“محجوب عروة / قولوا حسنا”
أهم ما أنتجه هذا الحراك الشعبي الكبير أنه أعاد السلطة الحقيقية والقرار السليم في القضايا المصيرية إلى الشارع الذي يتظاهر بالملايين و لم ولن يتوقف حتى يحقق أهدافه متمثلة في الدولة المدنية الديمقراطية والذي من المؤكد أنه سيؤدي إلى تغيير ما في البلاد ، نرجو أن يكون الأفضل.. هذا الحراك لا ينتمي لأى حزب ، بل يؤكد أولاً فشل ونهاية الوثيقة الدستورية التي كرست اختطاف طرفين لثورة ديسمبر منها المدني والعسكري وتغييب متعمد للثوار خاصة وغالب الشعب فكان هذا الفشل.. وثانياً يعكس هذا الحراك أن النخبة السياسية التي أدارت الفترة السابقة لم تكن مؤهلة لقيادة وحكم البلاد وبالتالي لا تستطيع انجاح متبقي الفترة الانتقالية ويتعين البحث عن قيادة وحكام جدد.. وثالثاً فشلت أكذوبة وخطأ مقولة أن التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتماد على المجتمع الدولي والإقليمي هو الذي ينقذ الاقتصاد السوداني بل حدث العكس تماماً بل أن ما كان يقدم مجرد استدراج للوطن والثورة من أجل إحكام السيطرة عليه..
ثم ثبت عملياً أن ما تسمى الحركات المسلحة التي احتكرت عملية السلام عبر اتفاقية جوبا إنها لا تملك السيطرة على إقليم دارفور والدليل ما يحدث الآن فيه من اقتتال وموت بالمئآت..كما ثبت أن بقية الحركات مجرد فقاعات سياسية تمارس الابتزاز لا غير..
وثبت أيضاً فشل نصف الانقلاب الذي حدث في 25 أكتوبر مثلما لم ينجح اتفاق 21 نوفمبر في تجاوز حالة الاحتقان السياسي بل زاده تعقيداً لدرجة عدم القدرة على تكوين الحكومة مثلما فشلت جميع القوى السياسية وتأكد رفض الشارع لها جميعاً باعتبارها أحزاباً وقيادات فاشلة فمن المؤكد سيؤدي ذلك إلى وضعية سياسية جديدة.. والسؤال هو في ظل عدم توقف الشارع عن الحراك من جانب يقابله تصلب قيادة الدولة العسكرية وضعف وتطرف وفشل الأحزاب وعدم قبولها الحوار تبقى المشكلة متى وكيف يتم هذا التغيير هل سيكون سلمياً أم كما حدث في بلاد عربية صارت مثالاً للفوضى والحروب الأهلية العبثية والتدخلات الخارجية؟
ترى ما هي الحلول المناسبة؟ في تقديري يجب أولاً تجاوز الوثيقة الدستورية القاصرة التي أنتجت ما نحن فيه. وثانياً يجب أن يتداعى الجميع لمؤتمر دستوري من قادة الشارع الثوري ومن الخبراء المستقلين فلا يترك لأحزاب فاشلة حتى لا تتحكم أحزاب مجهرية ضعيفة القواعد بقيادتها التي تفتقر للخبرات فتعيد اختطاف الثورة كما فعلت خلال العامين السابقين تحكمت ومارست الانتقام والابتزاز والظلم بل الفساد المالي .. هذا المؤتمر الدستوري يجب أن ينعقد فوراً قبل فوات الأوان ، ويجب أن يفرضه غالب الشعب ولا يتعدى انتاجه الشهر ، ويجب أن تستجيب له كل القوى السياسية وقيادة الجيش ممثلاً في مجلس السيادة الذي يجب ألا يفرض رأياً خلال انعقاد المؤتمر الذي يجب أن يقرر في كل القضايا الخلافية وعلى رأسها ثوابت الثوار ممثلة في مدنية وديمقراطية ودستورية ولا مركزية الدولة وكيف تحكم متبقى الفترة الانتقالية ومن يقودها على مستوى الجهازين السيادي والتنفيذي وكيف تستكمل المؤسسات الدستورية والمفوضيات وكيف ومتى تجري الانتخابات الذي يجب أن يتفق الجميع على نظام وقانون الانتخابات الذي يفضل أن يكون بنظام القوائم في المستوى الاتحادي لا نظام الدوائر الجغرافية الذي فشل..
أما القضية الكبرى التي تتعلق بالاقتصاد فأتركها إلى الغد..
صحيفة السوداني