رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه أفضل الأولين والآخرين، وأفضل خلق الله أجمعين.
جعله الله عز وجل خاتم النبيين بلسان عربي مبين.
وصفه رب العزة فأغناه عن كل وصف حين قال في كتابه العزيز (وإنك لعلى خلق عظيم) سورة القلم آية رقم ٤.
وهو بهذه الصفات العظيمة، فهناك صفات لم يتصف بها عليه الصلاة والسلام منها أنه كان لا يقول الشعر، وفي ذلك تنزيه للقرآن الكريم.
فقد قال الله تعالى ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن كريم) سورة يس آية رقم ٦٩
عدم تعليم رسولنا الكريم للشعر لم يكن ذلك تقليلا لقيمة الشعر.
فقد عرف عن حسان بن ثابت رضي الله عنه بأنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال له رسولنا الكريم (اهجهم وروح القدس معك) بمعنى أن الشعر سلاح من أسلحة الدفاع عن الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم لا يقرض الشعر.
وفي هذا ما يدل على أن من الأعمال ما اختص بها البشر دون الأنبياء يدافع بها عن الإسلام.
ومن حديث حسان رضي الله عنه يمكن تقسيم الأعمال إلى قسمين.
قسم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يبدل ولا يزاد ولا ينقص ولا أحد يستطيع ان يأتي بأفضل منه ولا مثله ولا يستطيع المسلمون أن يستغنوا عنه في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة.
يسلمون به ويطيعونه ويحفظونه من كل تحريف.
وقسم خاص بجميع المسلمين سبقه عليهم الصحابة رضوان الله عليهم يتأسون بهم منافحين ومدافعين عن هذا الدين كل في مجال إبداعه وقدرته.
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يؤلف شعرا، ولم يردده، وإنما أقر بأهميته بدليل حديث حسان.
إن عمل حسان رضي الله عنه هو الذي من طبيعته الابتكار والتجديد والتطوير.
بحيث يتطور كل ما هو مبدع وداعم لهذا الدين.
الشاهد من حديث حسان بن ثابت رضي الله عنه أن هذا الدين يدعم بأمور لم يفعلها ولم يقلها رسولنا الكريم.
إن السنة القولية ثابتة لا تتغير، وكذلك السنة الفعلية، فلن يثبت إلا ما قاله وفعله الرسول الكريم، وكل اهل السنة يجمعون على عدم تبديل او تغيير او تحريف السنن القولية والفعلية لرسولنا الكريم.
دعمنا للدين بوسائل جديدة وبإبداعات جديدة يتم من خلال الإبداعات والمواهب الإنسانية.
فما قاله وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن بحال من الأحوال ان نأتي بأفضل منه أو بمثله أو أن نعدله أو أن نضيف عليه .
واجبنا نحوه القبول والتسليم والطاعة.
نجدد ونضيف ونبدع لترسيخ هذا الدين متأسيين بالصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه، وهو الذي أخذ فعله من رسولنا الكريم.
الإبداع بالطبع لخدمة هذا الدين ليس شعرا فقط.
بل كل ما هو متاح في هذه الحياة الدنيا تحكمنا القاعدة الفقهية (الأصل في الأشياء الإباحة).
الاهتمام بهذا الجانب يجعلنا نساهم في تقوية هذا الدين، وذلك بجعله معاصرا يتفاعل مع كل القضايا المعاصرة.
فكل ما لا يتعارض مع شريعتنا الغراء، فهو يدخل في دائرة الشعر الذي يحتاج إلى إبداع وابتكار، وسوف يكون حال كل مبدع هو حال حسان رضي الله عنه( اهجهم وروح القدس معك).
وهي ليست أمرا هامشيا وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم به وطبقه الصحابة رضوان الله عليهم.
مخطئ من يظن أن ديننا عبارة عن عصاة يحملها أعمى إن يمين فيمين وإن يسار فيسار.
مخطئ من يظن أن ديننا لا يحتاج لمبدعين في المجالات الحياتية.
مخطئ من يظن أن ديننا منحصر فقط في الحفظ وعدم التحريف.
الحفظ وعدم التحريف يتمثل في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث لا قول ولا فعل بعد قول وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا قمة الخير لنا.خ
فمن يقل ومن يفعل بعد الصادق المصدوق؟!
أما إبداعات ومواهب البشر فهي خاصة بالبشر تتقدم بالابتكار والتجديد والتغيير كل يبدع في مجاله.
فإن كان مجال حسان رضي الله عنه الشعر، فإن آخر مجاله العلم الطبيعي، وآخر مجاله السياسة كل حسب مجاله.
لا أحد يستطيع أن يضيف إلى السنة شيئا فهي مكتملة.
الإضافة تدخل في عمل حسان بن ثابت رضي الله عنه.
تفاعل المسلمون مع الطفرة العلمية دراسة وممارسة وابتكارا.
وفاقوا اهلها في الممارسة حيث كشفت الدراسات أن استخدام المسلمين للتقنية من هواتف وسيارات وأثاثات وأجهزة تحكم عن بعد أنها في بلاد المسلمين أكثر منها في بلاد الغرب.
واستطاعوا بعناية فائقة أن يجعلوها في خدمة دينهم وشعائره.
فما بالهم وهم فعلوا ذلك أن يتخلفوا سياسيا.
لماذا لم تزل شعوبهم تسير كما القطيع سياسيا؟
هل سبب ذلك دينهم؟
كلا.
وإنما سببه استيلاء حفنة من الطغاة على كراسيي الحكم حيث جعلوها وراثة يرثوها كابرا عن كابر.
مما أحدث هذا الفراغ السياسي الكبير.
إن كان الشعر سلاحا يصد به الأعداء، فكذلك بقية الجوانب البشرية ومنها الجانب السياسي.
قيم (الحرية والسلام والعدالة) التي يرفعها السودانيون شعارا لثورتهم تحتاج لمبدع ليسترشد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اهجهم وروح القدس معك).
فروح القدس مع كل من ينافح عن هذا الدين.
فمع التسليم والحفظ للسنة النبوية الشريفة هناك ايضا وسائل الإبداع والإضافة والتجديد.
فالإبداع والمنافحة عن الدين ليس شعرا فقط.
فكل مبدع وموهوب سوف يجد في مجاله ما يدعم به هذا الدين أسوة بحسان بن ثابت رضي الله عنه.
إن الفراغ السياسي الذي حدث في منطقتنا أنبت لنا نبتة غريبة اسمها (داعش).
حتى ومن يعتقد أن هذه النبتة صناعة غربية، فإنها وجدت التربة التي جعلتها تنبت في منطقتنا الإسلامية.
وما من أحد يعتقد بأنه لا أثر ولا ضرر من الفراغ السياسي.
فكما حفظ المسلمون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والتقريرية ووعوها بلا تحريف.
فكذلك ينبغي ان يتبنوا أعمالا تحتاح إلى مبدعين ومهرة في جميع المجالات، وعلى مر الأزمان حتى يواكبوا العالم سياسيا واقتصاديا.
فليس المسلمون وحدهم من يحتاج لهذا الدين، فالعالم كله في ضياع وهلاك إن لم يعتنقه.
ولكي يعتنقه لا بد أن يكون المسلمون أقوياء.
أقوياء في عقيدتهم أقوياء في تطبيقهم للسنة القولية والفعلية والتقريرية .
حينئذ سوف تنعكس الهجرة، فبدلا من أن تكون إلى الغرب، فسوف ترجع وتكون إلى الشرق، وفي الشرق الشرق الإسلامي.
صحيفة الانتباهة