عصف ذهني خطير ظل يمارسه المواطن السوداني من أجل التوافق مع الظروف الاقتصادية القاهرة، وبين توفير احتياجات قفة الملاح، وصرف الحد الادني من مستلزمات التعليم والصحة، سقطت الكثير من الأسر السودانية في مادة الاقتصاد رغم اجتهادات البعض بامتهان مهن هامشية لرفع حالة الحرج، شرائح واسعة من الموظفين لجأت الى المراوغة عبر (امتطاء عربة الترحال) لتوسعة الرزق غير ان الزيادة التي طرأت على المحروقات هزمت الفكرة، آخرون في الضفة الأخرى اضطروا لترك الوظيفة بفعل إختلال الهيكل الراتبي.
وفي ذروة تلك الضغوط يظل معاش الناس مؤشراً لقياس درجة نجاح او فشل الحكومات.
توقف الخبز المدعوم
إختلال المصروف وإرتفاع تكاليف قفة الملاح
على نحو مفاجئ أمسكت الحكومة عن تدفق الدقيق للمخابز الامر الذي وجد رفضاً واسعاً من الاسر محدودة الدخل وبالمقابل حذر مراقبون ومحللون اقتصاديون من مغبة المتاجرة بقوت الشعب لجهة ان المعونة الامريكية تهدف لرفع المعاناة عن المواطن وبالتالي يجب ان يتم توظيفها لخدمة المواطن، وشدد مراقبون على ضرورة ان تسارع الجهات المختصة بتمليك الحقائق للمواطن حول الاسباب التي أدت الى توقف الامداد كل تلك الفترة دون ان تكشف الحكومة عن مبررات توقف الدعم خاصة ان تسريبات كشفت عن ثمة خلافات نشبت بسبب تراكم مديونية مطاحن الغلال التي اضطرت للتوقف عن الطحن جراء تراكم المديونيات على الحكومة، كل تلك التسريبات نتج عنها شكوك ومظان حول حقيق توقف الخبز المدعوم، ووفقاً لافادات بعض المواطنين الذين تضرروا من توقف الخبز المدعوم ان توقف الخدمة تسبب في اختلال في مصروف الأسرة اليومي وأصبح من الضرورة بمكان ان تعيد الحكومة النظر في توقف امداد المخابز المدعومة بالدقيق.
ارتفاع بدائل الخبز
الاستاذة ابتهاج محمود تقول حول وقف الدقيق المدعوم إن قفة الملاح استعصت عليها، وأوضحت انها كانت تستقطع مبلغ 400 جنيه من جملة المصروف اليومي 2000 للخبز خلال اليوم على ان تتحايل على باقي المبلغ 1600في شراء الاحتياجات الأخرى الخاصة بقفة الملاح من عدس وفاصوليا وزيت وسكر ،لكن عقب توقف الرغيف المدعوم حسب إفادتها قالت إن كل المصروف اليومي 2000 تشتري به الخبز التجاري، وأوضحت ان تكلفة بدائل الخبز من كسرة وقراصة صارت مكلفة جدا بعد ان ارتفعت أسعار الحبوب الغذائية من ذرة رفيعة وقمح ودخن، وأردفت، هنالك ضروريات أخرى مثل الفحم في ظل انعدام غاز الطهي، ومضت، بصراحة توقف الخبز المدعوم فاقم من اوضاع الاسر من حيث الصرف ،وشددت ابتهاج على ضرورة ان تسارع الحكومة في معالجة الخلل في مسألة الدقيق المدعوم رغم ان الدقيق المدعوم في الآونة الأخيرة دارت حوله كثير من الشكوك والمظان حول جودته.
أردب ود عكر والفتريتة
خوجلي التوم الذي يعمل فراناً في احدى المخابز بالحاج يوسف هو الآخر اشتكى من إرتفاع اسعار الخبز التجاري واوضح انه أكثر المتضررين من توقف الدقيق المدعوم وقال كنا نأخذ عشرون رغيفة عندما كان المخبز يعمل بالدقيق المدعوم، ولكن عقب توقف الدقيق المدعوم تحول المخبز للعمل في الخبز التجاري، وأوضح ان عقب هذا التحول أوقف صاحب الفرن المنحة تماماً واصبحنا نأخذ أجرة اليوم حاف دون رغيف مما اضطررنا الى شراء ما نحتاجه من خبز بحر مالنا الامر الذي ضاعف من التكاليف المعيشية للعاملين بالمخبز، وتابع عدد من العاملين توقفوا عن العمل جراء حالة الركود التي يعاني منها المخبز عقب عمله في الخبز التجاري ،وجراء ذلك قام صاحب المخبز بخفض الايدي العاملة، كل الذي نطالب به هو ان تسارع الحكومة في استئناف العمل بالدقيق المدعوم من أجل المساهمة في خفض تكاليف المعيشة التي أصبحت تشكل بعبعاً يهدد حياة واستقرار كثير من الأسر، وقال التوم ان بدائل الخبز هي الأخرى أصبحت لا تطاق وبعيداً عن المتناول ،كاشفاً عن اسعار بعض المحاصيل والحبوب وجزم ان سعر اردب الفتريتة وود عكر تجاوز مبلغ 30 الف جنيه، ناهيك من اسعار الذرة الأخرى من (طابت) وقمح وخلافه.
تباين في أسعار الخبز التجاري
عضو شعبة المخابز بخاري عبدالكريم قلل من الحديث حول ارتفاع الخبز التجاري ، وأوضح ان تباين الاسعار يخضع الى جودة الخبز ومكوناته وقال هنالك أنواع من الخبز تجاوز سعره مبلغ ال150 جنيهاً، واردف هذه الاصناف من الخبز تباع في السوبر ماركت على مرأى ومسمع السلطات لذلك يصبح سعر الثلاثون جنيهاً للخبز التجاري مقبولاً مقارنة مع اسعار بعض اصناف الخبز الفاخرة الأخرى، وتابع: صحيح ان أسعار الخبز المدعوم في المتناول لكن هنالك ملاحظات حول جودته فيما يتعلق بنسب الاستخلاص لكن يظل توقف الدقيق المدعوم محل شك ومظان خاصة ان عدداً كبيراً جداً من الاسر السودانية ظلت تعتمد عليه في وجباتها وان توقفه زاد من الاعباء االمعيشية لتك الأسر المتضررة من وقف دعم الخبز .
تجار يشتكون من انعدام السيولة وركود بالأسواق
جأر تجار بسوق بحري بالخرطوم بالشكوى من انعدام السيولة لفترة طويلة مما اصاب بضائعهم بالكساد، وأرجع التجار حالة الركود التي ضربت الاسواق الى تراجع مستوى المعيشة لعداد كبيرة من الاسر السودانية، وقال التاجر الفضل مصطفى ان رأس ماله تآكل بشكل متسارع وأصبح جزء كبير منه مستحقات وديون واجبة السداد بطرف آخرين، وأوضح ان عدداً من كبار التجار المعروفين بالسوق تم حبسهم جراء فشلهم في سداد بعض الشيكات، وأردف، تجار آخرون اختفوا في ظروف غامضة بسبب تراكم الديون عليهم، ونوه الفضل الى ان غياب السيولة رفعت من معدل ظاهرة الكسر وسط التجار من أجل الحصول على الكاش.
إعداد وإشراف/ عبدالرحمن حنين
صحيفة الجريدة