تكتبه د. نجلاء المكابرابي
(1)
لعل الناظر الى السودان ومراقباً له منذ قرون طويلة يجد أنه يمثل دولة المعاناة الأولى، والصراعات السياسية المستمرة، والانقلابات العسكرية المتكررة وهي حتماً ألقت بظلالها على استقرار الدولة السودانية وتكوينها القوي الذي يجب أن يكون،
وأيضاً دولة الأيديولوجيات المختلفة والأحزاب المتعددة التي أصبحت الآن من وجهة نظري المعيق الأول في تطور البلاد لانشغالهم بالصراع الحزبي وترك قضايا الوطن والدولة، لتمثل قضاياه من وجهة نظرهم، البحث عن الكراسي والمناصب والحكم الذي يفتن القلوب كما تفتن النساء الرجال، وإثارة الصراعات السياسية، وبالنظر الى ذلك يصبح السودان مقبرة لشباب المستقبل الذي يدفع ثمن هذه الصراعات والخلافات السياسية المتجددة بتجدد الفعل السياسي في السودان.
(2)
عفواً ما يمارس الآن من عمل سياسي هو فوضى خلاقة تزعزع الأمن القومي الذي يعتبر أهم محور ارتكاز للدولة وهو خلل كبير في إدارة شأن البلاد بوعي ودراية في ظل كل التغيرات التي مرت غضون السنوات الثلاث الماضية، الى أن وصلت الى حكومة انتقالية وليست انتقائية في من يديرونها بخبرة ومعرفة مدراء التغيير الخبراء في إدارة الأزمات، وأصبح السؤال المقلق الآن هو السودان الى أين؟؟
الى أين وشبابك بين زندانين، المخدرات كمهدد وتحدٍ قديم، تجدد الآن بقوة لسهولة توزيعه وأنواعه وأشكاله، والزندان الآخر هو الخروج للتعبير عن تظاهرات في ظاهرها سلمية وفي باطنها إيادٍ خفية تبطش بالبلاد واستهداف خارجي ملحوظ بإثارة الفتنة الداخلية وزعزعة الأمن من خلال الاستفزاز للقوات النظامية التي تعتبر الحامي الأول والسند القوي والحصن المنيع للسودان وشبابه الثائر الضائع، الذي كما أقول دوماً مسيس وسيظل هكذا ريموتاً في أيدي الساسة والسياسيين، ولعبة شطرنج السياسة، (كش يا ملك).
(3)
من خلال ما ذكرت أقدم دعوة أولى لكل الشعب السوداني الحبيب أن يصبر ويربط على قلبه ويحتمل كما احتمل كل الفترات الحاكمة الماضية من أجل الوطن، ويقود هذه الفترة المحدودة بشراكة فهي انتقالية وليست دستورية فعلية، مهمتها الأساسية تسليم الحكم الى حكومة منتخبة فقط وليست للمحاسبة وعدم الاقتناع بها، والدعوة الثانية الى من يحكمون الآن بكل مكوناتكم العسكرية والمدنية رفقاً بالشباب فهم أساس البقاء للسودان وجذوته التي لا تنطفئ وهم عماد الحرية والسلام والعدالة، والدعوة الثالثة للأحزاب السياسية أن استعدوا لمعركتكم القادمة ورتبوا صفوفكم واتركوا إثارة الفتن والانصياع وراء الغرب وأي تدخل خارجي من أجله إضعاف البلاد.
والدعوة الأخيرة لكل العالم أن يتركونا وشأننا، فالسودان قادر على تجاوز كل أزماته بإرادة وطنية قوية ووجود فعلي واضح، بكل مكوناته البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية الناهضة.
صحيفة اليوم التالي