السابقة ، ومن فعلوا ذلك يعلمون أنهم يقدمون صورة شائهة عن التوم هجو لجيل لا يعرف أن التوم كان من اكتر الشباب الذين ساندوا الشريف حسين عندما رفض المصالحة مع نميري في العام 1977 فكان الشريف يومها هو من قال لا في وجه من قالوا نعم ليمكث في المهجر ومعه مساعديه ومن بينهم التوم هجو بلا حتى جوازات سفر تمكنهم من العودة لبلادهم وفوق ذلك كان الأمن المايوي يترصدهم ويضيق عليهم المنافي ، دعك من هذا الماضي البعيد فصورة التوم (المتسلق الإنتهازي) تم تسويقها لشباب لا يعرفون التوم قبل توقيع اتفاق جوبا ولم يسمعوا حتى بشعار (أصوات بالكوم لي شيخ التوم ) والذي كان شعار حملته الانتخابية لولاية سنار في العام 2010 وكان منافسه أحمد عباس الذي فاز بإسم المؤتمر الوطني ، وفي نفس العام كان عبد العزيز الحلو يدخل منافسا لمولانا أحمد هارون في ولاية جنوب كردفان وكان شعار منسوبيه (النجمة أو الهجمة) ..
إذن هذه الأضاليل وحرق الأشخاص والإغتيال المعنوي وتسفيه النضالات هو رجس من عمل الكيزان والشيوعيين ، ومن بين الأضاليل مقال محمد محمد خير عن كراهيته للتوم هجو من أول نظرة الذي كتبه في العام 2011 تزلفا وقربى للمؤتمر الوطني بعد أن ترك الحزب الاتحادي ودخل في صفوف النظام ، وفي تلك الفترة ملأ محمد محمد خير صفحات الرأي العام بمقالات يبصق فيها على تاريخه الاتحادي ونضاله السابق وحتى من رافقوه في تلك المسيرة ، كذلك من بين ما راج مؤجرا في حفل شواء التوم هجو قصة الترابي حين أمر التوم هجو بتوزيع المصاحف علي قادة المعارضة فتجاوز التوم المرحوم نقد بحسبان أنه ملحد والقصة معروفة وهي أيضا مختلقة وموضوعة ..
يبقى أن التوم هجو سياسي يتعامل مع واقع موبوء بالتنميط والتجهيل والتغبيش ويدافع عن نظام هو أحد صناعه في حين يتقاعس الفاعلين الأكثر إستفادة من بقائه ، ويتقدم التوم ويخسر ليدفع فواتير كان يمكن أن يتحاشى دفعها بالإنزواء مثل كثيرين ممن ظلوا يراقبون الوضع حتى يرسى على بر ، لكن التوم رجل مقدام والإقدام قتّال ، فهو يمثل أكثر مما يبدر لذهن القارئ وأكثر من الوسط ، كما يمثل معظم الذين لا يقرؤون هذا المقال ولن يسمعوا به ..
يوسف عمارة أبوسن
9 يناير 2022