انتصار صالح خضر، خريجة جامعة الخرطوم كلية العلوم قسم علم الحيوان، تخصّصت في الأحياء الجزيئية والوراثة، نفّذت مشروع التخرج في المستوى الخامس حول دراسة نوع من “الثعابين” السامة بالسودان، بدأ اهتمامها بالثعابين منذ العام 2013م للزيادة في عدد ضحايا لدغات الثعابين سنويا.
تعمل محاضرة في جامعة الخرطوم متحف السودان للتاريخ الطبيعي وباحثة في مركز أبحاث الكائنات السامة، حصلت على الماجستير في عائلة الثعابين تُعرف بـ”الوشاشات”، حيث صنفت فيها خمسة أنواع…
كشفت في حوار لـ”الصيحة”، عن عدم وجود أمصال مصممة خصيصاً لعلاج سموم الثعابين السودانية، وعن ضعف الإمكانَات وافتقار البلاد لقائمة بأنواع الثعابين الموجودة والمصنفة بشكل دقيق…
نص الحوار:
*أنتِ مُروِّضة أم صائدة للثعابين؟
ـ أنا اصطاد الثعابين ولست مُروِّضة.
*كيف تصطادينها وهي فتاكة؟
ـ نسبةً لأن الثعابين تنشط ليلاً، فإني أقوم بعمل مسح نهاري لمعرفة أثرها ومخابئها، واستخدم لاصطيادها أدوات منها “القباضة” للإمساك بالثعبان وكذلك “أسطوانة” لإدخال العينة أو “جردل وعياشة” بالاضافة لـ”بطارية” للإضاءة وهي معدات ضرورية للتأمين.
*ما أنواع الثعابين الموجودة بالسودان؟
ـ عموماً توجد عائلتان من الثعابين غير سامة هما “اب دفان ـ والأصلات”، حالياً لدينا نوع واحد من الأصلات وهو “الأصلة الجبلية الأفريقية” وهذه منتشرة على مستوى السودان لكنها تواجه تهديد جراء الصيد الجائر للحصول على الجلود، بالتالي أعدادها في نقصان مما يتطلب الوعي للمُواطنين ومكافحة المهددات، لأن الصيد الجائر يتسبّب في خلل للنظام البيئي.
*ماذا عن الثعابين السامة؟
ـ لدينا ثلاث عوائل شديدة السُّميّة وهي “الوشاشات” العادية وتوجد منها ثمانية أنواع منتشرة في كل السودان، بالاضافة الى النوع الذي تم تسجيله لأول مرة على مستوى العالم في 2018 وهي المسؤولة عن مُعظم اللدغات لكنها غير قاتلة، ومن الأنواع ثعبان “أبو قرون” في الولاية الشمالية في منطقة “القعب” غرب دنقلا وهو يُفضِّل البيئة الصحراوية والرمال، وتوجد داخل العائلة ثعبان “النوامة “منتشر في غرب السودان “جنوب كردفان والنيل الأزرق والقضارف” وهو المسؤول الأول من عدد الإصابات باعتباره أشد الأنواع سمية.
هل بالسودان كوبرات؟
ـ توجد “الكوبرات” وهي أربعة انواع، فخلال عملي أمسكت بيدي نوعين واشتغلت عليهما تصنيفاً، وهما “الكوبر االنوبية” التي توجد في الولاية الشمالية وفي الخرطوم وبحري وفي الغرب، وهي تمتاز بقدرة عالية على “بصق” السم على بُعد ثلاثة إلى خمسة أمتار للتمكن من الهجوم على الفريسة فتؤثر على العيون وتتسبّب في الحساسية، بعكس “الكوبرا المصرية” التي لا قدرة لها وهي تنتشر في شرق السودان وكسلا والقضارف والبحر الأحمر والدندر، لكن يحدث لها تهجين في حدود الشرق مع إريتريا وإثيوبيا فأوجد نوعا مختلفا شديد السمية وهذا أحدث مشكلة حالياً في كسلا، حيث إن المصابين يتناولون جرعات عالية من المصل دون استجابة.
*ماذا تضم العائلة الثالثة من الثعابين؟
ـ اسم “أبو دفان الأسود” وهي تضم نوعين ينتشران في القضارف والدندر وسنار، ومسؤولان بشكل مباشر من الموت الذي يتعرّض له الناس هناك، وأبو دفان الأسود يسمى أبو لكاز وسماه الإنجليز بـ”أبو عشرة دقيقة” فهو لا يمهل المصاب سوى عشر دقائق ليتوفى بعدها وهذا النوع يؤثر على القلب مباشرة والرئة والدماغ.
*هل لسموم “الوشاشات والكوبرا” أثرٌ صحيٌّ ممتدٌ؟
ـ طبعاً، فالوشاشات تتسبب في سيولة الدم، حيث يبدأ الجسم في نزيف مستمر من المخارج وأيضاً تحدث فشل كلوي وورم، اما الكوبرات سمها يؤثر على الجهاز العصبي ويحدث شللا وضعفاً في العضلات التنفسية ثم الموت بالاختناق، كما يغلق مجرى التنفس ويحدث تشنجات ثم الدخول في كومة.
*ما النوع الأكثر الذي يتسبّب في عدد الإصابات بالسودان؟
ـ اكثر الاصابات تأتي من عائلة الوشاشات واخطرها تأتي من النوامة، واكثر اللدغات تأتي من الكوبرا النوبية، وهناك نوع ثالث اسمه كوبرا الجنوب أو الغابات وهي الأخطر وتأتي من الجنوب، أما أبو دفان فهو رقم واحد ولكن لدغاته محصورة في مناطق معينة وهو أقل وجوداً لكن سميته أعلى.
*من ناحية وبائية، ما هي المناطق المهددة بلدغات الثعابين؟
ـ في آخر دراسة تمت، وجدنا أن ولاية القضارف كانت اكثر المناطق وبائية بلدغات الثعابين لأنّها قريبة من الحدود الإثيوبية والإريترية بالإضافة الى انها منطقة زراعية في المقام الأول وتوفر موائل للثعابين.
*هل توجد ثعابين متوسطة السمية؟
ـ نعم وهي ثماني عوائل وتمتاز بالطول وسرعة الهروب وهي توجد في معظم انحاء السودان، منها “دبيب الطير ـ أبو قرن ـ أبو سعيفة ـ أبو زريق ـ خاطف لونين ـ سراب الدموع ولحاس الدموع” وغيرها من الأسماء السودانية المذهلة، طبعاً كل الثعابين السامة أنيابها أمامية عدا المتوسطة سمية فأنيابها خلفية وفريستها طيور وضفادع وسحالي وغيرها من الكائنات الصغيرة.
هل توجد إحصائية بحجم المصابين بلدغات الثعابين؟
ـ توجد احصائية تعلنها وزارة الصحة سنوياً المستشفيات، ففي آخر إحصائية 2020م اتضح أن القضارف أعلى الولايات ولم يكن هناك توضيحٌ، لمشكلة في المعلومات الصادرة من المستشفيات والتي عُرفت بعدم الدقة، لذلك نحتاج لربط توزيع الأنواع بعدد الإصابات لمعرفة الأعلى حتى نتمكّن من توفير مصل متخصص.
*البعض يعتمد على الأعشاب في مكافحة سم الثعبان؟
ـ هذه مشكلة كبيرة أسهمت في ارتفاع عدد الوفيات مما يتطلب إيجاد وسائل أخرى، وهو ما جعلنا نعمل على دراسة تعتمد على الاستبيانات، توصّلنا خلالها لمعلومات أظهرت وصول أنواع من الثعابين إلى مناطق لم تكن متوفرة فيها سابقاً، كما اتضح ارتفاع في عدد الإصابات، حيث تُوجد مناطق بعيدة تفتقر للمستشفيات والأمصال يعتمد فيها المواطنون على العشابين والطب البديل وهم يتسبّبون في قتل المصاب مما يستدعي نشر ثقافة العادات الضارة ومُكافحتها.
هل سم الثعبان مُفيدٌ؟
ـ يتكوّن السم من بروتينات وانزيمات، وهذه هي المسؤولة عن الأثر الذي يظهر على المصاب ويحدّد به الخلايا السرطانية، والسموم لها أثر على البكتيريا وتُستخدم كمُضاد حيوي يقتل البكتيريا، كما يُصنع من السم المصل المُعالج.
حوار: انتصار فضل الله 8يناير2022م
صحيفة الصيحة