الشواني: مالذي يقتل السياسة اليوم؟

ما يقتل السياسة هو كل ما يحولها لعنف، لرفض وإقصاء، وهذا ما تقوم به (الشعبوية الليبرالية) السائدة اليوم، سمة الشعبوية الأبرز هي أن تتخذ الجماهير موقف عاطفي ونفسي وجمعي يعبئها لقضية محددة بلا تمحيص ولا تفكير، شعبوية اليوم معبأة ضد العسكر، ضد المحافظين، معبأة بعبارات وهمية مثل (مدنيااااو) وبخطابات الحقوق والحريات والعولمة، هذه التعبئة العاطفية تعبئة غير مفكر فيها وبالتالي هي شعبوية من ناحية بمضامين ليبرالية من ناحية أخرى، وهذا ما تعكسه جميع أشكال التعبير السياسي والجماهيري.

في عمق هذه الشعبوية يكمن شر عظيم، وعنف لا نهائي، وفوضوية مدمرة، وغباء جمعي لا نظير له. وقبح غير محتمل، هذه حالة منزوعة القيم والأخلاق والنبل وبذلك فإنها تقتل السياسة، وتقتل أخلاق السياسة وتدفع البلاد لحلول أمنية وعسكرية ومواجهات ثمنها كبير لن يتحمله الكثيرون، هذه الحلول القمعية والعسكرية التي ينفذها (دولجية) جدد ستكون قتل آخر للسياسة. وبذلك فإن ما نشاهده اليوم من ثقافة سياسية وما نتوقعه من قمع هما وجهان لعملة واحدة.

دوما ثمة أمل، مالذي نفعله نحن سوى صناعة الأمل والتأكيد على وجوده الحتمي! الأمل يتمثل في نقيض كل ما ذكر، يتمثل في تجاوز الشعبوية الليبرالية العنيفة ماديا ومعنويا ببديل هو الحوار والتفاهم، لابد من دعم كل ما يحفز الحوار طويل الأمد، الحوار الفكري والسياسي الذي يصنع هويات جديدة للفاعلين غير هوية (الزومبي). ثم الأمل في كتلة فعالة من السياسيين الوطنيين الذين يفهمون بدقة كيف نمارس الحرية وكيف نحافظ على الدولة في ذات الوقت.

هشام الشواني

Exit mobile version