عثمان ميرغني يكتب تسليم وتسلم..

تسليم وتسلم..
لو مضى الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي قدماً في استقالته، ونفذ ما ظل يلوح به منذ أكثر من أسبوع، فإنه يكسب مرتين، الأولى يريح نفسه من وعثاء المنصب المحاصر بالشدائد، والثانية يفتح الطريق لشخص آخر ربما يفتح الطريق أمام السودان لنهضة يستحقها الشعب السوداني.

بعد انتصار الثورة ثم توقيع الوثيقة الدستورية وإعلان اسم د. عبدالله حمودك مرشحاً حصرياً لا منافس له لمنصب رئيس الوزراء كتبت هنا أكثر من مرة أسأل من الحكمة في حصر المنصب على مرشح واحد جاءت به جهة واحدة، وسألت (أين وجد حمدوك استمارة التقديم للمنصب؟) وكنت أقصد أنه ربما هناك سودانيون كثر بالداخل و الخارج لهم مزايا شخصية وعملية تسمح أن يكونوا مرشحين أيضاً لشغل منصب رئيس الوزراء في هذه المرحلة الحساسة، فلماذا نغلق الترشح على رجل واحد فقط؟ رشحته جهة واحدة فقط.

وقلت في حيثيات سؤالي، أن اقتصار قائمة الترشيح لمنصب رئيس الوزراء على اسم واحد فقط سيجعله في مقام الرجل الذي لا بديل له، فإن غاب عن المشهد لأي سبب طبيعي أو غير طبيعي فالفراغ سيبدو مخيفاً، لكن في حال أن كانت كل المناصب مفتوحة على مصراعيها للمنافسة، فإن أي شخص ينال المنصب سيكون هو خيار من خيار من خيار، بدلاً من أن يكون “واحداً من واحد”، وسيكون دائماً في الخاطر الجماهيري أن هناك أسماء أخرى جاهزة لتحل محله في حال لا قدر الله أن خرج بالقدر المحتم على كل إنسان أو خرج بكامل طوعه مستقيلاً أو حتى مرغماً مقالاً..

الآن الدكتور حمدوك تارة يعتزم وأخرى يلوح بالاستقالة، فإذا استقال أو بقي في منصبه فإن العبرة ليس بالشخص بل بلزوم أن يكون هذا المنصب المرموق قائماً على أعلى درجات الشفافية والمنافسة بين جميع بنات وأبناء الوطن، فالسودان الذي عانى كثيراً من عبادة الأشخاص وبابوية الزعامة حق له الآن أن يرتقي في توصيف القيادة لتصبح “دُولة بين الأقوياء منكم” لا حُكم “الأوصياء فيكم”.
وفي كل الأحوال العبرة بمن يستطيع أن يخدم شعبه أكثر في هذه الوظيفة القيادية، ليس هناك أية عواطف أو مجاملات لأن نتائج ذلك يدفع ثمنها الشعب السوداني الذي ينتظر تحقيق أحلامه لا أحلام الساسة السياسية.
بحمدوك أو بدونه يجب أن يتغير نمط القيادة، من حاكم منزه من الحساب والمحاسبة إلى خادم تحت أمر الشعب محاسب على كل دقيقة تمضي من عمر الوطن بلا إنجاز.

صحيفة السوداني

Exit mobile version