تكتبه د. نجلاء المكابرابي
* أصبح معروفاً أن صيغة الحكومة الانتقالية، فشلت في أداء وظيفتها بصورة مرضية بالسودان، فالانقلابات التي حدثت خلال السنوات الثلاث الماضية دلت بوضوح على عدم رضا الشعب السوداني بذلك مما جعل لغة الشارع هي الحراك الثوري والتظاهرات الداعية الى التغيير والمدنية كمطلب مستمر.
* لقد تم إرجاع فشل الديمقراطية في السودان لأسباب عدة ومتنوعة قد تكون منسجمة بعض الشيء، لكنها غير متناغمة كما هو في الغرب، فالديمقراطية غرس بطيئة النمو، تحتاج الى تربة خصبة خالية من الاستبداد والطغيان على مرّ الزمان، والبحث عن بيئة مهيأة محمية من العوامل السياسية الخارجية التي تعتبر أكبر معوق في ازدهار وتطور ديمقراطية حقيقية بالسودان، ولتحقيقها يجب أن يكون هنالك تعاون مشترك بين مكونات العمل السياسي بالبلاد، ونبذ القبلية العنصرية والسياسية، والشعور بالمسؤولية لتحقيق الإرادة المشتركة، وكما قال ابن خلدون، عالم الاجتماع الشهير: (كل عربي يعتبر نفسه جديراً بالحكم)، وبالإضافة للعوامل السوسيولوجية، والفسيولوجية السياسية، كل ذلك ينبئ بعدم انتعاش الديمقراطية بالسودان لأن الأسس الاجتماعية والاقتصادية غير قائمة بعد، مثل التنمية الاقتصادية، قيم التعاون المشتركة وغيرها.
* ولعل ممارسة الديمقراطية في فترة انتقالية يؤكد فشلها، لأسباب منطقية منها، غياب القيم الديمقراطية تاريخياً، والتعقيدات السياسية والبحث عن عدالة اجتماعية وسلام شامل وحرية في دولة تضج بالأزمات والتغيرات الأيديولوجية، لذلك يصبح مستحيلاً، وهنالك سبب يعتبر من أهم الأسباب وهو الاستهداف الخارجي المستمر للنيل من السودان واقتصاده وموارده والتدخل في شؤونه الداخلية وإثارة الفتن بين مكوناته السياسية وزعزعة الاستقرار بكل أجزائه.
* ومن خلال كل ما ذكرت نحتاج الى تحريك الطاقات الفكرية والخبراء في كافة المجالات لا سيما السياسية والاقتصادية منها، ونحتاج الى تكافل اجتماعي متين، ورؤية استراتيجية موحدة وإرادة وطنية قوية، وحراك شعبي كبير نحو التنمية والنماء ونحتاج لقيادة انتقالية تهيئ المسرح السياسي لممارسة الدور الديمقراطي الحقيقي في الانتخابات القادمة، وإعلاء صوت الوطن عالياً لأنه ينادينا وبحَّ صوته.
صحيفة اليوم التالي