“محجوب عروة / قولوا حسنا”
لماذا يتسبب القائمون على ثورة ديسمبر وهم ( الموقعون على الوثيقة الدستورية) في إجهاض أعظم ثورة سودانية سلمية في بلادنا أشاد بها العالم؟ لماذا يعاقبون الشعب عامة والثوار خاصة ولا يقابلون الشهداء والجرحى والمفقودين وفاءا” بوفاء.
أقول ذلك وقد مر على ثورتنا عامان دون أن نحقق طموحات الشعب ، أضعناها في الصراعات حتى وقعت الواقعة في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، ثم شهران من دون تكوين الوزارة فأصبح لا يدير البلاد إلا وكلاء وزارات مختلف حولهم وولاة مكلفون لا يتمتعون بالصلاحيات الكافية فهل يعني هذا أننا أصبحنا دولة فاشلة مثل دول قامت فيها ثورات انتهت إلى فوضى واغتيالات وحروب عبثية بتدخلات خارجية أم ماذا؟ هل يرجع السبب في أن الوثيقة الدستورية التي اتفق الموقعون عليها كانت وثيقة قاصرة واقصائية لم نحسن كتابتها أو لعل السبب في نوازع النفس والحزبية القاتلة التي ما أن استتب لها الأمر إلا وطفقت تعمل على تمكين نفسها ، كل الهم التوزير ونسوا أحلام الشعب والثوار؟
ترى ما السبب في عدم تكوين وإعلان الحكومة بوزراء أكفاء ، هل بسبب عدم وجود شخصيات تتمتع بالكفاءة وعدم الحزبية؟ أم بسبب ضغوط يتعرض لها د. حمدوك لا يستطيع لها رداً ولا إرادة؟ أم لعله بسبب اعتذار من تم ترشيحه للوزارة لأنه لا يرى فائدة فيما يجري؟ مهما يكن فسواء هذا أو ذاك السبب فان المسئولية السياسية الأخلاقية تقتضي من د. حمدوك أن يخاطب الشعب بالحقيقة كاملة وبكل الشفافية ليقرر الشعب ما يراه مناسباً.. فإن كان السبب عجزاً منه أو يأساً مما يحدث حوله فأكرم لدكتور حمدوك أن يعلن ذلك للشعب مصحوباً باستقالته ليترك الفرصة لغيره ربما أكثر كفاءة أو قدرة وقوة على مواجهة المواقف الصعبة والضغوط ولا يخشى لومة لائم..
الموقف لا يتحمل المجاملات في حق الوطن فما يحدث في بلادنا أمر مخجل حقاً لا يشبه ثورة عظيمة كثورة ديسمبر بل هو فضيحة بجلاجل لا ندري على وجه الدقة من يدير هذا الوطن حقيقة، هل هو المكون العسكري أم المدني؟ أم هي جهات خارجية استطاعت بقوتها السياسية أو الابتزاز المالي والخداع خلال عامين أن تصبح هي المسيطر على مقدرات بلادنا؟ الشعب يريد أن يعرف الحقيقة فلا تخفيها يا دكتور حمدوك فالتاريخ لا يرحم والديان يعرف السر وأخفى..
من باب الموضوعية كل ما ذكرت أعلاه يمثل سلبيات واضحة، ولكن الجانب الإيجابي فيما حدث فلا شك أن تأخر تشكيل الحكومة طيلة هذه المدة يعكس أن هذا الوطن رغم ما يعتريه من خلافات وصراعات وفوضى إلا أن الأداء في دولاب العمل في مرافق الدولة والقطاع الخاص والبنوك يسير بصورة طبيعية، وأن هناك قدر كبير من الحريات والممارسة الديمقراطية لدرجة أن الحكومة تسمح بالمظاهرات الضخمة لدرجة يعكسها التلفزيون الحكومي، ورغم ذلك النقد الحر العنيف في الصحف لما حدث في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي فهذا يعكس قدراً واضحاً من قوة الدولة السودانية ولنقارن ذلك بما يحدث في دول عربية أخرى.. لهذا يجب أن نحافظ على تماسكنا ووحدتنا وارادتنا وحريتنا، بل يجب أن نسعى لمعالجة ما يحدث بتقديم المصلحة العامة وليس مصالحنا الضيقة فهذا أكفل لوطن يجب ألا يصنف في خانة الدول الفاشلة فيفقد أهم خصائصه الفريدة..
صحيفة السوداني